سحر حمزة
يعتبر عبث القنوات الفضائية مؤخرا بالمرأة امتهان لكرامتها في نشر صورة مشوهة للمرأة كسلعة تستنزف بالإضافة إلى ما بثته من أعمال درامية مكثفة خلال شهر كان يجب عليها أن تتكاتف لنشر الوعي الديني وتغيير الخطاب الفكري وبث روح التعاون وتبني الأفكار الهادفة التى من شأنها الحفاظ على العادات والتقاليد، لم يعلق في ذهن المشاهد إلا اللقطات المبهرة والكلمات المتناثرة والمغلفة بالإيحاءات المنافية للأخلاق.
للمرأة دور بارز في الأعمال الدرامية هذا العام، بل في المسابقات وبرامج التوك شو وبرامج الطبخ والماكياج وكأنها سلعة تباع وتشترى، حول هذا التحول وتهافت بعضهن لدخول عالم الشهرة بأساليب كانت في السابق تنعت بأسوأ الألفاظ وتجسد بمواقف عدة منها صور لا أخلاقة لا ترضي المجتمع العربي المسلم .
كانت المرأة تجمع سابقا وما زالت بعض النساء يحرصن على التوازن في سلوكياتها، ويحرصن على جمع الأصالة والمعاصرة في نمطية حياتها وفي استخدامها للأدوات التقنية الحديثة بشكل صحيح، لتسخرها لخدمتها وللارتقاء بنفسها ولتسويق ذاتها بحكمة بشكل معقول دون اعتمادها على منظرها الخارجي ومفتن جسدها، أي كانت في السابق

امرأة معتدلة غير مقلدة لقشور الحضارة بحجة مواكبة العصر الحديث دون محافظة على التراث والعادات والتقاليد المتعارف عليها في مجتمعاتنا العربية.
وتأتي المؤثرات العصرية التي تحرضها على الانفتاح العصري واللامبالاة للأفواه الجائعة والعيون التائهة التي ترمقها لتسمعها كلمات الإعجاب المعسولة لتجذبها إلى تيار جارف نحو الهاوية ،فتخرج عن إطار مجتمعها كي تكون سيدة معاصرة لتحظى بإعجاب الآخر ممن يضعون المرأة في متاهات الأزياء الفاضحة التي تبرز مفاتن الجسد التي هي خلقت للزوج فقط وللمحرمين عليها من أفراد أسرتها ،بحيث لا تكون سلعة رائجة بين أيدي الجميع ليستمتعوا بمنظرها الخارجي بقشور بالية دون تلمس الجوهر والبحث في الفكر والخلق والرتابة المقبولة في الحياة في إطار معاصر دون ابتذال للجسد بكشف مفاتنه وتقاسيمه وإغراءاته التي توقع في براثنها ذئاب بشرية يبحثون عن المتعة اللحظية ليغادروها بعد سويعات أو أيام معدودات بحجة أنها رخيصة وسلعة بالية لا تصلح كزوجة ولا لتربية أسرية وإنجاب للأطفال لتكون مربية أجيال لمستقبل زاهر لمجتمع يحتاج لها بفكرها وخلقها وتربيته القائمة على الأعراف المتعارف عليها في إطار الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد العربية الأصيلة.
وللأسف أن في وقتنا الحالي كثيرات من الصبايا كالورود التي تفتحت أزهاريها وأصبحت تضحي بكل شيء كي تصل إلى قمم الشهرة الكاذبة في تنافس على مسابقات لم تكون معهودة سابقا بحياتنا كما يحدث الآن، فمسابقات الجمال وعروض الأزياء ومسابقات النجومية بما تطلقه القنوات الفضائية من برامج لها مسميات غريبة عن مجتمعنا وهي منسوخة عن فضائيات غربية تمول من قبل جهات مجهولة بمصادر مختلفة ومسميات بدأت تكتسح الساحات معلنة عن جوائز النجوم والشهرة والمجد الكاذب، يجعلني أقول انها مؤامرة ممنهجة خاصة عندما نجد بعض الفتيات ينجرفن نحوها بتشجيع من الأهل أحيانا ،وبمغريات كبيرة تعتبرها بعضهن حلم تتمنى تحقيقه.
بعض النسوة قد يصلن للمراتب الأولى بمن يكون وراءهن، والجواب لا بد أن يعرفه الجميع هو الجسد والسفور ، فكثيرات من المذيعات وقعن في فخ الشهرة وتحولن إلى مطربات باسم الفن ومن نادلة بمقهى إلى فنانة مشهورة فتصحو على حلم الشهرة لتصبح راقصة في مقهى وما تعرضها القنوات الفضائية من أفلام ومسلسلات ما هي الا استنساخ لأفكار غربية تريد أن تفتك بمجتمعنا العربي الإسلامي كي ينفذ مخطط كبير بتشرذم النساء ليصبحن أدوات فتنة وفساد للشباب ويمتهن الإغراء بإظهار جمالهن المكتنز ليكون لزوج شرعي لا زوج متعة عابر سبيل.
في ظل هذه التحديات على المرأة العربية أن تستيقظ من هذا الحلم كي لا تصحو على غفوة خسرت فيها الكثير، منها أنوثتها و كرامتها التي ابتذلت كي تتنازل عن كثير مما قد كان سيحفظها ويجعلها محصنة يبحث عنها فارس أحلامها لا ليجدها على قارعة طريق أو مفترق طرق بل يجدها كالجوهرة الثمينة المخبأة بعيدا عن أعين ذئاب البشر ووحوش الشهرة وقشور المعاصرة والتقليد الأعمى، فلابد أن تعي مكانتها وتهتم بذاتها وتعتمد على مقوماتها الإبداعية في نطاق علمها وخبرتها العملية كي تحقق ذاتها وتقوم بواجبها الإنساني خير قيام.
وعندما نجد نخبة من بناتنا يستيقظن من غفوتهن ليقمن بدور التوعية لأخواتهن وعندما نرى فضائية تحفظ للمرأة كرامتها غير استعراض الأزياء وفن الطهي وعمل لوحات ملونة في وجوههن بعيدا عن طبيعتهن التي خلقهن الله لها وتقوم بدورها الحقيقي الذي خلقت له في إعداد الأجيال المستقبلية بطريقة سوية قائمة على العلم والمعرفة والتحلي بالأخلاق الحميدة بدل الابتذال والسعي وراء متاهات المعاصرة المقنعة بمخاطر تهدد مستقبل المرأة وطموحها في تحقيق ذاتها.

JoomShaper