إن نهضة هذه الأمة وإعدادها من أجل دورها الريادي: هي المهمة الربانية الكبرى التي جعلها الله تبارك وتعالى منوطة بكل من انتمى إلى أمة الإسلام على وجه العموم، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110)، وقال عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة: 143).


والمرأة باعتبارها نصف أمة الإسلام: هي مكلفة تماما كالرجل، بالعمل على رفعة شأن هذه الأمة، والقيام من وهدتها إلى القمة السامقة التي أرادها الله تعالى للأمة الإسلامية التي تبلغ كلمة الله إلى العالمين، قال الألباني رحمه الله: (والأصل في ذلك أن كل ما يجب للذكور وجب للإناث، و ما يجوز لهم جاز لهن و لا فرق، كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما النساء شقائق الرجال) (رواه الترمذي، (113)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (113)).

بل لا نبالغ إذا قلنا: إن دور المرأة المسلمة في نهضة أمتها قد يفوق دور الرجال في كثير من الأحيان، فما من رجل عظيم أو قائد مؤثر عبر تاريخ أمتنا إلا وكان وراءه زوجة تسانده، أو أم تشجعه، لولا أن أعانه الله بها؛ لم يكن يصل إلى تلك الدرجة من التأثير، فالمرأة نصف الأمة، وهي تلد لنا النصف الآخر وتربيه، فما من جهد نـهضوي يحدث في هذه الأمة إلا ولها فيه تأثير ونصيب، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وإن كانت قضية دور المرأة في نهضة الأمة قد حازت على إجماع أهل الفكر والرأي؛ إلا أن تقدير قيمة هذا الدور، والرؤية العملية لتفعيله وتوجيهه قد حظيت باختلافات واسعة، وتوجهات متباينة بين المهتمين بشؤون المرأة، سواء بين الإسلاميين والعلمانيين، أو بين الإسلاميين أنفسهم.
فأما أصحاب التوجهات العلمانية سواء كانوا مغرضين أم مخدوعين، فإن دور المرأة عندهم في نهضة المجتمع منوط بقدر تحررها من القيم والتعاليم الشرعية، وانغماسها في حمأة الاختلاط المحرم، ومزاحمة الرجال في كل ميدان، فيما يدعونه زورًا وبهتانًا بتحرير المرأة.
والمرء يحار عندما يرى أماني هؤلاء، وتجاهلهم لحقائق الفطرة والتاريخ والواقع فضلًا عن حقائق الشرع والدين، فانظر مثلًا إلى قول أحدهم في مجلة روز اليوسف: ( إني أطالب كل فتاة أن تأخذ صديقها في يدها، وتذهب إلى أبيها وتقول له: هذا صديقي)(واقعنا المعاصر، 278). أو إلى ما كتبه أنيس منصور في إحدى مقالاته في أخبار اليوم: أنه زار إحدى الجامعات المتقدمة في ألمانيا، ورأى هناك الأولاد والبنات أزواجًا أزواجًا مستلقين على الحشائش في فناء الجامعة، يقول: (فقلت في نفسي: متى أرى ذلك المنظر في جامعة أسيوط لكي تراه عيون أهل الصعيد، وتتعود عليه).(واقعنا المعاصر، 278).

فلا يدرى المرء ما علاقة النهضة بالتبرج والسفور والاختلاط المحرم، وزج المرأة في كل ميدان سواء ما يتواكب مع فطرتها وطبيعتها أم لا؟! ثم ها نحن نعاني اليوم في كثير من بلاد الإسلام حالة من السفور والاختلاط، بل الانحلال الأخلاقي، فهل تقدم بنا ذلك ولو خطوة واحدة على سبيل النهضة والتقدم؟!
بل إننا نرى – بفضل الله تعالى ـ كثيرًا من نساء المسلمين الملتزمات بتعاليم دينهن قد حصلن على أعلى الشهادات، وقدمن جهودًا مشكورة في تقدم أمتنا دون أي تفريط في شرع الله تعالى.

