أحلام جمعة
تحدثنا في الحلقة الأولى
www.lahaonline.com/articles/view/37432.htm
عن بعض الوسائل العملية التي توصلنا إلى التميز والقمة، وتعرفنا أولا على التميز، ثم تعرفنا على التربية الذاتية، والوسائل العملية للتربية الذاتية، وتكلمنا عن أهمية تحديد الأهداف والتمسك بكتاب الله تعالى.
واليوم نستكمل الحديث عن بقية الخطوات للوصول للقمة:
3-الصبر و التفاؤل:
إن الفتاة التي لها نفس طموحة متطلعة إلى العلا والرقي؛ لابد لها أن تكون لديها عزيمة قوية وهمة عالية تساعدها في الوصول إلى ما تريد وما تطمح إليه، لذلك لابد من الصبر والتفاؤل يقول ابن القيم رحمه الله: "قد أجمع عقلاء كل أمة..على أن النعيم لا يدرك بالنعيم ..وأن من آثر الراحة.. فاتته الراحة.. وأن بحسب ركوب الأهوال.. واحتمال المشاق.. تكون الفرحة واللذة .. فلا فرحة لمن لاهم له . .ولا لذة لمن لا صبر له .. ولا نعيم لمن لا شقاء له.. ولا راحة لمن لا تعب له..بل إذا تعب العبد قليلا..استراح طويلا إنما تخلق اللذة والراحة والنعيم.. في دار السلام ..وأما في هذه الدار فكلاّ ".
قال تعالى(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) فالصبر من شيم الأفذاذ الذين يلقون المكاره برحابة صدر وبقوة إرادة.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس بار الجسد. ثم رفع صوته فقال: أنه لا إيمان لمن لا صبر له. وقال: الصبر مطية لا تكبو.
سئل توماس أديسون في محاولته لاختراع المصباح الكهربائي أنه حاول 1000 مرة ولم ينتج شيء، فأجاب إني تعلمت أن هذه الألف طريقة هي الطريقة الخاطئة، فليس هناك شيء اسمه فشل، بل إنه خبرة.
لذلك أختي المسلمة اجعلي نظرتك للحياة نظرة إيجابية. واقرئي معي أختي المسلمة هذه القصيدة للدكتور عبد المحسن الأحمد لتزيد همتك ويعلو طموحك:
سألوني قالوا كيفما هذا الثبات وحَولَنا فتنٌ تهزُ الراسيــــــــات
أليس يغريكِ زمانُ الشهــوات أليس تشتهى نفُسكِ هذى الحياة
فأجبتُهم والقلبُ يملؤه اعتزاز لا تشتهى نفسي لذائد ناقصـــات
لما اشتهيتم اشتهيتُ مثلُكـــــم لكن أهدافي ستبقى خــــــــالدات
أريد قصراً لا يهــــدده زوال أريد عيشاً ليسَ يقطعهُ ممـــــات
أريد زوجاً مثل يوسفَ في الجمال وأريدُ أنهاراً بقصري جاريــــات
فعقُولنا إن لم تبلغنا الجنــــــــــان فحياتُنا ليست حياةً بل ممـــــات.
4-العلم النافع:
من أهم الأعمال التي تجعل الإنسان متميزا في الدنيا وفي الآخرة هو التزود بالعلم النافع؛ لأنه أسهل طريق للوصول إلى الله عز وجل وإلى الجنة كما قال الله عز وجل " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ"سورة المجادلة 11
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة) رواه البخاري.
واعلمي أن للعلم فوائد عظيمة وجليلة، أهمها القرب من الله عز وجل وخشيته والوصول إلى محبته سبحانه وتعالى.
وذلك كما قال معاذ رضي الله عنه:" تعلموا العلم؛ فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحدة، والصاحب في الخلوة" أورده المنذري في الترغيب والترهيب، وابن القيم في مدارج السالكين، وضعفه عدد من العلماء.
