يشير مصطلح «الاعتداء الجنسي» إلى مجموعة من السلوكيات التي تنطوي على اتصال أو سلوك جنسي قسري أو غير مرغوب فيه. يمكن لهذا أن يشمل الاعتداء الجنسي، الاغتصاب، محاولة الاغتصاب، أو أي شكل من أشكال اللمس الجنسي غير المرغوب فيه.

الاغتصاب جريمة بشعة قد يكون لها عواقب جسدية ونفسية طويلة الأمد على الضحية. إضافةً إلى الإصابة الجسدية، قد يسبب الاغتصاب اضطرابات في الصحة العقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.

وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن واحدة من كل ثلاث نساء وواحد من كل أربعة رجال يتعرضون للعنف الجنسي الذي يتضمن الاتصال الجسدي غير المرغوب فيه في مرحلة ما من حياتهم.

انتشار هذه الظاهرة يجعل من الضروري معالجة التأثير النفسي للاغتصاب، وتحديد العوامل التي تساهم في اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.

ما اضطراب ما بعد الصدمة؟

اضطراب ما بعد الصدمة هو اضطراب في الصحة العقلية يسبب مجموعة متنوعة من الأعراض المزعجة التي تحدث بعد حدث صادم، مثل الاغتصاب.

يُعد اضطراب ما بعد الصدمة شائعًا إلى حد ما بين الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي.

تذكر إحدى الدراسات أن ما يقرب من 75% من الناجين من الاعتداء الجنسي استوفوا معايير التشخيص باضطراب ما بعد الصدمة بعد شهر واحد من الاعتداء، ونحو 48% ما زالوا يستوفون معايير هذا التشخيص بعد مرور عام على الاعتداء.

قد يعاني الناجون من الاعتداء الجنسي أعراضًا حادة ومزمنة لاضطراب ما بعد الصدمة مثل آلام الجسم، التعب، استعادة الذكريات المؤلمة، الصداع ، إضافةً الى الأرق والكوابيس.

قد تشمل تجربة الناجين من اضطراب ما بعد الصدمة التجنب العاطفي، أي تجنب الأفكار أو المشاعر المتعلقة بالحدث الصادم، والابتعاد عن الأشياء التي تذكّر بالصدمة، مثل الأشخاص أو الأماكن أو الأشياء أو المواقف، ومقاومة التحدث عن الحدث المسبب.

بحثت دراسة حديثة دور اللوم والعار المرتبط بالاغتصاب في محنة ضحايا الاغتصاب.

هدفت الدراسة إلى تحديد نوع العار الذي له صلة بالمساهمة في اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب لدى ضحايا الاغتصاب. افترض الباحثون أن استجابة لوم الذات وإلقاء اللوم على الضحية عند الإفصاح عن حصول الاغتصاب تؤثر تأثيرًا غير مباشر في اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب من خلال العار المتعلق بالاغتصاب والشعور العام بالعار.

جمعت الدراسة البيانات بواسطة استبيانات عبر الإنترنت أكملتها 229 امرأة تعرضن للاغتصاب، وأبلغن عنها لشخص واحد على الأقل. كشفت النتائج عن أنماط مميزة لاضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.

نتائج هذه الدراسة مهمة للغاية في فهم التأثير النفسي للاغتصاب على الضحايا.

 

 

 

كثيرًا ما يرتفع مستوى اللوم والعار بين ضحايا الاغتصاب، ما يسهم في الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب. تسلط الدراسة الضوء على أهمية النظر في نوع العار -أي العار المتعلق بالاغتصاب والعار العام- عند تفسير اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب بين الأشخاص الذين تعرضوا للاغتصاب.

وجدت الدراسة أن إلقاء اللوم على الضحية ولوم الذات يؤثران تأثيرًا غير مباشر في اضطراب ما بعد الصدمة من خلال العار المتعلق بالاغتصاب، أي شعور العار المرتبط بحادثة الاغتصاب نفسها، مثل الشعور بالتلوث. تشير نتائج الدراسة إلى أن استجابات إلقاء اللوم على الضحية عند الكشف عن الاغتصاب قد تؤدي إلى تفاقم الشعور بالعار المرتبط بالاغتصاب، ما يؤدي إلى اضطراب ما بعد الصدمة.