وعلى الجانب الأخر فلا يزال كثير من الإسلاميين يطرحون قضية دور المرأة في نهضة الأمة طرحًا نظريًّا، لا نجد له حظًّا كبيرًا من التطبيق العملي، بل وفي كثير من الأحيان يطرح بعضهم طرحًا معوقًا يقلل من قيمة المرأة ودورها، وينطوي على فهم مغلوط لبعض ما ورد عن السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين.

والعبرة في هدي خير البرية صلى الله عليه وسلم، والصورة السامقة التي صنعها بتربيته النبوية لأرقى مجتمع وجد على ظهر الأرض، مجتمع الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فهل كانت تلك الصور المغلوطة هي التي سادت المجتمع الإسلامي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟!
إن من له أدنى اطلاع بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ليجيب على السؤال السابق بالنفي القاطع، فلقد كانت المرأة في عهد النبوة ردءًا للرجل، وقسيمة له في مجالات العمل والنهضة وفق الضوابط الشرعية، فعن الربيع بنت معوذ قالت: كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة) (البخاري، (2882))، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمن مما علمك الله، فقال: (اجتمعن في يوم كذا وكذا...) (البخاري، (7310)).

فتأمل كيف كانت النساء تشارك الرجال في الجهاد في سبيل الله تعالى، وطلب العلم، وهما مجالان من أهم مجالات نهضة هذه الأمة ورفعتها.

ونريد الآن أن نضع خارطة شاملة، ترسم ملامح رؤية عملية لمشاركة المرأة في نهضة أمة الإسلام، حتى يتسنى لنسائنا أن يقمن بدورهن الذي لا غنى لأمتنا عنه.

ويمكننا أن نرسم تلك الرؤية من خلال ثلاثة أدوار رئيسة:

 

الدور الأول: مساندة الأزواج:

وهذا الدور له أهمية قصوى، إذ لا يمكن للزوج ـ خاصة لو كان داعية أو مصلحًا أو عالمًا ـ أن يقوم بدوره الإصلاحي إلا إن كانت من ورائه زوجة صالحة تقية، تعيش قضيته، وتعينه عليها، وتوفر له البيئة اللازمة لراحته واستقراره بما يمكنه من مواصلة الدعوة والإصلاح، فالمقولة الشهيرة: وراء كل رجل عظيم امرأة، يمكن تصحيحها إلى: وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، فالمرأة الحاملة لهم أمتها، الواعية بدورها في مساندة زوجها، المشاركة له في قضية أمته ودينه، هي بلا شك امرأة عظيمة.
ولنتأمل ما كان من أعظم نساء العالمين، أمنا خديجة رضي الله عنها، ومدى أثرها في مساندة سيد المصلحين محمد صلى الله عليه وسلم، وإعانته على دعوته ورسالته.
فها هو صلى الله عليه وسلم يرجع من أول لقاء له مع جبريل عليه السلام، يرجف فؤاده؛ ويختلج قلبه في صدره، حتى دخل على خديجة فقال : " زملوني زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع؛ فقال لخديجة وأخبرها الخبر: ( لقد خشيت على نفسي )؛ فقالت خديجة : كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
ثم انطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل ابن عم خديجة؛ فقالت له: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى؛ فقال ورقة: هذا هو الناموس الذي أنزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، يا ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أومخرجي هم؟) قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي) ( متفق عليه، رواه البخاري، (3)، ومسلم، (422)).
فتأملي أيتها المسلمة، كيف وقفت خديجة رضي الله عنها بجانب رسولنا صلى الله عليه وسلم، كيف واسته بكلماتها الرائعة التي بثت في نفسه الطمأنينة، وغمرت قلبه بالسكينة، بل ذهبت به إلى ابن عمها ورقة، باعتباره عالمًا مجربًا، لتزيده طمأنينة وتبدد قلقه وخوفه.
فلا عجب إذًا أنها قد حفرت لنفسها مكانة في قلبه صلى الله عليه وسلم لا تدانيها مكانة سائر زوجاته رضي الله عنهن أجمعين، فعن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكر خديجة؛ أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يومًا؛ فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق قد أبدلك الله عز و جل بها خيرًا منها، قال: (ما أبدلني الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء) (رواه أحمد في مسنده، (24745)، وإسناده حسن).

