سلوى محمد موصلي
المرأة مخلوق ذو أبعاد لا يتوقعها أحد من القوة والطاقة والقدرة على التحمل، رغم أنها أنثى رقيقة لطيفة. ففي أوقات الشدة، وعند اللزوم لا تقل مواقفها عن الرجال، وهذا ليس جديدًا عليها، فمنذ الخليقة أوجدها الله في كيان مستقل؛ لترافق آدم العيش في الجنة، وتصحبه إلى الأرض، وتحمل الأمانة معه. ويشهد لها الملأ على مستوى المجتمعات، وعلى مدى الأزمان بأدوارها المتميّزة التي غيّرت مجرى التاريخ.
ولقد صعدت المرأة إلى الفضاء في مهمة عظيمة كقائد للسفينة الفضائية وطاقمها، فاخترقت كبد السماء، تقودها بنفسها في رحلات علمية مثيرة متكررة، وبلا شك أنها ثبتت كفاءة عالية، ومقدرة في التدريبات المطلوبة، فضلاً أنها تتميز كأنثى بخصائص وملكات عقلية قد يكون لها عظيم الأثر في استكمال مسيرة رجال العلم، فتعود برؤية جديدة تعكس مشاهدات ودراسات أنثوية تُضاف إلى صفحات الحضارة التكنولوجية.ولقد اختيرت الأميرة الفارسة هيا الحسين رئيسة للاتحاد الدولي للفروسية؛ لما لها من سبق وريادة ومهارات في هذا الحقل.
وفي مجتمعنا أثبتت المرأة منذ عقود في مجال الطوافة أنها تحمل قدرات ومهارات في إتمام صفقات طوائف الحجيج، وفي مجال تقديم الخدمات المباشرة من المساعدة والرعاية الصحية والتوعوية للحاجات، وإعداد المأكولات، ورعاية أبناء الحجيج، وحفظ الأمتعة حتى توقفت تمامًا عن إداء هذا المهام، ويقوم بها الوكلاء عنها. وفي الحاضر في ظل إعادة التقييم والتوزيع ومحاولات توطين المهن، واستبدال العمالة الوافدة، تعود المطالب والنداءات إلى تمكين المطوّفات من أداء المهام المناسبة لهن، من حيث التخصصات التي يتفوقن فيها لخدمة الحجيج مثل: مجال التغذية، والطب، والتمريض، والدعوة، والتوعية لقطاع حجيج النسوة، والمهام الإدارية والمالية؛ ممّا لا يتطلب النزول للمواقع الميدانية التي هي الأصلح للرجال.
وفي موسم حج هذا العام تصدّرت أخبار الكشافة النسائية السعودية بالصور والتعليق التي تباشر أعمالها التطوعية لخدمة ضيوف الرحمن، من خلال معسكرات الكشافة، تحت رعاية وزير التربية والتعليم، يقود الفريق الكشفي مها أحمد فتيحي، ورفيقاتها 15، وهو العدد الذي سمح به هذا الموسم. بينما هذا الفريق الأصلي النسائي كامل العدد والتخصصات، ويضم عددًا من الطالبات قمن برعاية الأطفال التائهين.
من المعروف عن الكشافة أنها قيمة رياضية وتربوية، ترعاها وتشرف عليها الدول، تبدأ بالأشبال، ثم الكشافة، ثم الجوالة، وأنشأها الضابط اللورد الإنجليزي (بادن باول) وظيفتها الأساسية تتمثل في أداء خدمات متنوعة أوقات المواسم، والزحام، والحشود، ويدعو شعارها للطاعة والتعاون والإخلاص لله، ثم للوطن. وفي مجتمعنا تقوم بأعمال خدمية وإرشادية فترة الإجازات والازدحام ومواسم الحج لرعاية وإرشاد التائهين، والقضاء على ظاهرة الافتراش. وفي حج هذا العام دشن مشروع الإرشاد الإلكتروني كخطوة لتطوير هذا المجال.
ومن الممكن أن توظف طاقات الشابات والفتيات بعد إكسابهن المهارات المتعددة الملائمة لخدمة أنفسهن، وأسرهن، والبيئة المحيطة في القرى البسيطة والنائية، ويجب أن نتذكر في هذا المجال السيدة أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- التي قامت بمهمة جليلة أثناء هجرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وأبيها، والاختباء عن أعين الكفار، حيث قامت هي طيلة الأيام بقطع المسافات إليهم لتزويدهم بما يحتاجونه من المؤونة والزاد؛ ليلقبها المصطفى صلى الله عليه وسلم بذات النطاقين.
سلوى محمد موصلي