تشمل الحياة اليومية أمورا ترهق راحتنا، ومن الممكن معرفة كيفية حماية النفس وتجاوز هذه الأوقات المرهقة.
في تقريرها الذي نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، ذكرت الكاتبة إيما بيزييو لو بوشات أنك قد تغادرين مكتبك في وقت متأخر بعد يوم منهك شبيه بماراثون مدته حوالي تسع ساعات، وبسبب اجتماعات معقدة وصراعات، لم تجر الأمور كما هو متوقع.
قد تشعرين بأن عقلك على وشك الانفجار وينتابك توتر شديد عند مغادرة المكتب، فما الذي ينبغي عليك القيام به حين تعودين إلى المنزل لتهدئة أعصابك والتخلص من الضغط وتعويض هذه الأوقات التي تستنزف طاقتك بشكل كبير؟


النظر إلى الأمور من زاوية أخرى
بالنسبة للدكتور في علم النفس ديدييه بلوكس، فإن الأساس يكمن في القطع مع التفكير في الجانب السلبي من يومك، وللقيام بذلك يجب عليك النظر إلى الأمور من زاوية أخرى التساؤل بذكاء عن سبب انزعاجك، وهو ما يسمى بإدارة العواطف.
ويوضح بلوكس أنه ينبغي تجاوز مشاعر الندم وتجنب تكرار التفكير فيما يجب فعله وما ينبغي تجنبه. وبدلا من ذلك التفكير بشكل أعمق فيما يستنزف طاقتنا. وأضاف أن هذا الأمر يستحق فهم سبب التعب النفسي الذي نعاني منه.
وبالنسبة له فذلك يجنبنا تأثير "الخطر المزدوج". ولا ينبغي أن ينضاف إلى الفشل، سواء كان في العمل أم لا، اللوم الذي يميل المرء إلى توجيهه إلى نفسه عادة، لأن ذلك يجعلنا نستنزف طاقتنا بشكل مضاعف بسبب أسلوب تفكيرنا الخاطئ.
"طريقة أ ب ج د"
أشارت الكاتبة إلى أن المختص في العلاج المعرفي السلوكي يؤكد على أهمية تطبيق الطريقة "أ ب ج د" الأميركية في دراسة إدارة العواطف. وتمكن هذه التقنية من العودة عن سبب ما يضايقنا من خلال اتباع أربع خطوات.
تتمثل الخطوة "أ" في البحث عن العامل المسبب لهذا الشعور، وما الذي ولد لدي الشعور بالضيق؟ يساعدنا هذا السؤال على تشخيص اضطرابنا واستهداف سبب معاناتنا.
وتكمن الخطوة "ب" في "نظام الاعتقاد"، أي التساؤل عن شعورنا حيال ذلك، وتهدف هذه الخطوة إلى التساؤل عن تجليات هذا الجرح وآثاره.
وتخص الخطوة "ج" تحديد النتائج، أي ما الذي انجر عن ذلك؟ هنا نتساءل عما نشعر به حيال هذه المسألة، وما إذا ارتأينا أن هذا الأمر غير عادل أو محبط؟ وما الذي سنفعله ردا على هذا الاضطراب؟
بالنسبة للخطوة الأخيرة فتتمحور حول "الجدال" ويترتب عنها التساؤل عن توقعاتنا، هل تعتبر عقلانية وواقعية؟ وهل هناك بديل ممكن؟ في هذا الإطار نحلل الجزء الافتراضي للأذى من خلال إدراج ما حدث معنا أخيرا في سياق آخر والتفكير فيه من زاوية أخرى.
في مواجهة إحدى المشكلات، ستساعدنا هذه الطريقة في التخلص من مخاوف معينة أو توتر روتيني من خلال التفكير بطريقة أخرى.
امنح نفسك الوقت الذي تحتاجه
وفقا لكورين جودمان، وهي محللة نفسية مختصة في العلاج النفسي الذي يعتمد على الحواس، من المهم أن نصغي لاحتياجاتنا بمنح الوقت لنفسك، والاستماع إلى رغباتك، وعدم الخشية من القيام بأنشطة تساعدك على التخلص من التوتر من وقت إلى آخر، فضلا عن عدم الشعور بالذنب.
حسب هذه الخبيرة، يساعد التأمل وأسس الاسترخاء على الوقاية من التعب الروتيني. وتوضح أن تلقي دروس يوغا وتأمل خلال الأسبوع يعد مفيدا دائما، وبالنسبة للذين لا يمتلكون الوقت للقيام بذلك، هناك بدائل مثل تطبيقات الهواتف الذكية، على غرار تطبيق كالم أو بيتي بامبو.
وتعتبر هذه المختصة أن التنفس يعد جزءا مهما في تمارين الاسترخاء، وهناك طرق فعالة للغاية لإدارة الإجهاد والقلق على غرار تمارين تماسك القلب.
الوقاية من حالة التعب
الطبيبة النفسية سيلين تران تدعو مرضاها إلى تحديد الأنشطة التي تجدد طاقاتهم وتلك التي تستنزفها. وبالنسبة لها، يتعلق الأمر أساسا بالتوازن، حيث تفيد بأن الإرهاق ليس مشكلة في حد ذاته، إذ ينبغي ببساطة تعلم كيفية التحكم في حالة التعب هذه ومعرفة كيفية تخفيف قائمة أنشطتك بما يتناسب مع ذلك.
إن إعداد قائمة في هذا الغرض سيكون مفيدا للغاية، لأنه يسمح بتحديد حصة المهام التي لا يجب تجاوزها من أجل عدم استنفاد طاقتك والبدائل التي يمكن اعتمادها من أجل استرجاعها.
وتوصي الخبيرة بتحديد الفروق البسيطة في أفكارك وأنشطتك، فمن الجيد تنظيف المنزل للشعور بالتحسن، لكن ليس من الضروري أن يكون ذلك بهدف تعويض شعور بالاستياء أو أن يتحول إلى حاجة إلزامية.
تندرج فكرة إعداد القائمة لمكافحة التوتر المنجر عن التأخير وغياب التنظيم ضمن التخطيط، وتشير تران إلى أن تدوين أهداف محددة أمر مفيد للغاية ويساعد على تجنب التسويف المدمر للروح المعنوية، والتركيز على الأهداف القابلة للتحقيق. ومن خلال التخطيط، يمكننا أن ندرك مصدر الخطأ بدلا من قبر المشكلة، وبالتالي نواجه الصراع ونتعلم شرح الأشياء الخاطئة.

JoomShaper