سلطت العديد من الدراسات الضوء على مسألة تقاضي المرأة دخلا أقل من الرجل، وتنتشر هذه الظاهرة في جميع أنحاء العالم لكن تفسيراتها مختلفة.
ويعود هذا الأمر إلى حد كبير إلى حقيقة أنه في بداية هذا القرن تبنت العديد من البلدان في العالم قانونا يلزم الشركات بإدماج أكبر للمرأة في العمل، ولكن ذلك لم ينف الفوارق الواضحة بين أجور الجنسين.
وفي تقرير نشرته مجلة "إستيلو نكست" (estilonext) الإسبانية، قالت الكاتبة ألين سواريز إن الفجوة في الرواتب بين الرجال والنساء قضية شائكة، وفي العقود الأخيرة لم يعد توظيف النساء في الشركات استثناء، بل أضحى أمرا طبيعيا وبديهيا.
وتظهر بيانات هذه الدراسات أن الفرق في الدخل بين الرجال والنساء في سن الإنتاج يرجع إلى عوامل عديدة تتجاوز تقدير الراتب المخصص، وهو ما يعني أن أسباب فجوة الأجور أكثر تعقيدا مما تبدو عليه.
الوظائف التي تركز على توظيف النساء منخفضة الأجور ويحدث هذا في جميع القطاعات (شترستوك)
1- نوعية الوظائف
عادة ما تكون الوظائف التي تركز على توظيف النساء منخفضة الأجور، وفي جميع القطاعات الاقتصادية دائما ما تخصص لأنشطة محددة رواتب أقل من غيرها لعدة عوامل، إما بسبب قلة الخبرة أو لبساطة المهام، أو لأن سلسلة الإنتاج تقتضي أن يكون هذا النشاط أقل تكلفة لزيادة الإيرادات، وربما يكون من قبيل الصدفة أن توظف النساء للقيام بمثل هذه الأنشطة.
لكن الاعتماد على النساء للقيام بمثل هذه المهام لا يعني أن الرجال لا يستطيعون ممارستها، بل لأنهم سيحصلون على أجور أكثر من النساء.
لا يشغل الرجال هذه الوظائف، ونادرا ما يلجؤون لها، في حين تطلب النساء هذه المهام بشكل متكرر، ويعملن نفس عدد الساعات التي يعملها الرجال في الأنشطة الأخرى ولكنهن في كلتا الحالتين يتقاضين رواتب أقل.
كثيرون يرون أن عدم تمكين المرأة من الوظائف العليا ساهم في تعميق فجوة الأجور بين النساء والرجال (شترستوك)
2- صعوبة الوصول للمناصب العليا
لا يزال الرجال يحتكرون الوظائف رفيعة المستوى والمناصب الإستراتيجية، وعلى الرغم من أن نسبة توظيف النساء في الشركات ارتفعت من 8% إلى 44% في السنوات الـ15 الماضية فإن نسبة تقلد المرأة مناصب قيادية لا تزال متواضعة.
وكشفت أحدث دراسة لشركة "غرانت ثورنتون الدولية" أن 87% من الشركات حاليا تعين امرأة واحدة على الأقل في مناصب إدارية، ولا يزال الكثيرون يرون أن عدم تمكين المرأة من الوظائف العليا هو أحد العوامل التي ساهمت في تعميق فجوة الأجور بين النساء والرجال.
ولا يزال التحيز بشأن القدرات القيادية للمرأة قائما، ولهذا السبب تتقاضى العديد من النساء أجورا أقل من نظرائهن الرجال دون إمكانية الترقية على الرغم من أنهن يتمتعن بنفس التدريب والخبرة.
من الشائع أن تطلب المرأة تقليل ساعات عملها للتوفيق بين العمل والحياة الشخصية وهذا يقلل أجرها (شترستوك)
3- أعمال الرعاية الأسرية
تعودنا على فكرة أن يقع عمل رعاية الأطفال والمرضى على عاتق المرأة، وفي حال مرض أحد أفراد العائلة أو كان هناك أطفال يحتاجون للرعاية فمن الطبيعي أن تقوم المرأة بهذه المهمة، ومن المعتاد أيضا أن ترعى المرأة كبار السن في عائلتها مثل والديها.
وبما أن المرأة مطالبة بأن تجمع بين مختلف المسؤوليات المهنية والعائلية فإن ضيق الوقت يجعلها غير قادرة على العمل لساعات إضافية، لذلك تتقاضى أجرا أقل من الرجل، وتطلب إجازات أكثر تؤثر بشكل مباشر على راتبها أيضا، كما أنه من الشائع أن تطلب المرأة تقليل ساعات عملها من أجل التوفيق بين العمل والحياة الشخصية.
4- السن
يبدو أن ارتباط العمر بالأجر مسألة لم تتطور على مر السنوات، فتاريخيا يزيد دخل الرجل مع تقدمه في السن على عكس ما يحدث مع المرأة.
ورغم التغييرات التي طرأت على هذه المسألة في العقود الأخيرة فإنها لا تزال مستمرة.
وبالأرقام، تبلغ نسبة فجوة الأجور بين النساء اللواتي تجاوزن الـ50 والموظفات الشابات اليوم 27%.
ورغم احتمال تقلص هذه الفجوة تدريجيا في العقود القادمة بنسبة تصل إلى 4% فإن الحقيقة هي أن النساء في الوقت الحالي يحصلن على دخل أقل مع تقدمهن في السن.
ويفسر هذا الأمر عادة بأن النساء يسجلن فترات طويلة من التوقف عن الإنتاجية بسبب الأمومة أو رعاية المرضى أو كبار السن أو عدم التطور في مجال عملهن، مما يجعل التوفيق بين العمل والحياة الأسرية صعبا.
5- الأمومة
تلعب الأمومة دورا حاسما في تقييم دخل المرأة، وتؤكد العديد من الدراسات أن فجوة الرواتب تصبح أقل حدة ولا تتجاوز 4% حين تكون الموظفة عزباء.
لكن الفجوة تتسع بشكل مذهل عند مقارنة دخل المرأة المتزوجة بدخل الرجل المتزوج والمسؤول عن عائلة.
وفي الوقت الحالي لا يزال يُعتقد أن المرأة المتزوجة التي لديها أطفال ليس لديها الوقت للتفرغ للعمل، وأن المنزل يمثل أولويتها، ولهذا تعتبر أقل ملاءمة للتوظيف.