ترجمة: يوسف وهباني
ظلت المرأة الغربية تكافح من أجل نيل المساواة، واعتقدت أنها نالت ما تريد في أوروبا في عام 1919م، حيث صارت مثلها مثل الرجل في كل الحقوق والواجبات الخاصة بإنسان أوروبا، ولكن في الحقيقة حتى الآن لم تصل المرأة في أوروبا لما تبتغي الوصول إليه في جميع المجالات، وهذا ما أظهرته ملخص مداولات يوم المرأة العالمي الذي انعقد بمدينة إسطنبول التركية.
فالمرأة الأوربية تعاني من عدم قبولها في مجال العمل والخدمة العامة، حيث تبلغ نسبة الرجال بالنسبة للنساء نحو 71%، ونسبة بطالة النساء تفوق نسبة البطالة لدى الرجال بصورة كبيرة، ونسبة الفقر لدى النساء تفوق نسبة الفقر لدى الرجال، وجاء في مداولات يوم المرأة العالمي، أن تعدد سكان الإتحاد الأوربي نحو 490 نسمة، فإذا بلغت نسبة النساء نحو النصف فإننا نجد نحو نسبة " 23%- 30% " من النساء بأوروبا يعملن في مجال العمل السياسي.
وحتى نسبة تمثيلهن في برلمان الإتحاد الأوربي الحديث التكوين لم يزد عن 30%، وهذا في حد ذاته يمثل أعلى نسبة مشاركة سياسية لهن في أوروبا، وفي كل بلدان أوروبا تمثل المرأة في الكيانات السياسية بنسبة بسيطة جدا ولا ترقى للمستوى المطلوب.

أما في المجال الاقتصادي والتجاري ففي أكبر الشركات العاملة في أوروبا تبلغ نسبة مشاركتها في مجالس الشركات التنفيذية نحو " 1: 10".

و أفكار الرجال في أوروبا لم تتغير منذ القرون الوسطى عن المرأة، حيث يعتبرها الرجل قليلة القدرة على اتخاذ القرار المناسب وخاصة في المناصب العليا، وتطالب المرأة  بضرورة أن تتضمن مقررات التعليم بعض الجوانب التي تضيء هذا الجانب المظلم في فكر الرجل الأوروبي، وأن تعمل تلك المناهج على تشجيع المرأة على ضرورة ولوج هذه المجالات بلا خوف ولا وجل.

إن مفهوم مساواة المرأة للرجل ليس في مفهومه مقاومة للرجال، وإنما المرأة تقاوم من أجل نيل حقوقها العادلة في جميع المجالات، وحينما ننال تلك الحقوق بالتالي سوف ينعكس هذا إيجابا على أطفالنا وأزواجنا.

إننا لا نشجع على الخصومة في المقاومة، وإنما نطمح لعملية التصالح الاجتماعي بين الجنسين، بحيث يعمل الرجل على تشجيع المرأة لنيل حقوقها سواء في دولاب  العمل العام أو السياسي أو التجاري والاقتصادي.

وعملية التصالح الاجتماعي يجب أن تشمل مجال الرعاية الأسرية للأطفال وضرورة المشاركة المرنة لمؤسسة الزواج بحيث يساعد الزوج زوجته في بعض الأشغال المنزلية بحيث يعملا على استغلال أمثل للزمن.

العنف ضد المرأة والأطفال:
وفقا للإحصائيات التي أصدرتها منظمة أمنستي الناشطة في هذا  المجال، إن المرأة والأطفال في أوروبا يعانون من سوء المعاملة، والتي تصل لحد الضرب المبرح والذي بدوره غالبا ما يؤدي للوفاة.
ونسبة الوفيات من جراء حوادث العنف الأسري مرتفعة جدا بأوروبا، بحيث إنها فاقت نسبة الوفيات المصابين بداء السرطان، وإننا ندرك أن معظم الأزواج  الأوروبيين يعاقرون الخمر والمخدرات، ويأتون لمنازلهم وهم تحت تأثير الخمر مما يؤدي لإساءته لإفراد أسرته، وحينما يصبح الصباح يجد جريمته ماثلة أمامه سواء أكانت متوفاة أم مصابة إصابة بالغة.

نحو 99% من النساء الأوروبيات يعمدن لإخفاء إساءة أزواجهن خوفا من انهيار الأسرة، ويضعن عذرا لأزواجهن بأنهم ليس في كامل وعيهم وإنهم تحت تأثير الخمور.

المرأة الأوربية  ومشاركتها في المجال السياسي:
في محاضرة ألقتها المحاضرة الإيسلندية أيسن أي سلك أولفساتير عن حقوق المرأة السياسية في روما، جاء فيها: رغما عن نيل المرأة الأوروبية حقوقها السياسية منذ عام 1919م؛ إلا وإنها ما زالت تراوح مكانها ولم تتقدم تقدما ملموسا في هذا المجال! حيث نجد تواجدها في قمة الهرم السياسي قليلة جدا ولا تكاد تذكر، وتحدد أيسن أن نسبة مشاركة المرأة في جنوب وغرب أوروبا في تناقص وانحدار مستمر، بينما تشهد دول البلطيق"السويد والنرويج وفنلندا " تزايدا مستمرا في نسبة مشاركة المرأة في المجال السياسي، فمثلا في السويد نجد أن نصف وزراء الحكومة من النساء، بينما نجد نسبة النساء في الحكومة الإيطالية لا تتراوح نسبة 8% فقط .
ونجحت بعض الدول الأوربية في نسبة مشاركة النساء، حيث استطاعت إسبانيا رفع نسبة مشاركة النساء في الحكومة لنسبة تصل 21%، بينما نجد نسبة مشاركة المرأة في المناصب القيادية في فرنسا التي تمثل "القمة في حقوق الإنسان والحرية  والديمقراطية" نسبة تصل لنحو 27% فقط.

ويعزي خبراء وعلماء الاقتصاد السياسي والعلوم السياسية صعوبة دخول النساء للمجال السياسي؛ لصعوبة العمل في هذا المجال الذي يحتاج للجرأة والشجاعة بجانب ضرورة امتلاك الثقة في النفس، وهذا ما تفتقده الكثير من النساء في أوروبا ومختلف بقاع العالم.

 

لها أون لاين

JoomShaper