تعاني المرأة المسلمة في معظم بلدان أوربا والعالم الغربي، من الاضطهاد والتفرقة العنصرية وممارسة الظلم، والبعض يكتفي بالنظرة المريبة والغاضبة وخاصة أهل اليمين المتطرف في تلك البلاد.
في الماضي كانت هذه المشاعر مخفية، ولكنها ظهرت وبصورة سافرة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وازدادت وتيرتها، وتفاقم خطرها بحوادث تفجير محطة قطارات مدريد بأسبانيا، ومحطة قطارات لندن والتي أدين المسلمون بموجبها.
هذه الحوادث عبأت الرأي العام الغربي ضد الوجود الإسلامي بالغرب عامة، ولعب الإعلام الغربي دورا حيويا في عملية التعبئة هذه؛ مما دفع ببعض الشباب اليميني المتطرف بتلك البلدان بمضايقة النساء المسلمات في الشوارع والأسواق، وداخل وسائل المواصلات، بل حتى وصل الأمر بالتحرش بهنّ واغتصابهن جنسيا!  كما تجرأ أحد الألمان وقتل مسلمة مصرية في محكمة بمدينة ألمانية. وكان للإعلام  في تلكم البلدان نصيب الأسد في تأليب الرأي العام الغربي، ممثلا في زعماء الأحزاب اليمينية المتطرفة، وكمثال لهذا فقد تحرك زعيم الحزب اليمين المتطرف بهولندا "غيرت فيلدرز" بتصوير فيلم يصف فيه الإسلام بالتطرف، ويتهم المسلمين بالإرهاب.
ونتيجة للهجرة المكثفة من قبل المسلمين من الدول الإسلامية، وخاصة دول الشمال الإفريقي مما هدد عملية التوازن السكاني في العالم الغربي، لا سيما وأن الأوربيين صاروا غير مهتمين بقضية الزواج، وإن تزوج الشاب فلا ينجب أكثر من طفلين علي أكثر التوقعات! وهذا العقم الإنجابي من قبل الشباب الأوربي يقابله إنجاب مكثف مع زيجات متكاملة لزوجة أو زوجات متعددات من المسلمين!!
هذا الخوف من التغيير في التوازن السكاني لصالح المسلمين جعلت الحكومات الغربية تخشى علي مستقبل تركيبتها السكانية،  مما يهدد الهوية الوطنية مستقبلا؛  لذا بدأوا في  مضايقة النساء المسلمات وخاصة اللاتي يرتدين النقاب.

عمليات المضايقة والتضييق كانت في البداية من مواطنين وشباب متفلت، ولكن مع تكثيف الجوانب الإعلامية  والسياسية بدأت الإدارات الحكومية في التحرك لتمارس نفس ما بدأت به الجماهير الغربية ممثلا في منع "ارتداء النقاب بالنسبة لطالبات المدارس في الدولة الفرنسية".

ونجحت الحكومة الفرنسية في أخذ موافقة البرلمان الفرنسي على إصدار قانون يمنع ارتداء النقاب في المدارس الفرنسية وفي المؤسسات العامة، وسوف تعاقب المسلمة إذا ارتدت النقاب بغرامة مالية كبيرة.

لم يقر مجلس الشعب الفرنسي منع ارتداء الملابس الخاصة بالزى المسيحي بالنسبة للنساء، ولا بالنسبة للزى اليهودي، ولكنه تجرأ ومنع الزى الخاص بالمسلمة، وكل العالم يدرك أن ارتداء الملابس حق شخصي، يكفله القانون في كل بلدان العالم ولا يحق لأحد أو سلطة منع أي شخص ارتداء ملابس يعشقها.
تدرجت عملية الخوف أو الرهبة من الإسلام "الإسلاموفوبيا" في بقية البلدان، وفي هذا الإطار تبني مجلس الشعب السويسري عملية منع بناء المآذن في الدولة السويسرية، وهو قانون يتنافي مع السياسة المتبعة من دولة سويسرا حيث تمنح حرية إقامة المعابد والمساجد في كل أنحاء بلدانها.

عموما تعاني المرأة المسلمة من الكثير من الضغوط التي تمارس ضدها، وتتمثل هذه الضغوط في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، حيث تعاني من نظرة الكراهية المستفحلة، مما يحد من تحركها وتفاعلها الاجتماعي  والثقافي، وبالتالي تنكمش علي نفسها وتنغلق علي روحها.
ومن أسوأ ما يحدث أن التقاليد والأعراف الغربية أثرت في بعض نفوس المسلمات اللاتي عشن فترات طويلة في تلكم البلدان، فصرن يقلدن أهل الغرب، وبل صرن أسوأ منهن، هؤلاء يمارسن الكراهية للنسوة اللاتي يتمسكن بدينهن ويعاملهن بأسلوب فظ
قاسي، ويقولون لهن: "لماذا هاجرت لهذه البلاد وأنت تدركين أنها ليست بلاد للإسلام  ولا للمسلمين؟".
وبالتالي يحرضهن ويمارسن عليهن ضغوطا اقتصادية قاسية على ضرورة هجرهن لملابسهن الساترة، وأن يركن للسفر والابتذال. لذا قلما نجد قبول امرأة مسلمة في وظيفة محترمة، وإن عطف عليها فإنهم يعينونها كعاملة للنظافة أو في إدارة الإعمال المنزلية.
تعتبر إسبانيا من أكثر البلدان الأوربية فظاظة، وقسوة في معاملة المسلمات، حيث يهاجر إليها أعداد هائلة من فتيات الشمال الإفريقي الممثل في دول المغرب وتونس والجزائر، أكثرهن يهاجرن هجرة سرية، ولذا يتعرضن للقهر والاغتصاب والقتل، وعلى الرغم مما يلاقينه من عذاب وقهر؛ فإنهن لا يتجرأن علي الشكوى من ظلمهن؛ لأنهن لا يقمن إقامة نظامية في هذا البلد.
وفي دراسة حديثة أجرتها مراسلة صحيفة الجارديان البريطانية "سارا سيلفستري" تطرقت فيها لأحوال  المرأة  المسلمة في الغرب، عانت الأمرين من قبول المرأة المسلمة في إلقاء حديث صريح؛ لأن كل النساء المسلمات يتخوفن مما سوف يحدث لهن إذا حكت ما حدث لها من فظائع.
مراسلة الجارديان اضطرت للصبر وصادقت الكثير من المسلمات، حتى تصل لنتائج لبحثها المعلن، وتمكنت أخيرا من سماع قصص بعض المسلمات بعد تأكدن من هويتها الصحفية.
وقالت:"روى لي الكثير منهن قصص التفرقة العنصرية التي عانين منها، بعض مالكي المنازل يرفضون تأجير مساكنهم للعائلات المسلمة، والكثير من قصص الاضطهاد العنصري البغيض،  بجانب الظلم والقسوة التي ربما تصل لحد الضرب والاغتصاب والقتل... وهكذا العالم مهما تقدم ورفع لواء الحرية والمساواة، فإنه سرعان ما ينقلب علي قناعاته التي سار عليها وارتآها، ومن ثم يعمل علي وضعها في القالب الثقافي الذي يتراءى له".


JoomShaper