الدور الثاني: صناعة الأجيال:

إنها تلك المهمة العظيمة التي أوجبها الله تعالى على كل مسلمة، فالمرأة راعية لبيتها ومن فيه وما فيه، وهي مقصودة بقوله صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (متفق عليه، رواه البخاري، (893)، ومسلم، (4828))، بل إن واجبات التربية ألصق بالأم باعتبارها المحضن الرئيس، والمدرسة الأولى في حياة أولادها، التي لو أحسنا إعدادها كمربية ومعلمة لنجحنا في تربية الأمة بأسرها.
ولعل المغرضين من مفكري الغرب الذين يحاولون نقل تراثهم الفكري، وثقافتهم الغربية إلى بلادنا، يدركون خطورة هذا الدور خير قيام، فنراهم يدأبون على لسان أذنابهم من بني جلدتنا ـ من خلال مؤتمراتهم وكتبهم ـ في الإلحاح على ضرورة عمل المرأة، وتحررها من سجن المنزل، ومشاركتها للرجل في كل ميادين الحياة، وفي المقابل لا نرى لدور المرأة في رعاية زوجها، و تربية أولادها نصيبًا من الذكر في أطروحاتهم ورؤاهم، بغرض تهميش ذلك الدور العظيم، لأنهم خير من يدرك أنه لا قيام لنهضة هذه الأمة إلا عبر صناعة الأم العظيمة التي تخرج لنا أولادًا عظماء.
وانظر إلى خبر الخنساء رحمها الله، كيف أخرجت هؤلاء الفتية الأبطال، وكيف ربتهم على عشق الجنة، وطلب الشهادة، والتطلع لشرف الجهاد في سبيل الله تعالى، قال في الاستيعاب:
(حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم من أول الليل: يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين، و والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غبرت نسبكم.
وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران: 200)، فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارًا على أوراقها؛ فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها؛ تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
فخرج بنوها قابلين لنصحها عازمين على قولها فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم ، وأقبلوا على طلب الشهادة، حتى قتلوا جميعًا رحمهم الله تعالى.
فبلغها الخبر فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد مائتي درهم حتى قبض رضي الله عنه).( الاستيعاب في معرفة الأصحاب، (2 / 90ـ91))
فبأمثال الخنساء رحمها الله قامت نهضة هذه الأمة، ولا قيام لها من جديد إلا إذا قامت أخوات الخنساء من نسائنا اليوم بدورهن في صناعة الأجيال المؤمنة التي تربت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعاشت من أجل نصرة هذا الدين، ورفعة هذه الأمة.

الدور الثالث: المشاركة في فروض الكفايات:

وهذا هو الدور الذي فرط فيه الإسلاميون، فأصابوه بالتهميش والضعف، وأفرط فيه العلمانيون لتحقيق أغراض سادتهم، فضخموه حتى لكأنه ليس للمرأة دور غيره، وأرادوا إقحامها فيما ليس لها، مما لا يناسب طبيعتها وفطرتها التي فطرها الله تعالى عليها.
والحق دائمًا وسط بين طرفي الغلو، من التفريط والإفراط، فلا شك أن قيام المرأة بدورها في تحقيق فروض الكفايات التي تحتاجها الأمة هو أمر لا بد منه لنهضة هذه الأمة، بل هو حق مشروع من حقوق المرأة المسلمة، ومن فروض الكفايات ما يحدث الخلل فيه على مستوى الأمة إن لم تشارك فيه المرأة.
فمن ذلك مثلًا: الدعوة إلى الله تعالى في الأوساط النسائية، فلا شك أن المرأة أقدر من الرجل على العمل الدعوي في المجتمع النسائي، نظرًا لتجانسها مع سائر النساء، سواء في التركيب العضوي أو النفسي، كما أن تأثر المرأة بأختها الداعية من خلال القدوة العملية هو أقوى بكثير من تأثرها بالرجل، لأنه مكلف بأمور لا تكلف بها المرأة.
كما أن المرأة أيضًا تستطيع أن تميز الأولويات الدعوية في المجتمع النسوي، لكونها جزءًا منه، معايشة له، على عكس الرجل الذي لا يستطيع أن يحقق تلك المعايشة إلا في مجتمع الرجال.

