نبيل زريق
أصبح كل من يدافع عن قانون الأحوال الشخصية، يتهم بالارهاب وبأنه تلقى تعليمه في جبال تورا بورا بأفغانستان، وكل من ينتقد الهيئة السورية لشؤون الأسرة يهاجم بالمواقع الالكترونية ويتهم بالعمالة هو والموقع الذي قبل نشر أفكاره وكأن الإعلام حكراً لهم فقط، الغريب أنهم يتسترون بالإسلام وبنفس الوقت يهاجمون هذا القانون ويعتبرونه غير إسلامي مع العلم أن جميع كتابتهم في مهاجمة القانون يهاجمون تعاليم الإسلام وتعاليم الشريعة لماذا لا أدري مادام القانون بزعمكم لا يستند على الشريعة الإسلامية فلما مهاجمة الشريعة الإسلامية في جميع المقالات التي يهاجم بها قانون الأحوال الشخصية.
هل طرحتم البديل لهذا القانون ؟ هل طرحتم إين الثغرات بهذا القانون؟ أم فقط طلب نسف القانون لحاجة في نفس الشيطان والغرب.
للأسف صار قانون الأحوال الشخصية في سورية (وهو القانون الوحيد المتبقي القائم على الشريعة الإسلامية) عرضة للتغيير والمناقشة من قبل الخضري واللحام وجميع من هب ودب وهم ليسوا من أهل الاختصاص وليسوا من أهل الرأي.
وكلامي ليس استهانة بالخضري واللحام معاذ الله، وإنما لحرقة أعيشها ويعيشها كبار المختصين بهذا القانون ممن وضعوه وساهموا بوضعه ورأوا نتائج تطبيق هذا القانون الذي ضمن ترابط الأسرة السورية على مدى الأعوام السابقة، بحيث أصبح مجتمعنا السوري تتجه إليه الأنظار من أغلبية مجتمعات العالم العربية والأجنبية، يسألون ما السر في ترابط المجتمع السوري وما السر في أن سورية الله حاميها.
للأسف أصبح الجميع يفهم بالشريعة الإسلامية وعالم بها وبكيفية تطبيقها، ويعطي ملاحظاته بأن هذا يجب أن يكون وهذا يجب أن لا يكون، ونسي أو تناسى أن علم الشريعة هو علم قائم بذاته كباقي العلوم له رجاله وعلمائه وأهل اختصاصه.
وكما يقال الإنسان عدو ما يجهل، قاتل الله الجهل، فلو أطلع المنكرون على هذا القانون وعلموه لما هاجموه، وما من عاقل إلا ويعلم أن قانون الأحوال الشخصية في هذا القطر العتيد جُمِّعَت أحكامه من مختلف المذاهب الفقهية على أساس الحاجة لمقتضيات هذه الأمة في هذه البلدة، على أساس ما هو أكثر انسجاماً مع مصالحها ومع ما يناسبها من كل الجوانب. وقد تم الإجماع على أن هذا القانون ليس فيه أي ثغرة، ليس فيه أي نقص، ما من ذي حقٍ إلا وينال من وراء هذا القانون حقه. الكل يعلم هذه الحقيقة.
المرأة في سورية نالت حقوقها كاملة غير منقوصة، ضمن إطار هذا القانون. وليت أن المرأة في الغرب نالت نصف هذه الحقوق. المرأة في سورية تتبوأ مركز الوزارة، المرأة في سورية تشترك مع الرجل عضواً في مجلس الشعب، المرأة في سورية أصبحت نقابية، المرأة في سورية أصبحت تتبوأ مركز القضاء، المرأة في سورية تشترك مع الرجل في سائر الوظائف.
لماذا إذاً التباكي على المرأة وحقوقها المهدورة؟!
هناك من يتباكى على المرأة وحقوقها؟! هناك من يثير عاصفة هوجاء عن الأسرة مصطنعاً الغيرة عليها وهو أكذب الكاذبين فيما يزعم؟!
