نصوص في المفاضلة بين الرجل والمرأة – القسم الثاني:
4- الآية الرابعة: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}:
هذه الآية تنص على أفضلية الرجل على المرأة وتحمله المسؤولية ونفقته على الأهل، وقد ذكروا أسباب تلك الأفضلية أشياء منها: أن الرجل يحمل السلاح ويدافع عن الأرض والدين، ويقاتل في سبيل الله وينفق فيه، فيقتل وتخرج روحه لأجل ذلك، ومنها أن النبوة - وهي أهم وظيفة بشرية على الإطلاق وأشرفها- جعلت في الرجال دون النساء كما قال تعالى {وما أرسلنا قبلك إلا رجالا}، ومنها أن الرجل فرضت عليه شعائر خاصة مثل الجهاد والجمعة والعيد وإمامة الناس للصلاة والأذان، ومنها أن خصائص طبيعية كثيرة خصت بها الرجل منها الصبر على المتاعب والجلد والرزانة والبصيرة في الأمر وبطء الانفعال والقوة الجسدية وغير ذلك.
بينما النساء لهن خصائص منها الرقة في الجسد والقلب وعدم الصبر والعاطفة الزائدة وغيرها، يقول سيد قطب في تفسير الآية: " زوّدت المرأة - فيما زوّدت به من الخصائص - بالرقة والعطف، وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة - بغير وعي ولا سابق تفكير - لأن الضرورات الإنسانية العميقة كلها - حتى في الفرد الواحد - لم تترك لأرجحة الوعي والتفكير وبطئه ، بل جعلت الاستجابة لها غير إرادية!! لتسهل تلبيتها فوراً وفيما يشبه أن يكون قسراً .. وهذه الخصائص ليست سطحية بل هي غائرة في التكوين العضوي والعصبي والعقلي والنفسي للمرأة، بل يقول كبار العلماء المختصين : إنها غائرة في تكوين كل خلية لأنها عميقة في تكوين الخلية الأولى" إهـ.
أقول: نعم إنها وظيفة خاصة مهمة، فهل يمكن أن نستغني عن عاطفة الأم وحنينها، وحنين الأخت الشقيقة،؟!! اللهم لا: {صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما يفعلون}، فالغلظة والجلادة وقوة الرأي والعزم والصلابة إنما تكون في المسؤوليات الكبيرة وإدارة المجتمع.
وقد جربنا كثيرا من أن القرارت التي تأخذها النساء في حالة انفعالهن لا تساوي شيئا لما يتعرضن لهن من تغيرات جسمية ونفسية دورية تؤثر عليهن قد سبق الحديث – بالتفصيل – عنها في الحلقة الماضية، فقد طلبت يوما امرأة من زوجها الطلاق فقال: لا، فقالت: طلقني، فوالله لا أعيش معك، فطلقها، فبكت، فقيل: لماذا؟!! فقالت: كنت منفعلة جدا ولم أكن أتصور أنه سينفذ مطلبي!!، ثم تصوَّر!! لو أن الطلاق جعل بيد المرأة، لسمعنا في كل أسرة بأنه وقع طلاق ورجعة وطلاق ورجعة وطلاق ورجعة في كل شهر وأسبوع.
5- الآية الخامسة:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتبسن}.
هذه الآية تحسم الجدل التقليدي القائم بين الجنسين منذ القدم، لأن الله أعلم بخلقه من الناس، وقد وضع الله لكل شيء موضعا، وجعل لكل من الجنسين وظيفة خاصة، فإذا قلنا لنعط وظيفة الرجل المرأة أو لنعط وظيفة المرأة الرجل تبرز مشاكل اجتماعية خطيرة، كالتي هي اليوم في المجتمعات الغربية وترى في المحاكم كل صباح صفا طويلا للانفصال واللعن والفوضى، ولذلك حسم الله هذا الجدل، ولهذا يقول سيد قطب رحمه الله : " إنه عبثٌ في تصوير الموقف كما لو كان معركة حادة بين الجنسين تسجَّل فيه المواقف والانتصارات، ولا يرتفع على هذا العبث محاولة بعض الكتّاب الجادين تنقص (المرأة) وثلبها ، وإلصاق كل شائنة بها سواء كان ذلك باسم الإسلام أو باسم البحث والتحليل، فالمسألة ليست معركة على الإطلاق! إنما هي تنويع وتوزيع وتكامل وعدل - بعد ذلك - كامل في منهج الله، ولا مكان كذلك للظن بأن هذا التنوع في التكوين والخصائص لا مقابل له من التنوع في التكليف والوظائف ، ولا آثار له في التنوع في الاختصاصات والمراكز فكل ذلك عبث من ناحية؛ وسوء فهم للمنهج الإسلامي ولحقيقة وظيفة الجنسين من ناحية".!!