وهناك أيضًا كثير من الفروض الكفائية التي لو انقطعت المرأة عن المشاركة فيها، فإن ذلك يفتح بابًا للفتن لا يدفعه إلا الله تعالى، فمجال الطب مثلا، يؤدي تخلف المرأة عن المشاركة فيه إلى اضطرار النساء إلى كشف العورات عند الأطباء الرجال، وإن كان هذا أمر تجيزه الحاجة والضرورة، إلا أن الأفضل بلا شك أن توفر الطبيبات المسلمات تلك الحاجة، وكذا تخلف المرأة عن المشاركة في مجال التعليم والتدريس، الذي يفتح بابًا للاختلاط بين الرجال والنساء، كان يمكن أن يغلق بالمشاركة الجادة والفاعلة فيه من قبل نساء المسلمين.
وها هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، زاخرة بمشاركة النساء في كثير من فروض الكفايات في مجتمع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فكان من النساء من أحرزن مكانة عالية في العلم والتعليم، من أمثال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، التي تتلمذت على يد زوجها محمد صلى الله عليه وسلم، وروت عن أبيها وعن عمر وفاطمة، وسعد ابن أبي وقاص، وأسيد بن حضير وجذامة بنت وهب، وحمزة بنت عمرو، كما روى عنها جمع من الصحابة وكبار التابعين، من أمثال: عمر، وابنه عبد الله، وأبو هريرة، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعمرو بن ميمون، وعلقمة بن قيس، ومسروق، وعبد الله بن حكيم، والأسود بن يزيد.(الإصابة في تمييز الصحابة، (8/20)).
قال هشام بن عروة: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا طب ولا بشعر من عائشة.
وقال مسروق رحمه الله: (رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض). (الإصابة في تمييز الصحابة(4/360))
وها هي النساء أيضًا تشارك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في شرف الجهاد في سبيل الله تعالى، فعن حفصة بنت سيرين: جاءت امرأة، فحدثت أن زوج أختها غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة، فكانت أختها معه في ست غزوات، قالت: فكنا نقوم على المرضى، ونداوي الكلمى (البخاري، (980)).
قال الحافظ ابن حجر: (في هذا الحديث من الفوائد: جواز مداواة المرأة للرجال الأجانب، إذا كانت بإحضار الدواء مثلا، والمعالجة من غير مباشرة إلا إن احتيج إليها عند أمن الفتنة).(فتح الباري، (3/123)).

إن هذه الآثار وغيرها الكثير، لتدل دلالة قاطعة على أهمية دور النساء في تحقيق فروض الكفايات التي لا تنهض أمتنا إلا بها، والتي يترتب على قصور المشاركة النسائية فيها من المفاسد والحرج، مما لا يعلم مداه إلا الله تعالى.

ولكي يكون دور المرأة في نهضة الأمة فاعلًا عبر هذه المنظومة الثلاثية، فلابد من ضبطها بمفتاح التوازن بين هذه الأدوار جميعًا، فلابد للمرأة أن تبني أساس دورها النهضوي على الاهتمام بزوجها وأبنائها، وبناء أسرة قوية متماسكة تكون لبنة صالحة في المجتمع الإسلامي المنشود، ثم عليها بعد ذلك أن تشارك بحسب طاقتها وإمكاناتها في تحقيق فروض الكفايات المختلفة التي تحتاج الأمة إليها فيها، ولابد كذلك لولي أمرها أن يتفهم حقيقة تلك الأدوار المطلوبة من المرأة، والتي قد تتعين في حقها، وأن يعينها على ذلك بإفساح المجال أمامها وفق الضوابط الشرعية، والتوازن الذي لابد منه لفاعلية تلك الأدوار جميعًا.

 

عصام زيدان

لها أون لاين

JoomShaper