ديما ديب
«يلي ببيت أهلوا على مهلو، خبي العسل بجرار ولتجي أسعارو» مقولة باتت رائجة على لسان حال فئة كبيرة من الفتيات في مجتمعنا السوري هذه الأيام، فلم يعد الزواج ذلك الحلم الذي تنتظره الفتاة لتحقيق أمنية العمر، بعدما دخلت العديد من العوامل التي أفقدته وهجه. فإن دخول الفتاة سوق العمل وتطور مجتمعنا على جميع الصعد والمجالات حيث أصبحت الفتيات يبحثن عن تحقيق كادرهن الوظيفي حتى ولو أثر ذلك في حساب تكوينهن للأسرة وخاصة أن الرجل الشرقي لا يقدر قيمة عمل المرأة.
تقول رنا خليل 28 سنة: إنها تخشى الزواج لأسباب كثيرة وأنا أخاف من فكرة الزواج بسبب المشاكل العائلية، فأنا عشت طفولة قاسية وذلك لانفصال والدي وأنا في سن مبكرة ودائماً يراودني سؤال هل بمقدوري أن أسعد زوجي ويحترمني وأكون أماً لأولادي دون أن أعيد ماضي عائلتي السيئ.
من جهتها تقول زينة قويدر 24 سنة باعتقادي أنني في عمر مبكرة للزواج وأنا لم أنهِ دراستي الجامعية وهدفي أن أعمل وهذا لا يقبل به كل الرجال لأن الرجل في مجتمعنا يرفض عمل المرأة ويريدها فقط له ولأولاده وأكره أن أكون ربة منزل فقط ولا أحب أن تجرد المرأة من حقوقها بالعمل وأنا أكره الرجال الذين يرغبون بالارتباط ويريدون العيش خارج القطر وهذا لا أفضله لأني أحب البقاء مع أهلي.
أما مايا درويش 27 سنة، فسبب رفضها للزواج يعود إلى والدها الذي يخاف أن يكون الشاب المتقدم للزواج بها طامعاً بثروتها وأموال عائلتها فنحن من أسرة ثرية ولذلك أخاف من أي رجل يحاول التودد إلي.
هبة نويلاتي 23 سنة تقول: إنها في عمر مبكرة للإقدام على هذه الخطوة لأن لدي طموحاً كبيراً وأعمل على تحقيقه وبعد تخرجي في الجامعة طورت نفسي من خلال قيامي بالدورات والمعاهد الخاصة بمجال التصميم والآن أعمل بمجال التصميم وأتعامل مع أكبر الشركات وأسعى لإقامة شغل خاص لي في هذا المجال ويجب على كل فتاة أن تفكر بمستقبلها وتطور نفسها لأنها لا تعلم ما يخبئ القدر لها فالزواج كالبطيخة لا تعلم ما بداخلها ولا تعلم الفتاة ما إذا سيكون زوجها سيئاً أم جيداً وبتطور المرأة يتطور المجتمع.
تقول لبنى دعاس 25 سنة: إن الزواج شيء جميل ورائع ويعبر عن الاستقرار العاطفي لكل صبية وشاب وإن قرار الزواج صعب على الشاب والفتاة بشكل خاص لأسباب كثيرة أولها المسؤولية الكبيرة التي تنتظرها عند بيت زوجها وأرى أن الزواج السعيد ليس مرتبطاً بالحب فقط ولكن يجب أن يبنى الزواج على التفاهم والثقة والاحترام وعوامل أخرى كثيرة.
وأنا إلى حد الآن لم أجد هذا الشخص الذي يجب أن يجمع بعض الصفات ومنها وأهمها المسؤولية والاحترام والثقة وألا ينظر للمرأة على أنها دمية يلهو بها زمناً ثم يرميها وفي هذا الزمن أصبحت الفتاة مثقفة وعاملة فليس من السهل أن تعجب بأي شخص.
عفراء 30 سنة: إن عدم زواجي وارتباطي بأي شخص هو أني أحب رجلاً من غير ملتي فالقصة تعود إلى الطائفية وهذا السبب يجعلني أعد للمئة قبل التقائي بأي شخص يرغب بالتقرب لي وأغلب الأحيان أرفض استقبال الخطابين. فأنا لا أستطيع أن أكون مثل بعض الفتيات اللواتي لا يهمهن غير الزواج بأي شخص المهم يمتلك بيتاً وسيارة وهذا صعب بالنسبة لي وأعتقد أن الزواج يعتبر ثلاثة أرباع العمر الذي يعيشه الإنسان لذلك يجب على الفتاة اختيار شريك حياتها المناسب لها. ويرى الدكتور عادل القهوجي أستاذ بعلم الاجتماع أن أهم أسباب العنوسة في مجتمعنا تعود إلى عدم تحقيق التكافؤ بين الطرفين وخاصة البنت التي من الطبقة الغنية أو الميسورة الحال لأن الرجل إذا أراد الزواج فإنه يختار ما يشاء على عكس البنت والتي لا بد على زوجها أن يكفيها اقتصادياً حتى يتحقق شرط موافقتها.
وإن الفتاة التي تعمل وذات الدخل المرتفع تخاف إذا تقدم لها شاب من طبقة أقل أن يطلب منها أن تجلس في المنزل ولا تعمل ما يؤدي إلى أن ترفض مثل هذا الزواج حتى ولو كانت تحبه، لأنها ترى بالعمل أنها قد حققت جزءاً من ذاتها وطموحاتها ويصعب عليها أن تتنازل عن هذا الجزء بكل بساطة حتى ولو من أجل الزواج.
ويضيف قهوجي: نحن في زمن اختلفت طبقاته عما كنا عليه بالماضي الذي كان يوجد فيه تقارب اجتماعي واقتصادي كبير بين الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة والطبقة الغنية ولكن في الوقت الراهن اتسعت الفجوة بين الطبقة الوسطى والطبقة الغنية جداً ما أدى إلى عدم قدرة الشباب على توفير تكاليف الزواج بما يحقق شرط التكافؤ وأرجع القهوجي أسباب العنوسة في الدول العربية إلى عدة جوانب منها الوضع الاقتصادي من غلاء البيوت وأثاث المنزل إلى تكاليف المهر وحفل الزفاف وجهاز العروس إضافة إلى هجرة الشباب للدراسة والعمل والتفاوت الاجتماعي والطبقي.
ويؤكد قهوجي أن ارتفاع سن الزواج يعود إلى عدة أسباب منها دخول المرأة سوق العمل فأصبحت تعتمد على نفسها مادياً وأصبحت قادرة على اتخاذ القرارات وانفتاح المجتمع أدى إلى انتشار المصاحبة والعلاقات غير الشرعية.
.