د/ مبروك رمضان
مع مطلع (هلال) شهر مارس (آذار) الذي وافق هذا العام شهر (ربيع الأول)، طلعت علينا الصحف والمنتديات والمواقع بأخبار النساء والاحتفاء بهن في موسم احتفالاتها المزعومة، وفي البداية ظننتها حملة ترويجية ككل حملات الصحف والمنتديات عن عقوق أو حقوق المرأة، ولكنني استدركت سريعاً لأتذكر أننا في شهر المرأة حيث اليوم العالمي (لنضال المرأة) والذي اختير بعناية فائقة، حيث وافق خروج النساء في مظاهرات احتجاج للمطالبة بحقوقهن، وتذكرها العالم الغربي بعد أكثر من قرن من الزمان حتى يقيم لها يوماً عالمياً نصرةً – زعموا - لحقوقها المهضومة، وإعلاءً لصوتها المكتوم، وكشفاً لوجهها المستور.
وقد ملئت عيني من الرذاذ المتطاير من المقالات المدبلجة، وصمت أذني من نغمات الكلمات المسجوعة، الذي سمع من كل صوب وحدب رنات النغمات التي تعزفها مقالات كتاب المرأة وعقوقها - حقوقها - في شهر المرأة، فهذا (اليوم العالمي)، وبعده (عيد الأم) وقبله (عيد الحب) فهل لنا من عيد ليوم العيد، لنحتفل سوياً بالقفز على الحواجز والتقاليد والقيم والمبادئ، لنحتفل بنفض ركام العادات وتأمل إنجازات المرأة بدهشة وانبهار، ولنقرأ عن (أفضل مشروع نسائي) أو عن (الفتاة المثالية) أو رواية (الوارفة) المرشحة لجائزة بوكر، وقد حشروا معهم ـ تمسحا - جائزة التفوق العلمي عضداً وتفاخرا، وليت القارئ الكريم كان معي يتجول في رياض معرض الكتاب الدولي والذي أقيم مؤخراً في الرياض ليرى - بأم عينه - ما هو مدى الاهتمام الحقيقي من النساء وعمّ يبحثون وماذا يقرؤون؟ ليعرفوا أن طبيعة المرأة وما جبلت عليه لا يمكن تغييرها بهذه السهولة وإن كان شذره ليس ببعيد، ولعله يذكرني بقصة المبشر الذي ذهب إلى صعيد مصر ووزع كل ما في جعبته على المسلمين استعداداً لتعميدهم وما أن صمت قليلاً ليروي جفاف حلقه الذي نشب بعد ساعات من الإقناع، وقد ساد السكون الحاضرين، فانطلق صوت رجل أميّ على الفطرة يقول (وحدوه) فقالوا جميعاً (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ليدرك المبشر - ومن يسير على دربه - أن الفطرة لا يمكن انتكاسها، وإن كان البعض أجاد في التلاعب بها، وسايرهم من افتتن بأكاذيب ومواعيد عرقوب، سرعان ما يعود العاقل، وينتبه الغافل، ويتوب الشارد.
في يوم المرأة وفي – شهر المرأة - أحببت أن أذكر بأن تاريخ أمتنا، وسالف أجدادنا، وشاهد حضارتنا يؤكد على أن ديننا منح المرأة ما لم تمنحه لها المنظمات والهيئات العالمية لحقوق الإنسان، ومؤتمرات الأيام العالمية، ولا مؤسسات الدعاوى الفضائية.
إن الإسلام أعطى للمرأة حقوقاً، ولم يعرها وديعة كما نرى ونشاهد، فلقد كرم الإسلام المرأة، أما وجعل الجنة تحت قدميها، وأمرنا بالبر بها، واستوصى بها لتكون خير الناس للصحبة، وكرمها زوجة فأوكل لها حقوقا عجز المنظرون أن يجادلوها عليها، وكرمها أختا وبنتا وأوجب رعايتها والقيام على مصالحها، لقد أعطى الإسلام للمرأة منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان حقوقا تصون كبريائها، وتحفظ عفافها، وتعلي شأنها في كل ميادين الحياة.
إن افتخار هؤلاء اليوم بالمرأة التي كتبت روايتها متجردة من كل ضوابط الكتابة والرصانة أو التي تشدقت بحرية التعبير في الفضائيات والإخراج السينمائي، أو طالبت بالزواج من أربعة رجال، فافتخارنا بنساء ذكرهن الله تعالى في كتاب يتعبد بتلاوته إلى يوم القيامة، وافتخارنا بكاتبات وعالمات وراويات ومجاهدات أقمن شريعة، وأسسن دولاً وربين رجالاً وخرجن علماء.
نحن مع المرأة تكريماً وتشريفاً، معاملةً واحتراماً وتقديراً وحباً ورعايةً، قائدة مربية في كل مجال تضرب بيدها وقدمها وعقلها كل ميدان في ضوء تكريم الله تعالى لها، ولا حاجة لنا أن تقيم لها عيداً فأيامها معنا كلها عيد.
لها أون لاين