تعاني المرآة العربية دائماً من مؤامرات الشرق والغرب معا، الذي يرى في استهدافها استهدفا للأمة العربية والإسلامية بأكملها، ولذلك تأتي السهام دائما موجه لهذه الأمة في شكل المرأة التي مازالت ترزخ تحت نير التخلف الفكري والسياسي، وتتكالب عليها المراكز الحقوقية المعنية بحقوق المرأة – كما تحب أن تسمي نفسها – وهي في الحقيقة تحارب كل فضيلة تتحلى بها هذه المرأة.
حاولنا من خلال هذا الحوار مع الدكتورة أماني أبو الفضل، المدير التنفيذي للمركز المصري لرصد أولويات المرأة ( مرام )والأستاذ المساعد بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة فرع بني سويف رصد أولويات المرآة العربية وما تشعر به من مشاكل، وإعلان ذلك من خلال وثائق الأمم المتحدة التي تعلنها دون مواربة مثل فلسفة الجندر والتمكين والمساواة المطلقة بين الجنسين، فإلى نص الحوار:
* البعض يتهم المرأة العربية بأنها لم تقدم جديدا في الحياة العامة، ما محل هذا الانتقاد من وجهة نظرك؟ وهل تجدين المرأة العربية مؤهلة حاليا لدخول معترك العمل العام؟
** قد يكون هذا الاتهام صحيحاً في بعض جوانبه نظراً لقلة عدد النساء المنخرطات في هذا العمل بالنسبة لما ينبغي أن يكن عليه، ولكن الناشطات الموجودات حالياً -على قلتهن- قدمن الجديد و اقتحمن مناطق وعرة و من غير الإنصاف تنفيه عملهن على هذا النحو و خاصة وهن يعملن في أجواء صعبة و يجابهن تحديات أكثر من غيرهن.
أما عن كونهن مؤهلات فنعم، العديد منهن تلقين المعارف و التدريب اللازم لمثل هذا المعترك و هن قادرات عليه و لكن يبقى ألا يظل عدد هؤلاء المؤهلات ثابتاً بغير ازدياد و وجوههن لا تتغير فهذه هي المحنة الحقيقية للعمل السياسي النسائي لعربي.
* ماهو رأيك في مشاركات المرآة العربية في الحالة العامة، وما هي السليبات التي تجدينها إزاء ذلك؟
** المشاركة متدنية فبقي الصوت النسائي المتعقل الذي يدرك مواطن ضعف المرآة الحقيقية و المفاتيح الواقعية لحلها غير ممثل تاركاً الساحة خالية للعولمة أن تتطفل بأجنداتها من ناحية و من ناحية أخرى أتاح الفرصة لمنظمات المجتمع المدني النسائي المدفوعة الأجر من الخارج أن تتولى هي قيادة المجتمع واضعة التصورات و الحلول من نظم أخلاقية غريبة و غير متوائمة مع نظمنا الإسلامية و العربية.
* ما هي الأدوار التي ترين أهمية مشاركة المرأة العربية فيها، وبخاصة في الوقت الحالي ؟
** العمل الاجتماعي الخدمي الذي لا تستطيع أعتى الحكومات و أغناها أن تتولاه بمفردها، و العمل السياسي الذي يمنع القرارات الدولية من العبث بأولويات النساء العرب، إلى جانب جميع الحقول التي تتطلب الكفاءة كالحقل الاقتصادي و التربوي و الصحي.
* هل تجدين جدوى من مشاركة المرأة المسلمة في الحياة العامة، وما رأيك في السماح لترشيح المرأة في بعض المناصب القيادية في بعض دول العالم؟
** أنا من المؤمنات بقوة في دور المرأة المسلمة العام بما فيه ترشيحها للمواقع القيادية و مناصب اتخاذ القرار إلا ما كان مرفوضاً من قبل العلماء مثل (الإمامة العظمى), فهناك فراغات لا تملأ إلا بها و لا يستطيع إخوانها من الرجال مهما بلغ حرصهم و إخلاصهم من أن يؤدوها بدلاً عنها مثل تمثيل صوت المرأة في المجتمع التي هي نصفه و سماع صوتها و تحديد أولويتها, لأنه ليست لدى الرجال الحساسية الأنثوية في استشعار معاناة النساء و لا يملكون تصور حلها كما تفعل المرآة نفسها, و خاصة و أنه أصبح الآن من بين النساء الإسلاميات من هن على درجة من الفهم و الوعي السياسي يؤهلهم من أداء أدوارهم السياسية ببراعة إخوانهم.
