الدستور - جمانة سليم

قد لا يتقبل البعض فكرة عمل المرأة في اوقات متأخرة من النهار او الليل أو ما يعرف "بالعمل المسائي" وقد يعتبرون ان هذا الامر هو خرق للعادات والتقاليد خاصة اذا كان عملها يتطلب منها المبيت.ولعل المهن التي تتطلب من المرأة المبيت او التواجد لاوقات متاخرة تبقى محدودة وتنحصر في قطاعات معينة مثل القطاعات الصحية كأن تكون طبيبة او ممرضة او عاملة نظافة في المستشفى او موظفة مقسم أو ان تعمل في القطاعات السياحية كأن تكون مضيفة طيران او موظفة استقبال في المطار.. كما ان هناك مهنا لا تتطلب من المرأة المبيت ولكنها تفرض عليها التواجد في العمل لاوقات متأخرة.قد تتعدى منتصف الليل مثل البائعات في المحلات التجارية او العاملات في اقسام بعض الشركات والمؤسسات الخدماتية "الدستور" التقت مجموعة من السيدات اللائي يتطلب منهن عملهن المبيت والتواجد حتى اوقات متاخرة في مهنهن وقد تحدثن عن ظروف عملهن وكذلك المشاكل الأجتماعية التي وقفت امامهن عائقا في بداية مشوارهن.مهنة الطبيبةالدكتورة "فاطمة الحاكم" اختصاصية النسائية والتوليد ذكرت بان طبيعة مهنتها تتطلب منها التواجد في المستشفى لأوقات متأخرة وتمتد في الكثير من الاحيان الى ساعات الفجر واضافت ان عملها الليلي لا يرهقها ولا يتسبب لها باية مشاكل عائلية - حاليا - خاصة ان زوجها طبيب وهو يدرك طبيعة عملها.وقالت: في بداية عملي الليلي كنت اواجه صعوبات كثيرة وهذه الصعوبات كان يتمثل بعضها في عدم وجود وسيلة نقل تقلني الى المنزل بعد انتهاء عملي حيث كنت وقتها لا امتلك سيارة ولهذا كنت استعين بزوجي الذي كان ينتظرني بسيارته يوميا امام المستشفى لايصالي الى المنزل.وذكرت ان البعض الاخر من الصعوبات التي كانت تواجهها كان يتمثل في حاجة ابنائها لها عندما كانوا صغارا ولم تكن وقتها تستطيع ان توفق بين متطلباتهم وبين عملها بالرغم من انها استعانت وقتها بوالدتها التي كانت تعيش بجوارها لرعاية ابنائها الا ان وجود والدتها لم يحل المشكلة خاصة ان والدتها كانت مريضة وكبيرة في العمر ولم يكن بمقدورها السهر مع الصغار وتلبية احتياجاتهم.وأشارت الى انها وفي النهاية قررت الاستغناء عن جزء من عملها من اجل أن تكون بجانب اطفالها.وذكرت د. الحاكم انها استطاعت ان تتجاوز كل هذه الصعوبات خلا فترة عملها والتي تتجاوز العشرين عاما خاصة بعد ان اصبح ابناؤها قادرين على تسيير امور حياتهم والاعتماد على انفسهم.وعن طبيعة عملها في الليل اشارت د. الحاكم الى ان نظرة المجتمع لعمل المرأة بشكل عام سواء كان عملها في النهار او في الليل اختلفت كثيرا عما كانت عليه من قبل ولهذا فانها لا تجد اية مشكلة او اي عائق يواجهها في عملها سواء كان على المستوى الاجتماعي او الاسري.ممرضةوكذلك تحدثت الممرضة "رهف اسعد" 25 عاما عن طبيعة عملها والذي يلزمها بالدوام الليلي يومين في الاسبوع واحيانا اكثر بحسب نظام "الشفتات". واشارت الى ان مهنتها في البداية تسببت لها بالكثير من المشاكل والتي كان اهمها اعتراض اخوانها على التزامها "بالدوام" الليلي مشيرة الى ان الأمر كان سيتسبب لها بترك العمل الا ان والدها تدخل في الموضوع بعد ان اقنع اخوانها بان طبيعة عمل الممرضة انساني من الدرجة الاولى وبانها تحتاج الى الالتزام بالدوام الرسمي في كافة الاوقات التي تفرض عليها.واضافت: في النهاية استطاع والدي اقناع اخواني والذين اصبحوا الان يشجعونني على الالتزام بعملي والتقدم فيه.