ليلى علي
هل اكتشفتِ فجأة أنك لم تعودي موجودة، كل ما كنت تفضلينه وتأملين تحقيقه حل محله تفضيلات وآمال شخص آخر. قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تدركي أن شخصيتك وكل ما يتعلق بها قد ذاب كليا في الشخص الذي أحببته وتزوجته.
تقول الخبيرة في علاج الصدمات والعلاج السلوكي المعرفي كيري ريسيفر، "قد تضربك هذه الحقيقة في وجهك فجأة مثل طن من الحجارة. أو قد تزعجك كل يوم، وتهمس في أذنك (هذا ليس أنت حقا)". مضيفة "فقدان نفسك في علاقاتك بالآخرين طريق خطير لا يمكن أن يؤدي إلى حياة سوية طبيعية".


علامات ذوبان شخصيتك
تقول كيري في مقالها على موقع زواج.كوم بعنوان (كيف تتوقفي عن خسارة نفسك في العلاقات)، "صحيح أن فقدان نفسك في علاقة لا يعني أنك تتحولين إلى شبح، إلا أنه يعني أنك تفقدين اتصالك بذاتك الداخلية، وخاصة رغباتك واحتياجاتك التي تجعلك كائنا بشريا فريدا من نوعه".
وفيما يلي بعض الإشارات التي توحي بفقدان ذاتك من أجل الآخرين:
غالبا ما تتصرفين وتفكرين وتتواصلين بالطرق التي تشعرين أن شريكك سيوافق عليها ويرغب فيها بدلا من أن تكون نابعة بصدق من نفسك.
تتجاهلين باستمرار احتياجاتك ورغباتك في إطار العلاقة مع الشخص الآخر.
يتملكك الشعور بأن هذه العلاقة تأخذك إلى الأسفل بدلا من العكس.
تتطلعين دائما إلى شريكك ليجلب لك السعادة بدلا من أن تكون نابعة من ذاتك.
تفقدين الاهتمام بهواياتك وأهدافك وأحلامك وتهتمين أكثر بهوايات وأهداف شريكك بدلا من ذلك.
لا تشعرين بالراحة وأنتِ وحدك وتفضلين قضاء كل الوقت مع شريكك، حتى لو كان ذلك يعني المشاركة المستمرة في الأنشطة التي لا تفضلينها.
لماذا نفقد أنفسنا؟
وفقا لكيري، فإن أحد الأسباب لذوبان شخصيتك في شخصيات الآخرين من حولك، هو شعورك بفراغ داخلي تحتاجين من الآخرين ملْأه، لذا قد ترتبطين بشريك حياتك بحجة زائفة وهي أنه قد يسد فارغا بداخلك.
ربما جعلك شريكك تشعرين بالإعجاب في بداية علاقته بك، وشعرت أنك مرغوبة ومطلوبة ومحبوبة، ومن أجل الشعور بهذه المشاعر المذهلة مرة أخرى تطاردين زوجك، على أمل أن يمنحك إياها مرة أخرى، ولكنها لم تعد موجودة للأسف. كل ما تحاولين فعله يبعدك عن نفسك أكثر وأكثر.
أضافت كيري "قد يكون السبب أيضا ما نشأت عليه في مرحلة الطفولة المبكرة، إذ تتصرفين وفقا لما يريده الآخرون وليس ما تريدينه أنت حقا. ربما في سن مبكرة للغاية تعلمت أن تلعبي دورا مع الأشخاص الأقرب إليك من أجل كسب حبهم بدلا من مجرد أن تكوني أنت نفسك، وقد تكرر هذا السلوك في علاقتك العاطفية والزوجية فيما بعد".
تفسير آخر هو أقرب لشعورك بالحرمان العاطفي، وهذا يعني أن والديك لم يتمكنا من تلبية رغباتك الفريدة واحتياجاتك الجسدية أو العاطفية عندما كنت طفلة صغيرة وكانا يقرران عنك كل احتياجاتك بدلا منك، ومن هنا تعلمت أن تحيلي احتياجاتك ورغباتك الغريزية إلى أحبائك والمسؤولين عنك.
