مما لاشك فيه أن لكل مرحله من مراحل نمو الإنسان احتياجات نفسية وجسمانية، يحتاج الإنسان إلى إشباعها بالطريقة التي تتناسب مع المرحلة العمرية، حتى يتم التوازن بين الفرد وبين المجتمع الذي يعيش فيه، وهناك مرحلة من مراحل الإنسان يكون فيها الفرد في أشد الاحتياج للرعاية، وهي فترة ما يسمى بسن اليأس.
و بالنسبة للسيدات فهذه فتره تكون فترة انقطاع الدورة، وهذه ظاهره لها أثار سلبية عليها.
من الناحية الصحية أوضحت الدكتورة رحاب الصالح استشارية أمراض النساء والتوليد بعض من أهم المخاطر المتعلقة بهذه المرحلة والتي منها:
ازدياد الوزن
انخفاض كتلة العظام
ارتفاع مخاطر الإصابة بهشاشة العظام
ارتفاع نسبة الكولسترول السيئ
ارتفاع مخاطر الإصابة بمشاكل في كفاءة أداء الجهاز الدوري
ارتفاع مخاطر الإصابة بالأورام
اضطرابات النوم
وبناء على الاضطرابات المتوقعة، وضعت الدكتورة رحاب الصالح خطوات مقترحة للتخفيف من هذه المخاطر وهي:
مراقبة الوزن
رفع النشاط الحركي والرياضي
مراقبة نوعية الغذاء وكميته
الالتزام بقياس كثافة العظام بصورة دورية
تناول حبوب الكالسيوم وفيتامين د بإشراف طبي
الفحص الدوري لمستويات الدهون في الدم
الفحص الدوري للجسم
إجراء فحص دوري للثدي وفحص ماموغرام كل 3 سنوات
إجراء مسحة لعنق الرحم كل 3 سنوات.
وأوضحت الدكتورة رحاب أن فترة سن اليأس هي يأس من الإنجاب فقط؛ لكنها نضج في التعامل مع جوانب الحياة الأخرى، تحتاج للاهتمام بجوانب صحية ونفسية محددة، وذلك من أجل الحفاظ على النشاط والحيوية في هذه المرحلة.
وهذا ما أكدته من الناحية النفسية الأخصائية النفسية آمنة عبد الحفيظ، أن اليأس هو من الإنجاب فقط، وهو من حكمة المولى عز وجل، حيث إن للمرأة في هذا السن يجب أن تهتم بنفسها وصحتها أكثر، وهو الأصلح لها ولأبنائها.
وهي في الغالب في هذا السن تكون جدة أو طريقها لتصبح جدة، وهو في حد ذاته دور ممتع، وأيضا من الأولويات أن تتفرغ للعناية بنفسها وزوجها. خاصة إذ قلنا إن الزوج قد يكون هو أيضا في مرحلة تغيرات، وإن كان لا يعترف بها، فكلاهما يمر بمرحلة يعتقدان أنها مرحلة نهاية الشباب، والطريق نحو الشيخوخة.
والمرأة الذكية تدرك أنه لا محالة ستمر بهذه المرحلة؛ فلتجعلها مرحلة راحة واستجمام واستمتاع بإنجازاتها، وإضافة لمستقبل مليء بالحكمة والخبرة.
ومن أصعب الأمور في هذه المرحلة: الاستسلام لحالة الإحباط والاكتئاب المترافقة مع التغيرات الهرمونية، والانزعاج بشكل ملفت للتغيرات الشكلية التي حتما ستحدث.
وأحب أن أؤكد أن مشكلة سن اليأس مشكلة غير حقيقية، فلكل سن تغيراته ومشاكله المتعلقة به، ابتداء من مرحلة الطفولة إلى الشيخوخة.
فلا توجد مرحلة بلا متاعب ولا مصاعب، سواء بالنسبة للمرأة أو للرجل قال الله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في كبد ).
و المرأة هي من تجعل الناس يشعرون بشيخوختها أو شبابها في كل الأحوال بحسب ما تدركه هي عن نفسها.
ولا مانع من اللجوء لأخصائي أو طبيب نفسي إذا شعرت المرأة بضيق متواصل، أو أعراض نفسية أخرى لا تستطيع الخلاص منها، وهي تعتبر من الإجراءات الوقائية النفسية قبل أن تتحول الأعراض إلى مرض نفسي يطول علاجه، فالعلاج النفسي والاجتماعي المبكر مهم؛ لإزالة الأسباب التي تؤدي للاضطراب، ومساعدة المرأة على تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي المطلوب على المدى القريب والبعيد وهو مفتاح الصحة النفسية.
ومن أهم طرق العلاج النفسي بالنسبة للمرأة في السن الذي تعتبره سن يأس هو: العلاج بالعمل؛ لأنه يشعرها بقيمتها واستمرارية عطائها، وهو علاج ضروري يكمل العلاج الجسدي وباقي أنواع العلاج النفسي.
والحقيقة أن الغرض الأساسي من العلاج هو شغل وقت المرأة بالمفيد بدلا من انشغالها بأمور من الصعب تغييرها.
أما الأخصائية الاجتماعية فوزية علاجي قالت: "إن مرحلة سن اليأس تختلف من بلد لآخر، فنحن في بلادنا الإسلامية نتمتع بتكافل اجتماعي واحترام لقيمة الإنسان، وهو عكس ما يحدث في مجتمعات أخرى حيث يهجر الرجل زوجته بمجرد حدوث بعض من التغيرات الشكلية، وبداية ظهور التجاعيد و الترهل! متناسيا أن آثار العمر تظهر أكثر مع كثرة الهموم والمشاكل والانشغال بالأسرة والأبناء عن العناية بالذات.
وفي نفس الوقت تلاقي المرأة في المجتمعات الغير إسلامية جحود أبنائها لها، ونكرانهم لجميلها وفضلها عليهم؛ فتصطدم بواقع مأساوي جدا.
بينما في مجتمعاتنا الإسلامية تظل الزوجة و الأم ملكة متوجة في بيتها مصانة الكرامة، لها من الحقوق ما يضمن لها العيشة الكريمة بدون ما تطالب هي بحقوقها، وكلما كبرت في السن كلما زاد حقها في التقدير و الرعاية.
ومن أهم الأمور الاجتماعية التي يجب مراعاتها عندما تمر المرأة في فترة اليأس:
مراعاة حالتها النفسية وطمأنتها، وأن يكون زوجها بمثابة السند والمعين لها في هذه المرحلة. وهذه النقطة بالذات تحتاج لزوج متفاهم وأسرة واعية.
كذلك تنمية العلاقات الاجتماعية، و عدم ترك النفس للعزلة والانطواء؛ مما يساعد على التوازن النفسي ورفع الثقة بالنفس.
أيضا الاستمرار في العطاء للآخرين، والاشتراك في برامج اجتماعية وخيرية تساعد على الاختلاط بالناس؛ فهذا من شأنه تنمية الذاكرة، و كذلك الحركة تعالج كثير من الأمراض الصحية وتعمل على الحفاظ على الوزن.
التفكير الإيجابي المتفائل وعدم اعتبارها أزمة منتصف العمر؛ فلا أحد يعلم عمره حتى يعلم يقينا منتصفه.