وللعلم فوائد أخرى، منها: أن الإنسان تعلو قيمته وتعظم مكانته ويزيد قدره وينمو عقله وتتسع مداركه، وهو السبيل الوحيد للإبداع وتكوين المبدعين والمخترعين والأدباء والمفكرين في المجتمع، وتعويد اللسان وتدريبه على الكلام والبعد عن اللغو الزائف، وتنميه العقل وتصفية الخاطر من كل وساوس الشيطان، وزيادة الإيمان وخاصة في قراءه كتب أهل الإسلام وسير السلف الصالح وعلى رأسهم سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أهل التميز المعاصرين،.
واعلمي أنه بالعلم تتقدم الأمم وترتقي وتزدهر، وليس المقصود بالعلم هو العلم الشرعي فقط، ولكن يجب على المسلمة أن تعرف كل العلوم الدينية والدنيوية النافعة لها ولدينها ولأمتها حتى تستطيع الاستفادة التامة.
قال الإمام الشافعي : "من تعلم القرآن عظمت قيمته ومن تكلم في الفقه نما قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه".
يقول علماء العقل أن قدرة الإنسان^79^10 (عشرة أس تسعة وسبعين )وهذا يدل أن للإنسان قدرة حفظ وفهم مليون مليون مليون مليون ... إلخ .
وتقول دراسة أخرى أن قدرة العقل هي (1000000000)لمسافة مئة وخمسين كيلو متر من الأصفار فهل استخدمنا هذه القدرات التي وهبنا الله إياها حتى نحقق أهدافنا.
5-مدرسة خاصة:
إن قيام الليل هو المدرسة الخاصة التي تخرج منها عظماء هذه الأمة، وهو من أهم الوسائل التي تربي النفس لأن فيه قرب من الله عز وجل كما أنه من يقوم الليل يتميز بالإخلاص؛ لأن العبد إذا قام في الثلث الأخير من الليل فإنه يقوم لله عز وجل وحده، ففي هذا الوقت لا يراه أحد فهو قائم ليتقرب إلى الله عز وجل وحده، ولذلك كان قيام الليل من أول الفرائض التي فرضها الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وذلك في بداية الدعوة كما في قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا. " سورة المزمل 6:1
يقول صاحب الظلال في تفسير هذه الآيات : "إن قيام الليل والناس نيام، والانقطاع عن غبش الحياة اليومية وسفسافها والاتصال باللّه، وتلقي فيضه ونوره، والأنس بالوحدة معه والخلوة إليه، وترتيل القرآن والكون ساكن، وكأنما هو يتنزل من الملأ الأعلى وتتجاوب به أرجاء الوجود في لحظة الترتيل بلا لفظ بشري ولا عبارة واستقبال إشعاعاته وإيحاءاته وإيقاعاته في الليل الساجي .. إن هذا كله هو الزاد لاحتمال القول الثقيل، والعبء الباهظ والجهد المرير الذي ينتظر الرسول وينتظر من يدعو بهذه الدعوة في كل جيل! وينير القلب في الطريق الشاق الطويل، ويعصمه من وسوسة الشيطان، ومن التيه في الظلمات الحافة بهذا الطريق المنير".
لقد أعد الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم وصحابته ليقوموا بأمر عظيم ألا وهو نشر الدين الإسلامي في أرجاء المعمورة فتلك الفئة التي حملت على عاتقها تلك الرسالة السامية كان لابد لها من تربية عظيمة تجعلها تتحمل كل المشاق والصعاب في سبيل توصيل هذه الرسالة , لذلك كان قيام الليل من أوائل الفرائض التي فرضها الله عز وجل في بداية الدعوة الإسلامية.
لذلك علينا أختي المسلمة نحن معشر النساء أن نتشبه بصحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونقوم بتربية أنفسنا تربية صحيحة؛ حتى نحشر معهم يوم القيامة إن شاء الله.
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم القيامة.
خمس خطوات للوصول للقمة(2)
- التفاصيل