عنب بلدي – خولة حفظي
“بدأتُ ألاحظ وأعايش حركات طفلتي الأولى، وأعيش تفاصيل جميلة تمر بها، زادت إنتاجيتي، وتركيزي بالعمل أصبح أفضل لأن ابنتي باتت تحت مرأى عيني”.
تتحدث علا سليمان، أم لطفلة، عن تجربتها بالعمل من المنزل، بعد أن فرضت ظروف الحجر الصحي مغادرة المكاتب، للحد من انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
أضاف العمل من المنزل خلال الحجر الصحي تحديًا جديدًا إلى قائمة طويلة من المهام والمسؤوليات التي تحملها النساء، والأمهات على وجه الخصوص، وما ترافقها من مواقف مضحكة أحيانًا ومحرجة مرات أخرى.


وتقول “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” إن قدرة النساء على الانخراط في الأعمال المأجورة تواجه عوائق إضافية، بسبب إغلاق المدارس ومرافق رعاية الأطفال في كثير من البلدان لاحتواء انتشار “كورونا”.
وبحسب الهيئة الأممية، فإن أوقات الأزمات مثل هذه، غالبًا تترك الخيار “غير العادل للنساء، وأحيانًا تترك اختيارًا مستحيلًا، بالتخلي عن العمل المأجور لرعاية الأطفال في المنزل”.
ويعتبر التوفيق بين الواجبات المنزلية والعمل من المنزل “غاية في الصعوبة، لأنه يستحيل أن تعطي المرأة القدرة ذاتها للحالتين داخل المنزل وخارجه، وغالبًا ما يطغى جانب على آخر، فالتوازن ليس سهلًا”، بحسب ما قالته الاختصاصية الاجتماعية ندى الفوال، لعنب بلدي.
وبحسب الاختصاصية، فإن العمل من المنزل قد يكون “فرصة للأمهات ليتابعن ثغرات ضاعت منهن في أيام العمل والدوام خارج البيت، وفترة للابتعاد عن بعض الضغوط النفسية”.
تجارب أمهات
اعتبرت علا، وهي سورية تعمل في اسطنبول، أن العمل من المنزل تجربة “جميلة”، بالرغم من بعض المقاطعات لعملها من ابنتها، لكنه أفضل من شعورها بالذنب تجاهها، الذي يراود كل أم تقرر الالتزام بالعمل ضمن المكتب، بعيدًا عن أطفالها.
وتتحدث دراسة أمريكية منشورة في صحيفة “واشنطن بوست” أن النساء اللواتي لديهن أطفال يحققن إنجازات في العمل أكثر من أي فئة أخرى، بما في ذلك الرجال والآباء والنساء من دون أطفال.
وقد يكون ذلك بسبب قدرات تكتسبها الأم، وتمنحها القدرة على أداء مهام متعددة في وقت واحد، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة، كما تقول الصحفية في راديو روزنة كاتيا أكسوي، لعنب بلدي.
وتصف الصحفية المقيمة في اسطنبول تجربتها بالعمل من المنزل خلال فترة الحجر الصحي بـ”السيئة”، ولكنها لا تخلو من المواقف المضحكة، وخاصة في أثناء اجتماعات العمل.
وتضيف، “قد تطلب ابنتي مني مساعدتها في الذهاب إلى الحمام خلال اجتماعي مع فريق العمل، وقد أوبخ أطفالي أو أطلب منهم شيئًا والميكروفون مفتوح”.
من جهتها، ترى الرسامة كارمن النبهان، التي تعمل إدارية أيضًا، أن التجربة الحالية زادت من الضغط على الأمهات، واستنزفت أوقاتهن بشكل أكبر، وزادت من الصعوبات للتوفيق بين العمل والمنزل.
الروتين والتنظيم
اتفقت جميع الأمهات اللواتي قابلتهن عنب بلدي، على أن تنظيم المهام اليومية بين العمل والمنزل، هو أفضل الحلول للاستمرار في الوقت الحالي.
وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية ندى الفوال، أهمية الحفاظ على روتين المنزل في الفترة الحالة، إذ يجعل من السهل على الأم أن تنجز مهامها على كل الأصعدة.
ويجب على الأم العاملة تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ لأطفالها، وتخصيص أوقات للعب والدراسة، مع وضع قواعد وشروط ومكافآت للالتزام أو عقوبات للتجاوزات، بحسب ما قالته الاختصاصية الاجتماعية.
وترى الفوال أن إشراك أفراد العائلة بظروف العمل الجديدة وطلب مساعدتهم مفيد جدًا، وبذلك قد تحصل المرأة على دعمهم ومساعدتهم.
العمل أم المنزل؟
تضطلع النساء في المنطقة العربية بأعمال الرعاية الأسرية أكثر بخمسة أضعاف مقارنة بالرجال، بحسب “هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية“، وقد يفرض ذلك ضغوطًا إضافية على الأمهات العاملات من المنزل في الظرف الحالي، وقد يجبرهن على خيارات لا يرغبن بها.
وتؤكد الاختصاصية الاجتماعية أهمية التوازن في المرحلة الحالية والعمل بالأولويات، فإذا شعرت الأم أن المنزل بحاجتها كحالات المشاكل العائلية أو الدراسية للأطفال، فيجب عليها في هذه الحالة إعطاء أولوية الاهتمام للمنزل.
أما إذا كانت تعيش ضغوطًا بالعمل ويجب عليها تأدية مهام معينة، ففي هذه الحالة تعطي الأولوية لعملها وتطلب الدعم بتوفير جو ملائم من العائلة.
وإذا عانت الأم العاملة من ضغوط كبيرة، فقد تكون الإجازة حلًا مناسبًا للتخفيف من الضغوط قليلًا، واستعادة النشاط للعودة مجددًا.

JoomShaper