ودِدْتُ لو كان هؤلاء غيارى فعلاً على المرأة وحقوقها، وددت لو أنهم سلطوا المناظير على مصير المرأة في الغرب، إذن لاستطعت أن أشَمّ رائحة الإخلاص من كلامهم، الجميع يدرك واقع المرأة الغربية المزري في الغرب؟ المرأة التي تُضْرَب في كل دقيقة، عدد من النساء، مقال نشرته كاتبة أمريكية بعنوان: فلندع أصواتنا تُرفع. في كل دقيقة ست من النساء يُضْربن إلى درجة التحطيم أو القتل من قِبَل زوج أو خليل. الملاجئ التي أقيمت في كل بلدة في أمريكا أصبحت توازن البلدان المستقلة برأسها والبيوتات القائمة والمستقلة برأسها، ملاجئ لا لاستقبال المعوقين والشيوخ من الرجال والنساء، لا، بل لاستقبال النساء الهاربات من ضرب الأزواج والخُلان. المرأة في الغرب كلكم يعلم أنها إذا وصلت إلى مدارج الشيخوخة نَدَّ عنها الخليل وتركها الزوج، لا يُطَلِّق لكن يهجر ويترك، وابتعد عنها الأقارب والأولاد والأرحام، وتنظر يميناً وشمالاً وإذا بها تعلم أن لا ملاذ لها إلا اللجوء إلى الملاجئ الخاصة بها وبأمثالها.
هذه الملاجئ قد حُشي بها هؤلاء النسوة اللائي وصلن أو دخلن في مدارج الشيخوخة، كل واحد منهن تنتظر ساعة خروجها إلى العالم الآخر كالمسافرين الذين ينتظرون في قاعة المطار ينتظر كل الساعة التي يطير فيها إلى البلدة التي سيسافر إليها.
هذا هو حال المرأة أكثر النساء الغربيات في الغرب الأمريكي أولاً والأوربي ثانياً. في حين أن المرأة عندنا كلما تقدم بها السن ازدادت هالة القداسة من حولها تكاملاً، كلما تقدم السن بالمرأة عندنا، تجدالأقارب والأرحام يزداد احترامهم لها. لا يُقطع دونها بأمر، سيدة البيت هي.
يريدون من المرأة بسورية أن تصبح كالمرأة الغربية سلعة جنسية متى انتهى منها الرجل رماها في سلة المهملات، أو على قارعة الطريق للآسف.
كنت أتمنى أن يعطى المجال لعالم من علماءنا أو أن يدعى لورشة من ورشات العمل التي تستضيفها وترعاها الهيئة السورية لتدمير الأسرة أو ما يسمى تنظيم الأسرة، لكي يكون هناك رأي ورأي آخر تكون هناك مناظرة وسماع لوجهات النظر المختلفة وليس لوجهة نظر واحدة لا تمثل إلا واحد بالمئة من الشعب السوري وتتبنى هذه الوجهة.
كنت أتمنى أن يعطى المجال لقاضي من القضاة الشرعيين أو أحد المحامين المنصفين ممن أفنى عمره مع هذا القانون ويعرف إين الإيجابيات وإين السلبيات في تطبيقه، بدلاً من فسح المجال لأناس لا يعلمون من قانون الأحوال الشخصية إلا اسمه.
لماذا استثارة أسباب الشقاق والخصومة داخل مجتمعنا!؟
لماذا تفريق الكلمة وإيذاء الناس في ما تعتقده؟
لماذا فرض هذا التوجه بقوة الإعلام وبقوة من يملكه وينفق عليه ؟
ولمصلحة من يثار هذا الموضوع وتثار هذه الفتنة؟ هل فعلاً لمصلحة المرأة والمجتمع !!
أرجو أن أجد إجابات عن ذلك، ولكن عزائي في ذلك كله أن الشعب لدينا رجالاً ونساءاً يتمتعون بوعي فريد من نوعه، ربما لا يتمتع بمثله كثير من الناس في البلاد الأخرى، أُهيب بهذا الوعي أن يُخْدَع بهؤلاء .
حكاية سورية