وسام حمود
عانت المرأة الكثير من أجل نيل بعض حقوقها، وتكبدت مآسي كثيرة من أجل حرية شكلت هاجسا بالنسبة لها
وتصدت لكل أفكار مجتمعنا الشرقي كي تكون نداً للرجل الذي اعترف أخيراً بمكانتها كعاملة ومنتجة، مبدعة رغم تحفظ البعض على مصطلح أنها مهما ارتفعت فنهايتها للبيت والمطبخ والأسرة.
المرأة العربية قاتلت لإثبات وجودها وكيانها، ولتؤكد أنها قادرة كما الرجل على قيادة الدفة، وفعلا نجحت الكثيرات في إرساء السفينة على بر الأمان، واستحقت الاحترام وتربعت على عروش كثيرة فمنهن من أصبحت وزيرة، ونائباً، وقاضية، إلخ، ولكن رغم كل النجاح الذي حققته الكثيرات من النساء تبقى المرأة تلك الجنس اللطيف الرقيق الذي يحتاج إلى جرعات حنان، وعطف، وراحة من أعباء كثيرة رمتها بنفسها على ظهرها، لدرجة بات لسان بعضهن لاعنا للحرية والتحرر، وخاصة حين تنجح الكثيرات في تأسيس مشروعهن الخاص مقابل فشلهن من الناحية الأسرية.. كما أن هناك معاناة أخرى أصعب وهي قضية راتب الزوجات العاملات الذي يمثل هاجسا لهن ومطمعا للعديد من الأزواج، فالبعض ينظر إلى هذا الراتب على أنه من خصوصيات الزوجة، ولها وحدها حق التصرف فيه، والبعض الآخر يعتبره من توابع الزوجة وأن من حق الزوج أن يكون له نصيب منه وأن على الزوجة أن تنفق على الأسرة، ما دامت قادرة، وما دامت المنادية بالعمل النسوي.
السؤال الذي نود طرحه هل ندمت المرأة على المطالبة بأن تكون منتجة؟
وهل الكثيرات فعلا ندمن على المحاربة من أجل الحرية، التي تحولت إلى نقمة تنغص حياتهن؟
آراء كثيرة بين مؤيدة ومعارضة رصدتها «الوطن»:
عائشة أبو حلاوة تعمل سكرتيرة لدى طبيب أسنان تروي تجربتها المريرة على مدار سنوات مؤكدة أن راتبها يذهب للبيت، فزوجها ليس له وجود بمعنى مجرد اسم رمي على أكتافها فهو لا يعمل ويجبرها على العمل وحينما تفكر أن تأخذ جزءا من راتبها لشراء شيء يخصها يقوم بمحاسبتها وكأنه هو المنتج، عائشة تقول إنها مضطرة للخضوع فهي أم لأربعة أطفال وإن لم تقم هي برعايتهم، فسيموتون من الجوع وخاصة أنه لا سند لها، عائشة ترى أن موضوع الحرية لا علاقة له بظرفها فهي لم تناد يوما بها بل كانت تريد الزواج وتأسيس أسرة لا اكثر، ولكن الزمن فرض أن تطبق عليها قوانين العمل ولولا الحاجة لما فكرت بذلك وتقول لو أنها تعلم من أول من نادت بعمل المرأة لقتلتها لأن العمل للمرأة الأم برأيها (مذلة).
