روضة عبد الحميد
النوم في العراء بعد الزلازال زاد مخاطر الاغتصاب
يبدو أن مرارة التشرد وفقدان الأهل ليست كافية على أهالي هاييتي المنكوبة، فأضيفت لها مرارة الاغتصاب الذي حرم الناجين من الحلم بفرصة جديدة لحياة عادلة؛ حيث كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن زيادة حوادث الاغتصاب التي يتعرض لها النساء والفتيات في هاييتي بعد كارثة الزلزال وبلوغها نسبا وصفتها بالمفزعة.
وصرح الطبيب السويسري أوليفيا هاجون لجريدة "لي تيمبس" السويسرية أنه قام بعلاج فتاة عمرها 12 عاما على الأكثر من تمزق مهبلي نتيجة اغتصاب عامل الإنقاذ لها؛ وذلك بعد قيامه بإخراجها من تحت الأنقاض مباشرة!
فوضى أمنية
أكد التقرير الذي نشرته مؤخرا وكالات إغاثة بارزة، أن الوضع الأمني غير المستقر بعد الزلزال ساعد على هروب آلاف السجناء؛ ما ساعد عصابات إجرامية شديدة الخطورة على إعادة ترتيب صفوفها؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة مخاطر السرقة، والاعتداءات التي يتعرض لها نساء كثيرات فقدن الحماية بعد مقتل أزواجهن أو إخوانهن.
جاء ذلك بعد تحذير ماريو أندريسول قائد الشرطة الوطنية للجنة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد يوم واحد من وقوع الزلزال، من أن رجال العصابات ومهربي الأطفال قد يحاولون استغلال الفوضى الناجمة عن الكارثة لتصعيد أنشطتهم الإجرامية.
بديل مؤقت
وفي وصف للتدابير الأمنية التي اتخذتها القوات الرسمية، أكد شيلاها كاتي مانجويس، منسق برنامج المرأة المدعوم من صندوق التنمية الإنمائي بالولايات المتحدة، أن تلك التدابير وحدها لا تكفي، مضيفا أن المشردين من الرجال والنساء لجئوا إلى القيام بعمل دوريات ببعض المخيمات كبديل مؤقت لدور الجيش، مستعينين بأسلحة بدائية (سكاكين وقضبان حديدية) للقبض على أي معتدين؛ ما أدى إلى إحباط محاولة اغتصاب لفتاة تبلغ 14 عاما في 29 يناير الماضي.
وفي نفس السياق، ذكرت مارتين جوسيل (24 عاما) من مخيم "تي" الذي يأوي 3000 من اللاجئين، أنها بذلت جهدا كبيرا لإقناع بعض الرجال لتشكيل فرق أمنية لحراستهن، قائلة: "بعد الزلزال أصبنا بحالة من الذعر بسبب كثرة الأحاديث عن الاغتصاب والسرقات بالمخيمات الأخرى، وأضافت: لا نرغب أن نتعرض للاغتصاب مثل من تعرضن له وعانين الكثير، فطلبنا من الرجال حراستنا".
رعاية محطمة
وتأكيدا على تداعيات الفوضى الأمنية وتأثيرها على معدلات الاغتصاب، أعلنت سارة سبنسر، منسق اللجنة الدولية للإنقاذ، أنه على الرغم من أن معدلات العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في هاييتي من أعلى المعدلات بالعالم، لكنه بعد الأزمة أصبح النساء والأطفال أكثر عرضة للاعتداء بشكل مزعج جدا، في الوقت الذي يركز المجتمع الإنساني على الطعام والماء، في محاوله لتوفير الحماية للمرأة.
وأكدت أن مراكز المساعدات عمدت إلى توصيل الطعام والماء للمناطق الفقيرة بعد امتناع النساء عن الخروج لجلب الطعام؛ خشية تعرضهن للاعتداءات أثناء الرحلة اليومية التي قد تستمر حتى حلول الظلام.
وكانت الأنباء قد أشارت إلى تحطم معظم مراكز رعاية ضحايا الاغتصاب جراء الزلزال، وعدم توافر التجهيزات اللازمة لمعالجتهن؛ الأمر الذي دعا لجنة الإنقاذ الدولية إلى إنشاء مركزي صحة للمرأة بمنطقة "بورت أوبرانس" الأسبوع الماضي؛ لإمداد ضحايا الاغتصاب بأدوية معالجة لإنقاذ حياتهن؛ مثل العقاقير التي تقي من فيروس الإيدز، والذي يعاني منه أكثر من 5% من السكان البالغين بهاييتي.
الاغتصاب.. سلاح سياسي!
وكان الاغتصاب قد استخدم كسلاح سياسي خلال التمرد المسلح الذي أطاح بالرئيس جان بيرتاند في فبراير 2004 على يد مجموعات من الرجال المسلحين، وقد ظلت النسبة مرتفعة من حينها حتى الآن، على الرغم من أنه قد تم تجريم الاغتصاب في 2005، لكنه بقي من الجرائم المسكوت عنها؛ خوفا من الفضيحة والعار؛ حيث يمتنع معظم الضحايا عن الإبلاغ؛ لضعف ثقتهن في نظام القضاء الجنائي.
إسلام أون لاين