* ما هي الرسالة التي تريد الدكتور أماني إيصالها للعالم فيما يخص المرأة والمؤامرات التي تحاك ضدها ؟
** اختصار القول في ذلك أن المرآة العربية- رغم وجود مظالم تحيق بها- ليست صورتها بهذه السوداوية التي يرسمونها لها بهدف زعزعة ثقتها بنفسها و بثقافتها حتى ترضخ لإملاء اتهم المنحرفة التي تنادي بكافة أشكال الفوضى القيمة التي يبشر بها النظام العالمي. فالمرأة العربية القابعة في سجون الاحتلال الصهيوني، ليست في حاجة إلى وصاية أحد يعلموهم شيئا الحق والحرية، لا شك أن هذه الثقافة هي التي أنجبت وفاء إدريس و زينب الغزالي و سهى بشارة و جميلة الشنطي و غيرهن ليست بحاجة إلى الأمم المتحدة كي تغيرها إلى ما تراه هي الأفضل من إباحية و تفسخ أسري.
* لماذا تختفي المرأة ذات الرجعية الإسلامية من النشاط الحقوقي ومجال العمل العام؟ و ما هو السبب وراء اختفاء الوعي السياسي لدي المرأة العربية ، وما هي الوسائل الداعمة لرجوع هذا الوعي ؟
** ضغوط الحياة اليومية تجعل الاشتراك في العمل العام و تنمية الوعي السياسي صعب على المرأة العربية بجميع مرجعياتها من اليمين و اليسار! إلى جانب تعمد المؤسسات التربوية العربية إغفال أي تنشئة للنشء من الفتيان و الفتيات للتربية السياسية و ممارسة العمل التطوعي, إلى جانب الثقافة العربية الشائعة بعدم احترام النساء الذين يتصدين للعمل العام. و هناك عوامل أخرى تكمن وراء قلة - و ليس اختفاء- المرآة ذات المرجعية الإسلامية بالذات من مجال العمل العام منها التهديد و التضييق الأمني وانشغال الزوج بمهام العمل الإسلامي إلى جانب العمل المعيشي مما يحتم وجود الطرف الآخر بكثافة أكثر, و على الرغم من ذلك فالصورة العامة تنطق بأن هذا القليل من النساء الإسلاميات يمثلن القوة النسائية الأكبر في العمل السياسي و التطوعي على عكس ما يعتقده السؤال.
* رغم انتماءك للعمل العام على مدار 15 سنة لم نسمع عن تأثير واضح لمركز " مرام " الخاص برصد أولويات المرآة العربية ؟ ، وماذا قدمتي للمرآة بحكم عملك مستشارا للجنة العالمية للمرآة والطفل التابعة للمجلس الأعلى للدعوة والإغاثة؟
** مركز مرام لم يبدأ العمل فيه إلا بعد إشهاره منذ عام واحد فقط و ليس 15, و العام الأول لأي كيان يكون منشغلاً بتكوين الكوادر و تدريبها, و على الرغم من ذلك فإن حجم العمل الذي تم إنجازه من مشاركات عامة و خاصة و مؤلفات يتناسب مع هذه المدة القصيرة. و نتمنى من الله أن يعيننا أن نثلج صدور إخواننا و أخواتنا من الغيورين على مكانة المرآة المسلمة بمزيد من الجهد و العمل و الإنجاز لما يحبه و يرضاه.
أما عن مشاركتي في اللجنة العالمية منذ عام 1994 و حتى انتهائها عام 2002 فهي من المحطات الهامة التي أعتز بها و أفادتني كثيراً في وضع تصور "مرام", و كم الإنجاز الذي تحقق فيها كان بفضل الله أولاً و بفضل العمل الدءوب لفريق عمل كبير و متعاون لا يمكن إغفاله, فمن خلال اللجنة تم التدخل في عدد من بنود الأمم المتحدة بالتغيير لصالح القيم الإسلامية, و تغيير قناعات العديد من المعنيين على الصعيدين العربي و العالمي, و فضح الأجندات المشبوهة التي كانت تمرر في الماضي دون أن يدري عنها أحد و حشد الرأي العام العربي حولها و رفضها .
د. سامية مشالي
لها أون لاين