ثانيا: النصوص النبوية:
1- الحديث الأول: " مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ"،!! قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ"؟ قُلْنَ بَلَى قَالَ: "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ" قُلْنَ بَلَى قَالَ "فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا".
أخرجه البخاري (رقم 293) ومسلم (114)، وقد روى هذا الحديث أربعة من الصحابة وهم أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وحديثهم عند مسلم.
هذا الحديث ليس مزاحا منه صلى الله عليه وسلم كما قاله بعض الإخوة، لأن الله قال فيه : {وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى}،وكما هو ظاهر فإن النبي صلى الله عليه وسلم يستدل بآية الشهادة التي ذكرناها في أول البحث على نقصان عقل المرأة، ونقصان الدين هو تركها العبادة في وقت الحيض والولادة، وزد على ذلك تركها للجمعة والجهاد وغيرها.
وهنا يأتي سؤال: هل المرأة إنسان غير كامل العقل مثل الرجل؟!!.
والجواب: لا، فهناك نساء أكثر ذكاء وعقلا من بعض الرجال، غير أن العقل الذي نقصده في هذا المقام هو العقل الممزوج بالرزانة والبصيرة والخالي من العاطفة وسرعة الاستجابة للانفعال، فالمرأة تتأثر بالظاهر الجلي، ولا تستطيع أن تتحكم على العاطفة التي تتحسر عليها بعد ذلك، سأعطيكم مثالا: استشار الأب سليم أولاده الخمسة أحمد وسعيد ورملة وحليمة وسعادة على أمر طارئ، وهو أن صاحب البيت المستأجَر أخذ ثلاجة في البيت لأجل أن الأب سليم لم يدفع رسوم أجرة البيت ثلاثة أشهر مضت للعجز، فقال سليم مستشيرا: هل ندخل حربا مع المستأجر لأنه أخذ مالا لم يسمح له، أم أننا نذهب إلى الجيران وأعيان الحي لعرض الفكرة لكي يتدخلوا ويقنعوا المستأجر؟!! فقال أحمد: نذهب إلى الجيران والأعيان لكي يقنعوه بالجلوس في المفاوضات، ولأننا لا نفقد مصالحنا وهو انخفاض تكلفة الأجرة وعجزنا عن تسديد الرسوم السابقة، فقالت رملة لأحمد: يالك من رجل جبان، قد خسر بك أبوك عندما ولدك،!! يا أبت! إذا لم يدخل معك أحمد وسعيد القتال لاسترداد الثلاجة فنحن مستعدات للدفاع عن حقنا، فقالت حليمة وسعادة مثل ذلك بل حملت سعادة السكينة واستعدت،!! فأخذ الأب سليم رأي أحمد وذهب إلى أعيان الحي، فدُعي صاحب البيت للجلوس في المفاوضات، وقيل له: ها هو الأب سليم عاجز عن دفع رسوم الأجرة فلماذا تزعجه وتأخذ منه ثلاجته، وقال شيخ ميسور في الحيّ: أنا أدفع نصف مبلغ الرسوم فأرجع الثلاجة إلى سليم، فأرجعها إليه، وعفا عنه النصف الآخر من المبلغ وانتهت الأزمة، أما إذا لو أخذ الأب سليم رأي رملة وأخواتها ودخل مشاجرات معه لخسر ودفع الثمن في جلائه عن البيت.
2- الحديث الثاني:" اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا".
أخرجه البخاري (رقم 4787).
السؤال: لماذا وصفت المرأة بالضلع؟!!. الجواب : لأن أصل خلقتها كان من ضلع نبينا آدم، ولأن تفكير النساء في بعض الأحيان سلبي بحت، فهي لا تنظر إلى المصلحة العليا للأسرة في بعض المرات، بل تضغط على الزوج أن يعفل كذا وكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم أراد في هذا الحديث إعطاء المرأة نوعا من الحرية وعدم إرغامها على الطاعة مائة في المائة، بل مداراتها والصبر على عوجها، أما إذا تريد أن تجعل امرأتك راضية بحيث لا ترفض منك قولا، ولا تأبى منك شيئا فأنت تكون الخاسر الأول، لأن الطبيعة الأصلية للمرأة هي محاولتها أن تميل إليها بأوامرها ومطالبها لتختبرك؛ وإذا هي فقدت منك الاستجابة والمداراة واللطف تتصور كما لو أن لك علاقة مع امرأة أخرى، فإذا جابهْتَ هذه المطالب بالاستنكار تغضب وتنفر، فهذا هو السر في قوله صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيرا"، ومثله ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله" " ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم".
