باريس, يوليو (آي بي إس) - إذا تجولت في "بوليفار بيلفيل" في باريس والشوارع المحيطة. به، ستري أنها مكتظة بأناس من كل الأشكال والألوان، يرتدون مختلف أنواع الثياب الغربية والأفريقية والأفغانية والباكستانية. لكنك لن تري برقعا واحدا.

ولو سألت تاجر الملابس "الإسلامية" كما تسمي، ما إذا كان لديه أي برقع للبيع، لأجابك ضاحكا "نعم، في المخزن... لم أنجح في بيع برقع واحد حتي الآن".
وهنا قد يراودك السؤال: لما يريدن حظر البرقع إذن؟... أين البرقع الذي يرديون منعه؟.
فقد تعلم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أعلن أنه لا مكان للبرقع في فرنسا ولابد من منع إنتشاره. وبالتحديد، قال في 22 يونيو مخاطبا مجموعة من المشرعين: "البرقع ليس رمزا دينيا. البرقع علامة علي إخضاع المرأة. وأود أن أقول رسميا أن البرقع لن يُرحب به في أراضينا".


وكان بعض المشرعين قد أعربوا عن قلقهم مما يعتبرونه تزايدا في عدد النساء اللائي يرتدين البرقع، لا بمحض خيارهن وإنما بسبب ضغوط رجال الدين الأصوليين حسب رأيهم، وألحوا علي ضرورة أن يتصرف البرلمان الفرنسي في هذا الشأن.

بيد أن إنهماك الحكومة الفرنسية في النظر في كيفية حظر إنتشار البرقع وإحتمال منعه، والأقوال الرئاسية في هذا الشأن، قد أثار جدلا عاما بل ورد فعل من جماعة أشهرت أنها فرع القاعدة لشمال أفريقيا وأعلنت علي موقع شبكي أن هذا الموقف الفرنسي هو حرب علي المرأة المسلمة وأنها، أي الجماعة، سوف ستنتقم منه.

فقالت الحكومة الفرنسي أنها متأهبة ضد الإرهاب. لكن العديد من المواطنين الفرنسيين يعتبرون أن هذه القضية مفتعلة وغير ضرورية، ومحاولة لتحييد إنتباه الأهالي المعلق علي الأزمة الإقتصادية.

فصرح معاون إجتماعي فرنسي طلب عدم الكشف عن هويته "في آخر ثمان سنوات، ربما رأيت إمراة واحدة فقط ترتدي البرقع... ولعلمك فأنا أعمل في حي مهاجرين".

وأضاف لوكالة انتر بريس سيرفس "أعتقد أن الحكومة تحاول أن تخلق مشكلة حيثما لا توجد لكي نتوجه بعقولنا بعيدا عن الأزمة المالية.. لكي نلتهي بالحديث عن البرقع".

ويذكر أن عدد المسلمين المقيمين في فرنسا يبلغ خمسة ملايين مسلما. وهناك توترات بينهم وبين السلطات حول عدة أمور، ويخشي أن تتسبب قضية البرقع في تصعيدها.

وهنا أكد جان-ماري فاردو، مدير الفرع الفرنسي لمنظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية العالمية أن "أي حظر (للبرقع) من جانب الدولة، سوف يأتي بنتائج عكسية، ويضع النساء في وضع أضعف مما هن فيه بالفعل عندما تُجبرن علي إرتداء البرقع أو النقاب”.

وشرح لوكالة انتو بريس سيرفس أن حظرا من هذا النوع "سوف يمثل تقييدا لحرية التعبير ولحرية العقيدة، فنحن نعلم أن بعض النساء يرتدونه بمحض إختيارهن".

ونبه إلي أن "قرارا من هذا النوع من الحظر أنما يستهدف فقط المسلمات، وبالتالي فسيعتبر تفريقا وتمييزا مزدوجا، أي من معيار المساواة ومن منظور الدين. ليس من إختصاص الدولة أن تقرر نيابة عن النساء".

هذا ولقد هرع الصحافييون إلي الأحياء "المتعددة الجنسيات" لاتعرف علي رأي المسلمين في البرقع، بالإحاح كثيرا ما سبب مضايقات .

فيقول حفنوي الذي يدير متجرا لبيع الملابس والكتب الإسلامية "كل هذه هو مجرد دعاية سياسية. فرنسا لديها مشكلة مع الإسلام. إنهم يريدون تحييد إنتباه الناس عن المشاكل الوطنية، وبالتالي خلقوا عدوا". وأضاف أنه لم يري أي برقع "ما عدا علي شاشة التليفزيون".

فسارع آخرون في الإنضمام إلي الحديث. وتساءل رجل "لماذا لا يتحدثون عن البنات المسلمات اللائي يقعن ضحية المضايقات والسب والشتم امن الفرنسيين بسبب ملابسهن".

وتدخل حفناوي ليشرح أن المقصود من إستخدام كلمة "برقع" هو إثارة نوع من الصدمة، فهناك كلمات أخري مثل "نقاب" مثلا. الحكومة تستعمل كلمة "برقع" لربطها بفكرة الإرهاب. إنهم يدركون أنهم يدفعون بذلك المناخ المناهض للإسلام نحو المزيد من التفاقم".

فأضافت سيدة ترتدي ملابس سوداء وغطاء رأس أسود أنها تخجل من التردد علي بعض الأحياء التي تعتقد أنها ستعترض علي ملابسها. وقالت "من الزائف القول بأن هذا النوع من الملابس سجن للمرأة. لقد أخترت لنفسي أن أرتديها".

وذكرت متحدثة لإنتر بريس سيرفس أن هناك بعض النساء اللائي ُيجبرن علي تغطية الرأس، وأن أقلية ضئيلة منهن يضطرن إلي إرتداء البرقع.

وأكدت أنه "لا يوجد فارق كبير بين إجبار المرأة علي إرتداء ملابس بعينها، وبين منعها من إرتدائها”.(آي بي إس / 2009)

 

 

بقلم أليسيا ماكينزي/وكالة انتر بريس سيرفس

JoomShaper