يوسف الوهباني
تعاني المرأة الأوروبية من  الكثير من الممارسات السلبية في مجتمعاتها، وهو ما يطلق عليه في الغرب: "التمييز ضد المرأة، فعلى الرغم من رفع المجتمع الأوربي لشعار "مساواة الرجل بالمرأة "، لكن هذا الشعار ظل مفرغا من معانيه، ولا زالت المرأة تعاني من سوء المعاملة والاضطهاد! سواء خارج المنزل، في أماكن العمل ووسائل المواصلات، أو داخل المنزل من الزوج أو الأب أو حتى الأبناء. هذه المعاناة ارتبطت بتاريخ المرأة الأوروبية منذ قرون سحيقة ولا تزال حتى الآن. ثقافة العنف ضد المرأة في الغرب كان نتيجة لعدد من العوامل، بعضها مرتبط بجذور الثقافة الغربية المستمدة من الحضارة الرومانية، التي تنظر للمرأة نظرة دونية، وتعتبرها من سقط المتاع، وأنها لا تصلح إلا لإرضاء الرجل، وتلبية رغباته وفقط، هذه النظرة الدونية انتقلت من الرومان إلى الكنيسة التي اعتبرت المرأة مدخل الشّيطان إلى نفس الإنسان، حتى أن الكنيسة عقدت مؤتمرا لمناقشة هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟! وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية، فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب.
ظلت نظرة الاحتقار والمهانة للمرأة مترسبة في العقل الجمعي الأوروبي حتى بعد قيام الثورة الصناعية، والمناداة بغير الحرية والمساواة .
ساعد على استمرار هذه الصورة الذهنية للمرأة  في اللاوعي الذكوري الأوروبي تفسخ الحياة الاجتماعية، وإشباع الرجل لرغباته خارج نطاق الأسرة، من خلال المخادنة التي لا تفرض عليه أي التزامات، أو من خلال التردد على شبكات الدعارة، والتي أصبحت شركات ومؤسسات عملاقة عابرة للقارات، لها إعلامها الخاص وإنتاجها السينمائي الخاص، ونجومها وقنواتها الفضائية ومجلاتها، وصناعتها الخاصة، ونظامها وثقافتها التي تشجع عليها.
بالإضافة لانتشار ظاهرة الشواذ جنسيا، والمطالبة بحقوق المثليين، والتي وصلت إلى البرلمانيات الأوروبية، وأقرت في بعض الدول، لتنتقل بعد ذلك إلى الكنائس! ومن ثم فلم تعد هناك حاجة للزوجة أو العائلة بما تفرضه من مسؤوليات والتزامات وحقوق.

انعكست تلكم الأوضاع على الواقع المعاصر للمرأة في أوروبا، على الرغم من الشعارات البراقة التي يرددها الغرب حول المساواة وثقافة النوع.
ففي مجالات الأعمال لا يزال الرجل الأوربي يستحوذ علي الوظائف المهمة في معظم الدول الأوروبية بنسبة تصل لنحو 80%.  ففي المؤسسات ذات الصبغة المالية لا تصل نسبة النساء عن 8,2% من قوة العمل الوظيفية.  أما في مجال الاتصالات فالمرأة لا تمثل سوى 18,6% فقط،  وفي الوظائف اليسيرة لا تمثل سوى 18,2%، بينما لا تمثل سوى 23,5% من الوظائف الحكومية المهمة،  وأقصي  نسبة تمثيل برلماني كان نحو 21,4% من المقاعد البرلمانية في الاتحاد الأوروبي، بينما ترتفع نسبة البطالة بين النساء في الدول الأوروبية لتزيد عن 13,5% ، في حين أن نسبة البطالة لدي الرجال نحو 9,8%.

التمييز ضد المرأة بالمفهوم الغربي لم يقتصر على مجال العمل فقط، وإنما كانت معاناة المرأة الحقيقة هي من حالات العنف التي تمارس ضدها، سواء من الزوج أو العشيق أو الأب أو الأخ.  ساعد على استفحال ظاهرة العنف حالة الإدمان على الخمور التي يعاني منها كثير من الأوروبيين، والعنف ضد المرأة في أوروبا لم يقتصر على الضرب فقط ، بل وصل لحد الاغتصاب والقتل في أحيان كثيرة، هذا فضلا عن التحرش الجسدي واللفظي.
ففي فرنسا وحدها وصلت حالات العنف ضد المرأة نحو مليون وثلاثمائة حالة في عام 2001م، وهذا العدد يعتبر كبير جدا مقارنة بحالات العنف التي يتم رصدها في المجتمعات الشرقية.
هذه المعاملة القاسية للمرأة دفعات الكثير من الفتيات للإحباط واليأس، الأمر الذي انعكس على زيادة حالات الانتحار وانتشار الأمراض النفسية، هذا بالإضافة لانتشار تعاطي الفتيات للمخدارات بأنواعها وإدمانهن للخمور، مما يؤثر علي حياتهن الجنسية ويصيبهن بداء العقر، فالخمر معروف عنها أنها تؤثر علي الهرمون المسؤول عن الجنس لدي المرأة، مما يضعف فرصة إنجابها للأطفال  مستقبلا ، ويحرم المرأة من إشباع غريزة الأمومة لديها فيزيد من معاناتها.

ونتيجة لتزايد أعداد المهاجرين المسلمين لدول أوروبا، بدأت الفتيات يلحظن كيفية معاملة المسلم لزوجته المسلمة، وكيفية حفاظه علي بيت الزوجية، وكيفية غيرته القوية علي زوجته، واهتمامه بأمور حياتها؛ مما جعلهن يعقدن مقارنة بحياة الأوروبي مع زوجته،  وإهماله المتزايد لأمورها وأمور منزلهما، وهو ما يفسر زيادة إقبال الأوروبيات على الإسلام.

الكل يدرك مدي أهمية الدين في حياة كل فرد، الإنسان بلا دين كالحيوان وأشد فتكا من الحيوان.
ونظرا للحالة التي تمر بها الأديان بأوروبا حيث أصبحت في حالة يرثي لها، وصارت تاريخا يحكي! وقليل من الشباب يقبل عليها.
بالإضافة للفراغ الكبير الذي يعاني منه الأوروبيون، بدأ الشباب في البحث والتقصي وقراءة الكتب لكي يملأ هذا الفراغ، الأمر الذي أدى إلى زيادة الإقبال على الإسلام بعد قراءتهم لبعض الكتب التي جاد بها عليهم أصدقاؤهم المسلمون بالجامعات والمعاهد العليا.
وهكذا ظلت أوروبا ترفع الشعارات الخاصة بحرية المرأة، وضرورة مساواتها بالرجل، ولكننا نجد أغلب ممارساتها عكس ما ترفعه من شعارات.

JoomShaper