لعن الله ساعة تحرر المرأة فأنا أشعر أني لست إنسانة طبيعية، حياتي من الصباح إلى المساء لا تشبه حياة البشر، أخرج من الصباح ولا أعود إلا في ساعة متأخرة بحكم طبيعة عملي التي تتطلب مني الحضور الدائم، فداء صاحبة صالون للتجميل يمتص طاقتها وقوتها، فهي طوال النهار تقف على قدميها لدرجة لم تعد تشعر بهما، والأمراض التي تزور جسدها لا تعد ولا تحصى، فداء ترى أن المناداة بتحرر المرأة كان أكبر خطأ في التاريخ، فالمرأة هي من جلبت التعب والعذاب لنفسها ولم تكن مضطرة، فالرجل ملزم بها وبكل متطلباتها، على حين اليوم بات يعتمد عليها وعلى دخلها بل يحاسبها إن نقص المبلغ أو تصرفت بجزء منه بحكم شعورها أنه تعبها، وتضيف فداء: الغريب أن الراتب أصبح الشغل الشاغل للكثيرين، وأعتقد أنه من حقها في المرتبة الأولى وأن موضوع مساهمتها في البيت يجب ألا تكون مفروضة عليها ويجب أن يترك الأمر للاتفاق بين الزوج والزوجة، ومن المعروف أن مال المرأة من أي جهة من حقها ولا سبب مقنعاً لفرض أي شيء عليها وإنما يجب أن يكون هذا بالتفاهم بينها وبين زوجها وألا يستغل هذا بعض الآباء بأن يعطيها حق العمل مقابل أخذ راتبها في المستقبل، وأكرر على أهمية التفاهم بين الزوج والزوجة في هذا الأمر.
ريم شرقاوي صحفية ترى أن حقيقة راتب الزوجة أصبح من المغريات، ومن الأمور المثيرة للجدل، حتى إن بعض الشباب أصبح من شروطهم في الزواج أن تكون الزوجة موظفة، هذا ما جلبته المرأة لنفسها، ريم ترى أنه من حق الزوجة التصرف براتبها كيف شاءت وهي غير ملزمة بالصرف على البيت فهذا من واجبات الرجل تجاه بيته وأسرته، وإذا ساعدت المرأة العاملة الرجل بإرادتها وعن طيب خاطر فهذا نبل وكرم منها، ولكن في الوقت نفسه هناك أشخاص يقدرون وقوف زوجاتهم بجانبهم، والكثير منهم يقدر ذلك ويعوضها حين تنفرج أموره المالية، وإن وجد من يطمع براتب زوجته فإنه في المقابل هناك من لا يكترث له رغم حاجته إليه، ولا يمكننا أن ننكر أن الكثيرات أسسن أملاكا كثيرة من خلال مساعدة الزوج وحسن تدبيرهن، وهذا ليس عيبا، ريم ليست ضد مساعدة الرجل إن كان شكورا لذلك فهي مثلا وقفت إلى جانب خطيبها سنوات طويلة حتى استطاعت في النهاية أن تؤسس معه عش الزوجية.
وترى ريم أن ظروف الحياة والغلاء الذي بتنا نعاني منه يحتاج إلى وقفة مع الرجل فهو وحده غير قادر على تأمين جميع متطلبات الحياة ولكن إن كان يستحق.
فراس نحلة موظف يقول: بالتأكيد راتب الزوجة لها ولبيتها، فالزوجان شريكان في الحياة والمال فيجب على الزوجة أن تعلم أن مالها يجب أن تصرفه بما يعود بالنفع على أسرتها، وأنها إذا صرفته فيما لا يفيد فإن المشكلة لن تعود عليها فقط بل ستعود على أسرتها أيضا، ويرى أنه من غير المعقول أن تشعر المرأة أن زوجها بحاجة إلى راتبها وتقوم هي مثلا بتبذيره على أشياء لا طعم لها، فراس مثلا كل آخر شهر يضع راتبه وراتب زوجته ويقومان بتقسيمه، جمعيات- إيجار المنزل، أقساط، والباقي يقسم بحكمة لنهاية الشهر، فراس يؤكد أنه لولا مساندة زوجته ماليا لكان وضعه صعباً، فراتبه لا يكفي كل التزاماته التي ترتبت عليه بعد الزواج وخاصة في ظل وجود طفلين لهما متطلبات كثيرة لا يعلم ويشعر بها إلا كل موظف.
عانت المرأة الكثير من أجل نيل بعض حقوقها، وتكبدت مآسي كثيرة من أجل حرية شكلت هاجسا بالنسبة لها
- التفاصيل