حفظ الإسلام للإنسان ذكرا كان أو أنثى كرامته ووضع سياجا وحدودا تمنع المساس بهذه الكرامة ، كما وضع العقوبات الشرعية في حال وقوع الإنسان في الخطيئة ، وكان من رحمة الإسلام أن الإنسان بعد تطبيق العقوبة عليه يعود كأي فرد من أفراد المجتمع له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات طالما تاب وحسنت توبته.. لكن ما تعانيه السجينات المفرج عنهن من محن واضطهاد وبلاء متواصل حتى بعد إعلانهن توبتهن يتنافى مع هذه القواعد التي أقرها الإسلام.
إن معاناة المرأة السجينة..هي معاناة امرأة ضعيفة تسلب منها كل حقوقها كإنسان..وأظلمت الدنيا في وجهها فهي إن كانت فتاة لن تجد من يقبل الزواج منها و إن كانت أما حرمت من أطفالها وإن كانت فقيرة أوصدت في وجهها جميع الأبواب ، وإن كانت غنية صادر الأهل أموالها وتبرؤوا منها، وإن كانت مدرسة أو عاملة أو طبيبة فصلت من عملها ... على الرغم من أنها قد تكون ضحية للمجتمع نفسه.
هذا الرفض المجتمعي للمفرج عنهن يدفع الكثيرات منهن للعودة إلى الجريمة مرة أخرى ، وهو ما أظهرت دراسة حديثة أنَّ 36 في المائة من السجينات السعوديات يَعُدْن إلى الجريمة بعد الإفراج عنهنّ لافتقادهنّ التقبُّل الأسري ، لذلك فإن هؤلاء وإن كن يحملن جزءا من الانغماس في الجريمة ولكن المجتمع يتحمل هو الآخر جزءا كبيرا ، لذلك كان من الضروري أن يعيد المجتمع نظرته السلبية للسجينات المفرج عنهن وأن يصهرهن في نسيجه من جديد حتى نحبب إليهن الدين، والأخلاق، والقيم السامية، ويستطعن استعادة الوضع الطبيعي الذي فطرنا الله سبحانه وتعالى عليه.
إننا نطالب بضرورة تثقيف المجتمع بثقافة التراحم وتقبل المذنب وتعريف إدارات السجون و أولياء السجينات بالأحكام الشرعية، وتكثيف البرامج عبر الإعلام حتى لا تعذب السجينة مرتين ولا يستمر إيذاء مثل هذه المرأة الضعيفة , كذلك يجب أن تقوم اللجان الاجتماعية بدورها في حلّ مثل هذه القضايا وتأهيل السجينات بعد خروجهن والمؤسسات الخيرية في إعالة الفقراء منهن... ليظل مجتمعنا متماسكا تسوده ثقافة التراحم والرأفة والمودة.
لها أون لاين