تعتبر قضية العنف الأسري من أكثر الظواهر الاجتماعية التي دعت العديد من الباحثين لإجراء عدد من البحوث التي تهدف لتعميق فهم أسبابه، وأحد أوجه هذا العنف التي تناولتها الدراسات والأبحاث قضية انتقام الزوجات من أزواجهن وتأثير ذلك على المجتمع، حيث تبين إحدى الدراسات في أميركا أن 95% من حالات العنف العائلي بين البالغين يرتكبها الرجل ضد المرأة، ومأساة انتقام الزوجات من أزواجهن في مجتمعاتنا العربية باتت حسبما يؤكد الاختصاصيون في تزايد مستمر، كما الحال لكل أوجه العنف الأسري، ما دعا كثير من المجتمعات إلى تشكيل لجان وعقد مؤتمرات وورش عمل وندوات لتدارس أسباب تلك القضية التي تعتبر من القضايا التي كانت لا تشكل ظاهرة، لكنها باتت تتزايد في السنوات الأخيرة في مجتمعاتنا.
وفي هذا الصدد يبين لنا الاستشاري النفسي سعيد سالمين في محاضرة حملت عنوان «عنف الزوجة ضد الزوج» في كلية العلوم الاجتماعية ونقلتها موقع جريدة «الآن» الالكترونية بعض الإحصاءات في هذا الشأن أن 10% من الزوجات الكويتيات يمارسن العنف ضد شركاء حياتهن وترتفع النسبة إلى 20% في مصر وفي أميركا إلى 23% و17% في بريطانيا و11% في الهند، وتسجل لنا المحاكم في قصص انتقام الزوجات عددا من القضايا تكاد الخيانة الزوجية تأتي فيها خيطا مشتركا انتقاما من علاقة الزوج بأخرى، أو ربما لارتباطه بالزواج من ثانية، ومن غرائب قصص انتقام الزوجات التي سجلتها لنا المحاكم في عدد من الدول العربية قيام إحداهن بخيانة زوجها مع عامل وقيام أخرى بذبح زوجها وجمع أشلائه في أكياس، وإقبال أخريات على إضرام النيران في السيارات التي زف فيها الزوج، أو إشعالهن النيران في بيت الزوجية الجديد، أو دس بعضهن السم لأزواجهن يوم العرس.
والغريب في كل هذه الحوادث هو حرص الزوجات على الاعتراف بجرائمهن، وربما تكون أشهر تلك القضايا في هذا الصدد ما قامت به إحدى الزوجات في الكويت عندما أحرقت خيمة عرس زوجها والذي راح ضحيته أكثر من 50 امرأة من المدعوات، وما تمتلئ به سجلات المحاكم يبدو قليلا بالنسبة لحوادث الانتقام التي لم تسجل وتظهر على الصحف، وان كانت بعض حوادث انتقام الزوجات تظل غامضة ومجهولة الدافع من وراء ارتكابها، غير أنه من المؤكد أن سلوك الزوج العدواني يظل مفسرا لبعض هذه الحوادث.
ويرى بعض الاستشاريين الاجتماعين أو النفسيين ان جرائم انتقام الزوجات ترجع لعوامل كثيرة، أولها البيئة التي نشأت فيها الزوجة، وسلوك بعض الأزواج مع زوجاتهن، والثقافة التي تحكم الزوجين، ومدى احترام كل منهما للآخر وتأثير الدين على حياتهما وغياب العدل من جانب الزوج وتعديه بالضرب على الزوجة، ويشدد الأكاديميون في علم النفس والاجتماع على ضرورة معالجة ظاهرة العنف الأسري ووضع الحلول المناسبة لها، وعمل الدراسات الميدانية للوقوف على الأسباب الكامنة خلف هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمعات العربية، والتي باتت تظهر آثارها السلبية على الأسرة والمجتمع الكويتي، حيث لا تكاد تخلو الصحف اليومية من الحوادث الناتجة عن العنف الأسري والمنافية لتعاليم الدين الإسلامي وشريعته السمحة، التي توصي بحسن معاملة الزوجة وعدم استعمال العنف في التعامل معها، وحل المشاكل الأسرية بالحكمة واللين.
ومن الأسباب التي تدفع المرأة إلى الاستمرار في حياتها الزوجية رغم العنف الذي تتعرض له، حرصها على أسرتها ومصلحة أبنائها إذ يهدد البعض منهم حرمان الزوجة من رؤية الأبناء فتصمت على العنف الذي تتعرض له نتيجة هذا التهديد، أيضا عدم وجود بديل آخر أمام المرأة فتكون ربة منزل وليس لها دخل مادي فلا تستطيع هجر المنزل أو لمعرفتها عدم رغبة أسرتها في استقبالها، كما أن بعضهن تعتقد أنها قادرة مع الوقت على تغير سلوك الرجل العنيف معها، وسيقدر لها مواقفها معه ويبتعد عن ممارسة العنف ضدها، كما أن كثرة تعرض المرأة للعنف يؤثر في ثقتها بنفسها وتصبح مريضة نفسيا وتشعر بالعجز والضعف في اتخاذ القرار المناسب في بعض المواقف التي تحدث لها فتستسلم للحالة التي هي بها، وأيضا عدم وجود قوانين تحمي المرأة، ففي أغلب الحالات التي تتعرض فيها لعنف وأضرار جسدية لم توجد عقوبات ضد الرجل أو إجراءات قانونية ضده والاكتفاء بالتعهدات فقط، بالإضافة إلى الدخول في دوامة المحاكم والمراجعات الطويلة في حالة الرغبة بالانفصال وصعوبة محاولة إثبات الضرر الذي لحق بالمرأة والخوف الذي يصاحب المرأة المتضررة من زوجها من أقاويل الناس والمعتقدات الدينية التي تدعوها للصبر والتحمل على ما يحدث لها والعادات والتقاليد التي تدعوها للصمت كثيرا، وكذلك الوعود التي تتلقاها من الزوج بتغيير السلوك والتحسن مستقبلا، فكل هذه أسباب تجعل بعض النسوة ي كومية من تزايد معدلات العنف الأسري، حيث حذر الكثير من المسؤولين بها في أكثر من ذي مرة من ارتفاع معدلات العنف الأسري وبمعاناة 33% من الأسر الكويتية من العنف بجميع أشكاله سواء العنف البدني أو المادي أو النفسي أو الجنسي وذلك طبقا لإحصائيات بعض الدارسات التي أجريت في هذا الصدد، وتتمثل أيضا الآثار السلبية للعنف الأسري في الكويت في الطلاق والهجر واستمرار المنازعات بين الزوجين وانحراف الأبناء والمرض النفسي، غير انه على الرغم من بعض التأثيرات السلبية على الأسرة الكويتية فإن المجتمع الكويتي لايزال متماسكا ومترابطا ومتعاونا ومحافظا على معتقداته الدينية وعاداته وتقاليده التي جبل عليها وتوارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم.
10% من الكويتيات يضربن أزواجهن!
- التفاصيل