الرياض ـ لها أون لاين: نبدأ جولتنا هذا الأسبوع بما تناولته الصحف العربية ومواقع الإنترنت من تسليط الضوء على الاحتفال بالذكرى السابعة عشرة لمحاربة العنف ضد المرأة، وكذلك المناسبة العشرين لاتفاقية حقوق الطفل، حيث يلاحظ القارئ كثافة ما يمكن تسميته بالظاهرة في حجم المواد الإعلامية المنشورة حول هاتين المناسبتين، والندوات والمؤتمرات بل والمظاهرات النسائية التي تطالب بالكف عن العنف ضد النساء!
والدعوة لإنصاف النساء ـ وكافة أفراد المجتمع ـ مطلب عادل؛ غير أننا حين نسعى لتلمس هذه الدعوات التي تحارب العنف ضد المرأة لا نرها تسعى بجدية لرفع العنف والاضطهاد والقهر الواقع على المرأة بقدر مانجدها تكرس نوعا مختلفا من هذا العنف وهذا الاضطهاد حين تحصر الدفاع عن المرأة في تحررها من القيم تحت دعوى محاربة ما يسمى الانغلاق المجتمعي!!
وفي الوقت الذي تبدو فيه مطالب العديد من هذه إنشائية نجد أهوالا تعيشها المرأة في العديد من بلدان العالم ولا تحظى ولو بإشارة ضمن هذه الحملات الدعائية الكثيفة لدعاة رفع العنف ((المجتمعي))عن المرأة.
وحتى يكون كلامنا مستندا على المعلومة بعيدا عن الدعائية دغدغة العواطف التي تلجأ إليها هذه الجهات نسوق عددا من اليبانات الواقعية تضمنتها تقارير منها ما أوردته الدكتورة نورة السعد في مقالها بصحيفة الاقتصادية السعودية 18/ 11/2009 تحت عنوان " كيف سيتم إنصاف النساء وحماية حقوقهن؟".
حيث يذكر مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي الفلسطيني في تقريريه الميداني للجنة التحري في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيرهم من العرب في الأراضي المحتلة، أن النساء والأطفال يتحملون تداعيات نوعية محددة من الاحتلال الإسرائيلي. منها أن «الاحتلال الإسرائيلي يؤثر في حياة الفلسطينيات بجميع الإشكال، من التحرش والاعتداء الجنسي والتمييز، إلى إجبارهن على الولادة في نقاط التفتيش الإسرائيلية».
ويذكر التقرير أن هناك 600 نقطة تفتيش ومراقبة وحواجز عبور إسرائيلية، تقيد تحركات الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتؤثر سلبيا في تعليم الطالبات الفلسطينيات، اللائي يزيد عددهن على الطلاب الذكور، ويجبرن على البقاء في منازلهن تفاديا للتحرش بهن وإذلالهن وتعرضهن للاعتداء عليهن في نقاط التفتيش والمراقبة. كما تتعرض النساء والطفلات الفلسطينيات في القدس الشرقية، إلى الطرد والعنف والاعتداء الجنسي على أيدي قوات الأمن والمستعمرين الإسرائيليين.
وفي العراق اضطرت نساء الفلوجة لرفع شعار (لا للإنجاب)، حيث «أصبحن يشعرن بالهلع والخوف من الحمل والولادة، وقررن إيقاف الإنجاب؛ رحمةً بأنفسهن وبالمواليد الذين باتوا يخرجون للحياة بتشوهات صادمة تودي بمعظمهم بعد وقت قليل إلى القبور». هذه التشوهات بطبيعة الحال نتيجة لاستخدام القوات الأمريكية أسلحة محرمة دوليا، منها اليورانيوم المنضب والفوسفور الأبيض، في ضرب المدينة عام 2004 للقضاء على حركات المقاومة فيها، فأين دعوت محاربة العنف ضد المرأة مما تتعرض له المرأة العراقية وأختها الفلسطينية.
بل أين هي مما تتعرض له المرأة الأفغانية من حوادث الاغتصاب التي تستهدف فتيات صغيرات قد تصل أعمارهن إلى سن السابعة في ظل الاحتلال الأمريكي وبعد سقوط طالبان حسبما أفاد تقرير الأمم المتحدة الذي نقلته شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، ويقول التقرير إن العنف ضد المرأة الأفغانية، وبأشكاله المختلفة من اغتصاب، وجرائم الشرف، التحرش الجنسي، والعبودية، في تزايد متواصل.
فهل تطمع المرأة المسلمة في الحضور على مائدة مناقشات أدعياء محاربة العنف ضد المراة أم أن الدعوة مقصورة على إخراج العفيفات من بيوتهن؟!
أطفال المسلمين لا بواكي لهم!
ومع الذكرى العشرين لاحتفال العالم بحقوق الطفل تسجل التقارير أن عدد الأسرى من الأطفال الفلسطينيين في غزة وحدها بلغ 370 طفلا أسيرا في سجون الاحتلال الصهيوني يحرمون من حقوقهم كافة.
وحسب تقرير صحيفة النبأ على الانترنت المنشور في 22 / 11/ 2009 فإن الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال يتعرضون لانتهاكات عديدة ويعيشون في ظروف لا إنسانية وقاسية ويحرمون من كافة حقوقهم، ويسومهم الاحتلال كل أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة من ضرب وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم، وحرمان من الزيارة، ويستخدم معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات، والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية!
وأكدت وزارة الأسرى الفلسطينية بأن الاحتلال يُخضع الأسرى الأطفال إلى محاكم مخصصة للكبار منذ عشرات السنين، بشكل يخالف القانون الدولي ويفرض عليهم أحكام قاسية مجحفة لا تتناسب مع سنهم أو حجم الفعل الذي ينفذونه، والذي غالباً ما يكون إلقاء حجارة على قوات الاحتلال
وعن طرق الاعتقال أفاد تقرير وزارة الأسرى بأن الأطفال غالباً ما يعتقلون من الشارع وذلك أثناء تواجدهم في الشارع للعب أو الوقوف مع أقرانهم، أو أثناء التظاهرات، أو أثناء توجه الأطفال إلى المدارس،أو خروجهم من المدارس حيث تنتظرهم دوريات الاحتلال على أبواب المدارس لاعتقالهم.
وكذلك يعتقل الأطفال من بيوتهم وفي منتصف الليل، إذ يقوم عدد كبير من الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة والعتاد باقتحام بيوتهم بقوة، وبتفتيش منازلهم، والعبث بمحتوياتها، ثم يتم عصب أعينهم وتقييد أيديهم ونقلهم إلى أماكن الاستجواب والتحقيق معهم على هذه الحالة ودون أية فرصة للنوم أو تناول الطعام أو الذهاب للحمام، وكذلك تعتقل سلطات الاحتلال الأطفال عن الحواجز العسكرية، حيث توضع أسماء الأطفال المطلوبين على قوائم عند نقاط التفتيش أو المعابر الحدودية، ولا يعلم هؤلاء الأطفال أن أسماءهم موجودة على الحواجز، حيث يتم اعتقالهم بمجرد معرفة اقترابهم من الحاجز، فتعصب أعينهم، وتقيد أيديهم انتظاراً للترحيل ومن ثم التحقيق.
فهل تنظر الأقلام المرفهة التي تنام وتصحو على حرية المرأة وتحريرها من عنف الرجل والكثير من البيانات الإنشائية المكرورة وتلتفت قليلا للطفل المسلم والمرأة المسملة في بلدان المسلمين؟