محسنة راشد
أعزائي القراء، أتمنى قراءة الآتي «الرجاء من السادة المراجعين عدم إرسال الخدم والسائقين لتسجيل المرضى وذلك طبقاً لتعليمات وزارة الصحة؛ وذلك للتوقيع على الاستمارة بالاسم مع إبراز البطاقة الشخصية للكبار والأطفال» هذا إعلان وُضع في إحدى العيادات في قطر، بعدم إرسال مرافق ليس من الأهل إلى المستشفيات حسب تعليمات وزارة الصحة!
فهل عجزتم فعلاً من مرافقة أهاليكم؟ هل تعبتم، أو انشغلتم؟ فقد يكون سبب انشغالك في العمل، أدى إلى إرسال الخادمة (ميري) مع ابنك (حمود)!! طيب (ميري) وظيفتها خادمة، أو هي (أم) بالإنابة؟ ألم تستطيعي الاستئذان من العمل والذهاب مع طفلك في مرضه؟ فهل تعلمين أن المدارس تعتمد فلسفتها على التربية والتعليم..؟ وليس ذلك فقط، بل هي تعتمد كل الاعتماد، بأن أساس تربيتك لأطفالك، يدعم التربية التي سوف يقومون بتقديمها، فهل أسهمتي في تربية ابنك على الأقل..؟ فلو كنت سبباً في صناعة هذا الأساس؛ لاستجاب طفلك لتلك المعايير التعليمية كما ينبغي، أم أنك اكتفيتي بإعطائه «الأيباد» حتى يتعلم إلكترونياً، فقد أصبحت تلك الأجهزة معلماً للأطفال، وإهمالك في عدم مراقبة أطفالك قد يؤدي إلى تلف أخلاقهم، وانتزاع قيمهم، من خلال تحميل التطبيقات (الثلاثاء 10/11/2015 18)، فهل أنتِ مراقبة جيدة له في استخدام هذه الأجهزة الذكية التي تسكن العالم الإلكتروني، خلافاً للواقع، الذي أوصل عجزك فيه إعطاءه مادة، في نظرك تعتبر تعليمية؛ تُغنيه عن وجودك في حياته لوقت مؤقت! فقد لا تعلمين بأنها قد تؤثر بشكل سلبي في أشياء كثيرة، فبمجرد ما تصبح هذه الأجهزة الذكية في حياته، ستؤدي إلى إهمال الكثير من الضروريات، كإهمال الغذاء، والشعور بالكسل حين ممارسة أي نشاط بدني، وإهمال وجود الأم في الحياة! فقد أصبحت تلك الأداة سبباً للاستغناء عن الكثير من الضروريات التي يجب على الأم الاهتمام بها!!
أتذكر حين كنتُ في المدرسة، كان (درس الأم) يعبر عما تفعلهُ الأم لأجل أطفالها، كأمي تسهر حين أمرض، أمي هي التي تقوم بإيصالي إلى المدرسة، أمي تطبخ لي طعامي المفضل، أمي هي التي توقظني من النوم حتى أذهب إلى المدرسة، أمي تقوم بتسريح شعري قبل الذهاب إلى المدرسة، فهل ما زالت الأم تقوم بكل هذا؟ وحين تسألهن ماذا فعلتي من أجل أطفالك فنحن نرى بأعيننا أن (ميري) هي من تقوم بكل هذا؟ تجاوب بكل ثقة وكبرياء: (ميري) وظيفتها مربية فقط، أوليست ولادتي لأطفالي سبباً كافياً بأن أضع مربية لمساعدتي؟ فأنا الأم التي تعبت خلال 9 أشهر في الولادة والمخاض، ومن حقي الراحة قليلاً -إلا أنها طالت تلك الفترة- فأنا أستغرب الكثير من الأمهات اللاتي يهملن أطفالهن، وإذا تأخر حملهن يقومن بالمستحيل، حتى يحملن مرة أخرى.!! فهل إهمالك للطفل الأول جعلك واثقة كل الثقة بأنك ستحسنين في تربية طفلك الجديد؟ وقادرة على إعطائه الوقت الكافي..؟ أم أنك ستفعلين ذلك في البداية وبعدها ستقومين بإعطاء المهام إلى (ميري) لإكمال عملية التربية، التي ترين أنك قمت بها، بأكمل وجه! في تلك الحالة أنتِ لا تسمين نفسك أماً، فمهمتك في هذه الحالة «هي وضع الأطفال فقط وإهمالهن»، فهل هناك قانون يعاقب إهمال الأمهات، وعلى النتائج المترتبة على هذا الإهمال، إن كان بمرض الطفل أو –لا سمح الله- بموته، أو أن القانون يكتفي فقط، بمعاقبة الجاني كما هو ظاهر وهو (الخادمة) وترك الجاني الحقيقي (الأم المهملة) مشكورة على ما فعلته من إهمال، ففقدانها لطفلها سبب كافٍ في عقابها، فالدول الأجنبية تنص مجموعة من القوانين التي تعاقب فيها الأهالي المهملين لأبنائهم، إن كان إهماله أدى إلى موته، مرضه، أو ضياعه!! فهل نحن نعاقب الأمهات المهملات، العاجزات عن تربية أبنائهن تربية صحيحة؟ عذراً يا أمهات «فقط في برامج التواصل الاجتماعي»، أنتِ لن تكوني أماً إن لم تتحملي مسؤولية طفلك، وفي تربيته تربية صحيحة، وفي غذائه، وفي صحته، وفي الاهتمام به! ولا تضعي كل اللوم على الخادمة إن مرض! فأنتِ هي المهملة، أنتِ من صفقتي لطفلك حين تحدث الإنجليزية من كثرة الجلوس مع الخادمة ومحادثتها، أنتِ من ضحكتي حين وجدتِ طفلتك تقوم بترتيب غرفتك مع الخادمة، فإن كان باعتقادك أن الخادمة أسهمت كذلك في تربية أطفالك فذلك أقصى ما تستطيع تقديمه لطفلك في العمل في وظيفتك أن تجعل من نفسها قدوة لأطفالك وبكل ما تفعله من تصرفات.. فإن أصابك بعض الراحة لأنك لن تعاقبي قانونياً لإهمالك، فأنتِ في الدين مسؤولة، (عَنْ عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْؤُولةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).