إن الغيرة عندما تتجاوز حدودها الطبيعية تنعكس سلباً على المرأة، ومن ثم على الحياة الزوجية.. فالمرأة قد تزداد غيرتها من فرط حبها لزوجها، وخوفها من أن تتحول (بوصلة) قلبه إلى غيرها؛ فتتكوّن لديها حساسية مفرطة تحسب من أجلها على زوجها نظرات عينيه، والزوج قد يكون محباً لزوجته معجباً بها، تملأ (قلبه) قبل (عينه).. لكن انعكاس غيرتها على سلوكها قد يبدأ مشروع (اقتلاع) أشجار ذلك الحب من القلب! إذ تتحول الزوجة حينذاك إلى (شرطي) يطارد، و(محقق) يحاكم.. وستتحول (كثير) من سلوكيات الزوج إلى (قضايا)، وستحال إلى (ملف) تحقيق.. لماذا تأخرت عن الموعد الذي قلت إنك سترجع فيه؟ قل لي بصدق أين توجهت بعد خروجك من عند زميلك الذي زعمت أنك ذهبت إليه؟! أختي الكريمة: من حقك أن تأسري زوجكِ الذي تحبينه كثيراً – وتغاري عليه.. بل إن الزوجة المثالية كما يقول أحدهم لعبد الملك بن مروان هي التي يقول أهل الزوج: قد سحرته!!.. لكن ذلك السحر يأتي عن تفكير جاد وفهم لنفسية الزوج، ثم العمل على أن تكون الزوجة ملء عينه وقلبه.. ولقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم أسس مواصفات ذلك الأسر والسحر حين قال: (التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، وتحفظه في نفسها وماله). إن السحر يكون بالكلمة الرائعة، والنظرة المُكتَـنِزَة بالمعنى، والتصرف الذي يعكس بقوة عمق المكان والمكانة في الداخل.
إن الزوجة العاقلة هي التي تدرك مشكلتها، وتحددها بطريقة جيدة، ولعل هذا ما يجعلها تسارع إلى (اتخاذ) قرار بالانسحاب؛ لأنها مهما فرضت من الحصار على زوجها، ومهما أمعنت في المطاردة (حتى لنظراته) سيخترق حين يريد كل (سياجاتها) الأمنية!!، وسيجد كل الأجوبة التي يخرج بها من (جلسات) التحقيق التي تعقدها له كل لحظة!!
لكنها حين تضع مجهودها في تأسيس العلاقة القوية بينها وبينه وتعزيزها بكل سبيل, وتمنحه الثقة كما تريد أن يمنحها إياها؛ فإنه سيكون حينذاك مندفعاً نفسياً وسلوكياً إلى تجنّب ما يرى أنها لا ترتاح إليه.. أشعريه بالحب؛ بالكلمة والنظرة والسلوك.

JoomShaper