عمار القرشي
كانت المرأة قبل الإسلام مسلوبة الكيان مصادرة الذات يكاد لا يكون لوجودها معنى أو قيمة، عانت من الإمتهان والإحتقار والإنتقاص والحرمان من الورث وتبادلها مع الأصدقاء بغرض الشهوة، ولم يكن لها أن تهمس أو تعترض على ما تتعرض له من سوء العذاب.
جاء الاسلام وحرر المرأة من كافة أشكال العبودية والظلم، منحها حق الورث، منع وأد البنات، شرع قوانين الزواج بما يضمن حقوقها كاملة غير منقوصة، وأتاح للمرأة حق طلب العلم وخدمة المجتمع بضوابط شرعية تزيد من حريتها وتحفظ من حقوقها وتصونها من كل الأخطار، وكان قدوة البشرية صلوات ربي وسلامه عليه يستشير أمهات المؤمنين في جلال الأمور وعظامها.
وظلت المرأة المسلمة تتمتع بكامل الحقوق المنصوص عليها إسلاميا طوال مايزيد على الألف عام، في الوقت الذي كانت المرأة الغربية لا تزال تعيش في جاهلية مستمرة منذ أقدم العصور.
جاء الاستعمار وطحن الشعوب العربية والإسلامية بكلكله، وكاد أن يسحق الهوية الإسلامية في كثير من الشعوب التي أستعمرها وبدأت الأمة تدخل نفقاً مظلما من التفسخ والانصهار في ثقافة المستعمر، ولاشك ان الدور السلبي في بعض الأحيان الذي لعبه المبتعثون العرب والمسلمون في بلاد الغرب الذي جاء كنتيجة حتمية لإنبهارهم بالثورة الصناعية هناك جعلهم يغيرون من نظرتهم للأمور وربما ساقهم إلى التفكير بشكل ليس بالضرورة صحيح.
كان من بعض نتاج ذلك الوضع المتردي، ماعرف حينها بحركة تحرير المرأة، والتي كان رمزها البارز قاسم محمد أمين ( 1 ديسمبر 1863 – 23 أبريل 1908)، وجدير بالذكر أن قاسم أمين ليس رائد حركة تحرير المرأة، فالمؤرخون يذكرون أن أحمد فارس الشدياق (1219هـ الموافق 1804م الى 1306هـ الموافق 1888م) نادى في صحيفة "الجوائب" الى تحرير المرأة أي حتى قبل ولادة قاسم أمين، إلا ان قاسم أمين –كما ير د.محمد عمارة- كانت له علامته البارزة في هذا المجال فكل من نادى قبله إنما كان يعرض فكره في خضم أفكار كثيرة تكلموا فيها، أما قاسم أمين فقد وهب كل حياته لهذه الحركة.
وبحسب التعريف في موسوعة الويكبيديا، فإن تحرير المرأة حركة أسست لغرض إعادة الحقوق التاريخية المسلوبة من المرأة، والقضاء على الأفكار التي تنظم المجتمع على أساس ذكوري.
كانت أولى الناشطات في مجال تحرير المرأة هدى شعراوي، ثم توالت الناشطات بعدها من أجل ذلك. حمل لواء تحرير المرأة من الرجال قاسم أمين الذي كتب كتابيه المرأة الجديدة وتحرير المرأة ثم حمل اللواء من بعدهم جمال البنا في العديد من كتبه والتي على رأسها كتاب "المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد الفقهاء".
وتهدف هذه الحركة إلى:
- منع الحجاب والنقاب.
- أن يكون الرجال مع النساء في كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات
الحكومية، والأسواق.
- تقييد الطلاق بحيث يكون الطلاق في المحكمة.
- منع تعدد الزوجات.
- المساواة في الميراث مع الرجل.
- حق العمل.
- المطالبة بالحقوق الاجتماعية والسياسية.
في خضم هذه الأمواج العاتية تقف اليوم نساؤنا في اليمن بين مفترق طرق، فإما الى اتباع حركات التحرر التي تقودها أزيد من 200 منظمة موجودة على الساحة وذلك تحت شعارات النهوض بالمرأة والرقي بها الى ان تكون كالمرأة الغربية رويدا رويدا منطلقة من نشر الاختلاط اللامقيد، ولقد صدمت حينما رأيت بعض أنشطة هذه المنظمات التي تجمع بين الشباب والشابات وجها لوجه وفي مساحات ضيقة جداً والصور موجودة واسم المنظمة معروفة للجميع.
والخيار الثاني، إتباع سبيل تحرر اسلامي، بمعنى توعية النساء بما لهن وماعليهن بحقوقهن وواجبهاتهن تجاه انفسهن واسرهن ومجتمعاتهن، وأقولها والأسى يعتصرني أن هذا التيار نتيجة لعدد من العوامل يكاد لا يكون له وجود.
لذا وجب على الغيورين من أبناء وطننا تأسيس منظمات ذات تيار مخالف لحركات تحرير المرأة التي تدعو الى السفور والاختلاط والانحلال، ولا بد أن تستقي هذه المنظمات أدبياتها ومناهجها من القرأن والسنة لأن القرأن والسنة مصدر إلهي في التشريع، ونحن كمسلمين نوقن بأن الله بكل شيء عليم وهو لطيف خبير ورؤوف بعباده.
المصدر أونلاين