3- الحديث الثالث: " لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ".
أخرجه أبوداود (رقم 1828).
لما جعل الله المسؤولية الأسرية – وهي ثقيلة - على الرجل كان من الطبيعي أن تكون له الحقوق الزوجية أكثر من حقوقها عليه، كما قال تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} أي ولهن حقوق على الأزواج كما أن للأزواج حقوق عليهن لكن حقوق الأزواج أكثر، وبالتالي فالمرأة إذا لم تقنع زوجها ولم تُرضه فإنها تكون خاسرة في وظيفتها وعاصية لربها، ولهذا جاء هذا التأكيد الرباني على لسان رسوله، ومثله ما ورد عنه أنه قال: " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت "، فما أسهل هذه الوظيفة على المرأة وما أسهل عليها طريق الجنة لطفا ورحمة من الله جل شأنه!!.
وظيفة المرأة بين الإفراط والتفريط:
العلمانيون يريدون أن تكون المرأة سافرة وخارجة عن وظيفتها الخاصة من تربية الأولاد، وتتجول في الأندية والأسواق، وتتجرد عن الحشمة والحياء والحجاب، وتكون خارج البيت دائما، وفي هذا بلاء للمجتمع المسلم الذي يريد مجتمعا نقيا سليما لا مجتمعا فاحشا،! يريدون منا أن نكون مثل المجتمع الغربي الذي فقد كل القيم الأخلاقية ويريدون منا أن نفعل بفعلهم كما قال تعالى – وهو أعلم بخلقه - : {ودُّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}، أي: يريدون أن تأخذوا ثقافتهم وتتجردوا عن قيمكم ودينكم كما هم عليه،!! أما المتشددون فيريدون أن تكون المرأة منغلة في غرفتها وتتجرد عن التعليم والمساهمة في بناء الأمة، فهم يتصورون المرأة وكأنها آلة منتجة للبشر فقط، وليس لها أي وظيفة أخرى في الإبداع والتأليف والمساهمة في الوعي الثقافي، لكن الوسط الإسلامي هو أن المرأة يجب تعليمها من الابتدائية إلى الجامعة لأنها المدرسة الأولى لكل فرد من المجتمع، فإذا أصبحت جاهلة فإنها تنتج مجتمعا جاهلا كما قال الشاعر:
الأم مدرسة إذا أعددتَهــا أعددت شعبــا طيب الأعـراق
ولا بأس أن تشارك المرأة في بعض الدوائر الرسمية والمؤسسات غير الرسمية لاسيما في المكاتب والسكرتيريات وما شابهها، لأنها تتعلم كيف تدير شئون البيت، ولا بأس أيضا أن تصوت المرأة إذا كان هناك تصويت رسمي وغير رسمي لأنها جزء من المجتمع، وتتولى المرأة بعض الأنشطة النقابية لاسيما في القطاع الصحي والأسري والتنموي، ولا بأس أن تكون رئيسة أو مساعدة الرئيس في بعض تلك الأنشطة على أن تلتزم بالحجاب والحشمة والحياء، وينبغي أن تعطي النساء بعض الوزارات الاجتماعية في الحكومة كوزارة المرأة وتطوير الأسرة والأمومة والطفولة ونحوها لكن على عاتق امرأة مثقفة لها دين ومبدأ ووعي وذكاء، إلا أنه لا ينبغي أن تعطي المرأة المناصب العليا للنظام السياسي كرئاسة الدولة وغيرها لأن قيادة الأمة من خصائص الرجل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قـال: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري، وهذا الحديث يحمل على السياسة وملحقاتها كالقضاء وشئون الدفاع والسياسة الخارجية والإستراتيجية ورئاسة البرلمان وما شاببها، وفي بعض الدول الغربية ترى امرأة تكون وزيرة في وزارة الدفاع كإسبانيا الآن، فأي علاقة بين المرأة وبين هذه الوزارة؟!!،
إذن فوظيفة المرأة هي إنتاج البشر وتربيته وإعداده، وفي القرآن إرشاد لذلك كما قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} إلى آخر الآيتين، وفي قوله {تبرج الجاهلية الأولى} نكتة طريفة، فلم يقل: لا تبرجن إطلاقا، لكن لتخرج إلى مهامها ووظيفتها الخاصة، لا كما تتبرج السافرات الأوروبيات والغربيات، لتذهب إلى عملها وفق التوافق الأسري لا كالفوضى التي تعم المجتمعات الغربية.
وَهَج الوسطية الإسلامية
- التفاصيل