وعن طبيعة عملها الليلي ذكرت رهف انها لا تشعر باي تعب او مجهود اضافي خاصة وان العمل المسائي يقل فيه ضغط العمل عن الفترة الصباحية ولهذا ترى رهف ان عملها في الدوام المسائي هو الفترة المريحة بالنسبة لها.وذكرت ان المستشفى التي تعمل به هو الذي يؤمنها بالمواصلات من منزلها الى عملها في كافة الاوقات سواء كانت فترة الصباح او بعد الظهر او المساء وهذا الامر ساهم في اطمئنان اهلها عليها اكثر.مضيفة طيرانوكذلك التقت "الدستور" الانسة "هيفاء الريان" والتي تعمل مضيفة طيران وقد تحدثت عن طبيعة عملها والذي وصفته بالممتع حيث قالت: أعمل كمضيفة طيران منذ ثلاث سنوات وهذا العمل يستهويني كثيراً نظرا لارتباطه بالاثارة والمغامرة. الا ان مساوئها تنعكس بشكل خاص على المرأة.. فهي مطالبة بالعمل ليل نهار وفق جدول الرحلات اليومية وعليها ان تفرغ نفسها تماماً للعمل.. مؤكدة ان من تعمل في هذه المهنة يجب الا تكون مرتبطة والا تفكر بالزواج واشارت الى ان الكثير من زميلاتها هجرن هذه المهنة بعد الزواج نظراً لوقوع مشاكل لا أول لها ولا اخر مع ازواجهن حيث سهرهن في الليل وسفرهن الطارئ جعلهن في موقع حرج امام ازواجهن.وتحدثت هيفاء عن عملها والذي قد يتطلب منها السفر والاقامة خارج البلاد لاكثر من يوم بعيدا عن بلدها واسرتها مشيرة الى انها تعشق هذا العمل والتي كانت تحلم به منذ طفولتها وقد تحقق حلمها قبل ثلاث سنوات عندما تقدمت للعمل في احدى شركات الطيران وتمت الموافقة عليها ولا تجد هيفاء اي عائق يحول دون تقدمها في عملها والذي تجد فيه متعة كبيرة في التعرف على الناس وطبيعتهم وعاداتهم وتقاليدهم بدون حواجز او حدود.ومن المشاكل التي واجهتها في بداية عملها ذكرت هيفاء انها وجدت اعتراضا وهجوما كبيرين من قبل خطيبها والذي كان يرفض عملها بشكل عام وقد وصلت حدة المشاكل بينهما الى درجة الفصل في الاختيار بين عملها وبين استمرار علاقتهما وقد كان قرارها باختيار عملها.واشارت الى ان جميع افراد اسرتها يحترمون عملها وطبيعته الشاقة وذكرت بأن والديها يفتخران بها ولا يهتمان لبعض الاقاويل التي يرددها البعض عن مبيتها وسفرها خارج البلد.وفي النهاية ذكرت بان عملها لم يمنعها من التفكير في الزواج على ان يكون زوجها رجلا متفهما ومحبا لها ولعملها التي تعشقه ولا تفكر بتركه في يوم من الايام.أوقات متأخرةوكذلك التقت الدستور "نوره" 22 عاما والتي تعمل بائعة في محل عطور وماكياج في احد المولات التجارية. وذكرت نورة والتي تعمل بهذه المهنة منذ سنة ونصف ان عملها يتطلب منها التواجد حتى وقت متأخر قد يصل الى منتصف الليل في فصل الصيف. واشارت الى ان طبيعة المنتجات التي تبيعها هي منتجات خاصة بالنساء ولهذا فان معظم زبائنها هم من النساء وهي تتفهم طبيعة مزاجهن واذواقهن في المنتجات التي تبيعها.ولم تنكر نورة ان طبيعة عملها والذي يتطلب منها التواجد لاوقات متاخرة يرهقها في كثير من الاحيان الا انها استطاعت ومع مرور الوقت ان تعتاد عليه وان تتكيف مع طبيعته الشاقة بل واصبحت تستمتع بكل ساعة تقضيها فيه.واشارت نورة التي ما زالت تدرس في الجامعة الى ان اهلها لم يعترضوا على عملها وان ابيها هو من يقوم بايصالها من العمل الى المنزل في معظم الايام التي تتاخر فيها وذكرت ان عملها آمن خاصة وانه يقع في مجمع تجاري كبير وكذلك طبيعة الزبائن التي تتعامل معهم يوميا هم من النساء والفتيات وهذا الامر مريح جدا بالنسبة لها.وفي النهاية اكدت نورة انها لا تهتم لنظرة البعض لها بانها بائعة ولا تكترث لكلام الناس عن عودتها المتأخرة من عملها كونها لا تقوم بعمل معيب او مخجل.

JoomShaper