الاكتئاب هو اضطراب آخر مرتبط بالصحة العقلية قد يتطور بعد التعرض لصدمة مثل الاغتصاب. يتميز الاكتئاب بالشعور المستمر بالحزن واليأس وفقدان الاهتمام بالأنشطة. وجدت الدراسة أن إلقاء اللوم على الضحية ولوم الذات يؤثران تأثيرًا غير مباشر في الاكتئاب من خلال نوعي العار، العار المتعلق بالاغتصاب والشعور العام بالعار. يشير الشعور العام بالعار إلى الخجل المرتبط بقيمة الفرد أو هويته، مثل الشعور بعدم كفاءته. تشير نتائج الدراسة إلى أن ردود فعل إلقاء اللوم على الضحية عند الكشف عن الاغتصاب ولوم الذات قد يؤدي إلى العار العام، ما يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب.

أخذت الدراسة بعين الاعتبار الميل إلى الشعور بالعار وخصائص الاغتصاب بوصفها عوامل محتملة. يشير الميل إلى الشعور بالعار إلى استعداد الفرد للشعور بالخجل بوصفه ردة فعل على الأحداث السلبية. تشمل خصائص الاغتصاب نوع الاغتصاب، والعلاقة بين الضحية والجاني، وشدة الاعتداء. مع ذلك، لم تجد الدراسة أي آثار مهمة للميل إلى الخجل أو لخصائص الاغتصاب على العلاقة بين اللوم والعار والضيق.

تؤكد نتائج الدراسة حاجة المجتمع إلى إدراك الآثار المدمرة للاغتصاب على ضحاياه، ورفض مواقف إلقاء اللوم على الضحية. من المهم توفير الدعم والموارد لضحايا الاغتصاب، يشمل ذلك خدمات الصحة العقلية التي تلبي احتياجات الأشخاص الذين تعرضوا للصدمات. يجب وضع حد للعار واللوم اللذين يطيلان معاناة ضحايا الاغتصاب، والتعاون من أجل مجتمع يعمل على تمكين الناجين ودعمهم في أثناء مرحلة الشفاء.

علاجات اضطراب ما بعد الصدمة بعد الاعتداء الجنسي:

بالنسبة إلى العديد من الناجين من الاعتداء الجنسي، فإن الأعراض تُشفى بمرور الوقت. ومع ذلك، بالنسبة إلى البعض، قد تستمر هذه الأعراض بل وتزداد سوءًا. ولحسن الحظ، توجد علاجات متاحة للمساعدة.

العلاج النفسي:

أثبت العلاج النفسي فعاليته في علاج أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بعد الاعتداء الجنسي.

تساعد المعالجة المعرفية الأشخاص على مواجهة الذكريات والأفكار غير السارة المرتبطة بالاعتداء الجنسي. يرشد المعالج المرضى لتصحيح أي أفكار غير واقعية، أو إشكالية تؤدي إلى ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لديهم.

يستهدف علاج التعرض المطول، أي سلوكيات مكتسبة ينخرط فيها الأشخاص أو يتجنبونها استجابةً للمواقف والأفكار والذكريات المرتبطة بالاغتصاب. بمواجهة المشاعر والأفكار والمواقف المخيفة، يدرك الأشخاص أن القلق والخوف يزولان تلقائيًا.

قد يساعد علاج «إزالة حساسية حركة العين وإعادة معالجتها» أيضًا في علاج الصدمات المرتبطة بالاغتصاب. يستخدم هذا النوع من العلاج تحفيز العين الإيقاعي الثنائي للمساعدة على تقليل التأثيرات العاطفية للذكريات المؤلمة. مع أن استجابة الأشخاص تتباين، وجدت الأبحاث أن هذا النهج قد يكون فعالًا في علاج اضطراب ما بعد الصدمة.

مجموعات الدعم:

يسمح الانضمام إلى مجموعة دعم عبر الإنترنت أو شخصيًا بفرصة للتواصل مع الناجين الآخرين من الاغتصاب، والحصول على المشورة المناسبة للتغلب على التحديات المرتبطة بتلك الصدمة.

المساعدة الذاتية:

إضافةً إلى التحدث إلى معالج أو الانضمام إلى مجموعة دعم، توجد بعض التغييرات في نمط الحياة، وأساليب ممكنة للتكيف، يمكن أن يقوم بها الفرد للتهدئة وتقليل الأعراض:

 

قضاء الوقت مع المقربين الداعمين، الخروج في نزهة على الأقدام، تناول بعض القهوة الصباحية، أو التحدث عبر الهاتف.

محاولة الاسترخاء مثل التأمل أو اليوغا.

 الخروج في الصباح، إذ إن تخصيص بعض الوقت للاستمتاع بالهواء الطلق والحصول على بعض الهواء النقي وتحريك الجسم قد يساعد على تنظيم الحالة المزاجية والعاطفية.

 كتابة اليوميات، إذ تشكل فرصة لتفريغ المشاعر والأحداث ومعالجتها. (أنا أصدق العلم)

JoomShaper