من الممكن أنه لم يمنحك أحد مساحة للتعبير عن احتياجاتك الخاصة، فأحلتها إلى المسؤولين عنك، ولاحقا أصبحت خائفة جدا من أن تعتني بنفسك وحدك، ثم أعيد تفعيل هذا النمط في علاقتك العاطفية مع زوجك.
لا تذوبي في الآخرين
تقدم الطبيبة النفسية تيري كول، بعض النصائح عن كيفية التوقف عن خسارة نفسك في علاقتك بالآخرين وذلك في مقالها على موقع بوسيتفلي بوسيتيف PositivelyPositive، بعنوان "توقفي عن فقدان ذاتك في علاقاتك بالآخرين".
عليك قضاء بعض الوقت بعيدا عن زوجك أو شريك حياتك، والاختلاط مع الآخرين وإيجاد توازن في قضاء الوقت معا، ودعم شريكك في المقابل في الأمور التي يريد القيام بها دونك مثل الخروج مع أصدقائه.
ابقي على اتصال مع أصدقائك وعائلتك. ومن الجيد أن تكون لديك علاقات خارج علاقتك الأساسية. بغض النظر عن مدى روعة شريك حياتك، فأنت إنسانة لديك كامل الواجبات تجاه الآخرين من حولك. ويشمل ذلك كونك صديقة أو ابنة أو أختا أو ابنة عم أو حفيدة، فهناك استقرار في حياتك يأتي عندما تظلين متصلة بكافة أجزاء نفسك من خلال جميع الأشخاص الأكثر أهمية لك.
إذا كنت تقدرين نفسك حقا، فهذا يعني وضع قيمة عالية لنفسك، وهذا يتضمن اتخاذ قرارات بناء على ما تشعرين به وليس من أجل الآخرين حتى لا تشعري بالندم أو ينتهي بك الأمر للوم نفسك دون توقف.
ضعي حدودا صحية في بداية علاقتك بشريك حياتك، فهذه هي فرصتك للتعبير عن رغباتك واحتياجاتك وكذلك تفضيلات نمط حياتك، إذ إن وضع حدود فعالة في وقت مبكر مع الصدق في ذلك أمر مهم جدا للنجاح الدائم في الحب.
لا تتخلي عن رغباتك واحتياجاتك حتى لو كان شريكك لا يشاركك اهتماماتك الخاصة. إذا كان شريك حياتك لا يرغب في ممارسة الرياضة يمكنك القيام بذلك وحدك والعمل على إثارة حماسه في المرة المقبلة، وإذا تخليت عما تفضلين القيام به سيؤدي ذلك إلى شعورك بالاستياء والنقمة على زوجك لأنه جعلك تتخلين عما تريدين تحقيقه.
بدلا من السؤال دائما، "ماذا تريدون؟" أو "كيف يمكنني أن ألبي ما يريده الآخرون مني؟" اسألي نفسك "ماذا أريد؟" "كيف يمكنني تلبية احتياجاتي الخاصة؟" و"ما الذي يجعلني أشعر بالرضا حقا حيال هذا الأمر الآن؟". الأمر يتعلق بأن تكوني أنت مكملة لنفسك ولا تنتظري من الآخرين السؤال عنك.
أحبي نفسك
وتؤكد كيري في النهاية أهمية أن تكوني رحيمة بنفسك، وأن تمنحي نفسك مساحة لاستكشاف الحياة. وتحبي نفسك دون قيد أو شرط. وأن تظهري لنفسك مدى تميزك، وعليكِ أن تتعرفي على نفسك وكيف تفضلين عيش حياتك التي ستعيشينها مرة واحدة فقط. ولا تنسي أن فقدان نفسك في علاقتك ليس خطأ شريكك ولكنه سيكون خطأك أنتِ إن لم تنتبهي!

JoomShaper