خلال الأيام الأخيرة أثيرت في عدد من الصحف بشكل مبالغ فيه، يدعو لكثير من علامات الاستفهام، قضية "زواج الصغيرات" ، وأخذت هذه الصحف ترصد عدد من الزيجات التي تم فيها زواج فتيات صغيرات، منددة بهذا السلوك ومطالبة بسن قوانين تجرم الزواج من الفتاة دون سن الـ18 عاما.
هذه الحملة التي تشنها عدد من الصحف, يدفعنا للاستفسار لماذا هذا الوقت بالذات لإثارة هذه القضية؟ فقد مضى أكثر من 15 قرناً من الزمان والمسلمون يتزوجون بلا حاجة إلى قانون لتحديد سن الزواج، وكانت الأسرة المسلمة هي الأسعد والأفضل ونسب الطلاق هي الأقل؛ مقارنة بغيرها من المجتمعات الأخرى، فما هي النازلة الجديدة التي وقعت لتدفع الصحف إلى هذه الحملة المحمومة.
نعم هناك بعض الزيجات الفاشلة وغير المناسبة قد تقع من وقت لآخر، ليس نتيجة لصغر الفتاة؛ ولكن نتيجة لطمع الولي وعدم مسؤوليته وتزويجها لغير الكفء، لكن تبقى هذه حالات شاذة ونادرة لا يمكن القياس عليها، فهل يعقل من أجل بضع حالات أن نجرم 15 قرنا من التماسك الاجتماعي والأسري، ونهدر مصالح حقيقية وراجحة لآلاف الفتيات؟ فهناك مصالح كثيرة تتحقق جراء زواج الفتاة وهي صغيرة؛ فقد تكون يتيمة لا عائل لها، أو فقيرة، أو لظروف تحتاج فيها إلى محرم لها، أو نحو ذلك.
كما أن الدراسات الأمريكية أكدت أن أفضل سن لإنجاب المرأة يتراوح بين 14 – 21 عاماً، وأسوأ فترة للإنجاب تبدأ من الثلاثين، على خلاف ما يعتقده البعض من أن السن الصغيرة لا تقوى على الحمل والتربية.. وإلا فكيف أخرجت أمهاتنا القدامى أجيالاً من العلماء والقادة والسياسيين وغيرهم؟! فالأم كانت مدرسة تربوية رغم صغر سنها.
وما تتناوله وسائل الإعلام بشكل من التضخيم عن بعض حالات الزيجات الفاشلة؛ نتيجة لظلم من بعض الأولياء أو تزويجها لغير الكفء، يجب أن يعالج بالطرق الشرعية من خلال اللجوء للقضاء كغيرها من المشاكل التي تنجم عن سوء استخدام الحقوق، لا أن يعالج بسن قوانين هي أعظم ضرراً وفساداً على المجتمع والأسرة، ولا يرتفع بها الضرر المحذور.
والفيصل في التأهيل للزواج هو الكفاءة والقدرة على الزواج وتحمل مسؤولياته وليس السن، لقوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج .. " ، والكفاءة والقدرة على الزواج المقصود بها القدرة المادية والنفسية والفسيولوجية. أي القدرة بجميع أنواعها، وهي متغيرة من شخص إلى آخر، ولا ترتبط بسن معينة، وكم من رجال كبار في السن، و لا يتحملون المسؤولية ولا يحسنون التصرف..
كما أن هناك صغار السن يحسنون التصرف، وتحمل المسؤولية فتستقر حياتهم، فالعملية نسبية متغيرة وليست ثابتة.
إننا لا يمكننا تفسير هذه الحملة الشعواء المطالبة بتحديد سن معينة لزواج البنات، سوى أنها نوع من الأزمات المفتعلة لتنفيذ أجندة غربية؛ تدعو إليها المنظمات النسوية الغربية وأذنابها في الداخل، التي لا تريد بنا خيرًا، إنها دعوة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
لها أون لاين