تستحق الباحثة في العالم العربي إلقاء الضوء على شخصيتها، على الأقل، وأعمالها وإنجازاتها، بالطبع. هي المرأة المتعلّمة المضطلعة بأدوار في مجالات العلوم والسياسة والاجتماع... تغوص في قضايا عامة كبرى، وتتميّز عن نظرائها الرجال باهتمامها بقضايا بنات جنسها. إلاّ أنها، كأخواتها، تبدو في حاجة إلى مزيد من الثقة بالنفس وتعزيز القدرات. وهذا على عكس الانطباع الذي تتركه الباحثة، في نفوس الحضور والمشاهدين، عندما تحاضر في ندوة أو تطل من شاشة...
عندما استشهد رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في 2005، وساد صمت وظلام في لبنان، قد لا يذكر لبنانيون كثر كيف أطلّت الباحثة والمحللة النفسية أنيسة الأمين، على مواطنيها عبر التلفزيون، بكل صلابة وعلم لتصف لهم مصابهم. وقتذاك، كان مواطنون كثر يحتاجون إلى «توصيف علمي» لما حصل، في غياب أي معطى وكثرة الاحتمالات، توصيف يعيد إليهم التوازن، ويدعوهم إلى النهوض من حال خوف أو ضياع...

ترى الباحثات أيضاً في المختبرات وورش العمل، يجتهدن في إيجاد الحلول وتطبيقها في مجالات مختلفة. ولكن عندما يأتي دور اتخاذ القرار، كما سنقرأ، بعضهن يتراجع وبعضهن الآخر يتخلى، وأخريات يصررن على مواقفهن والمضي قدماً.

والحق أن لا فرق في الدرس والنهج بين باحثة وباحث. كلاهما يستعين بأدوات البحث العلمي ذاتها في مجال ما، والمقاربة هي التي تعطي النتائج. كلاهما قد يكون «جافاً» حيال مسألة معيّنة. الفرق يكمن في الاهتمام، وأحياناً في الحرص والجلد.

ثمة فرق كبير بالتأكيد ولعلّه هو الذي دفع «معهد اليونسكو للإحصاء» إلى إصدار دراسة حول عدد الباحثين في العالم، لقياس الموازنات التي تصرفها الدول على البحث والتطوير في شتى المجالات، ولملاحظة عدد النساء الباحثات في نحو 121 دولة، كما ورد في الموقع الإلكتروني لليونسكو. فقد أظهرت دراسة جديدة نشرها المعهد ارتفاع عدد الباحثين في البلدان النامية بنسبة 56 في المئة بين عامي 2002 و2007، في حين لم يرتفع إلاّ بنسبة 8.6 في المئة في البلدان المتقدمة، خلال الفترة نفسها.

وأشارت الدراسة إلى أن حصة البلدان النامية من المجموع العالمي تمثل 38.4 في المئة في مقابل 30.3 في المئة عام 2002. والارتفاع الأهم حصل في آسيا، إذ أصبحت حصتها 41.4 في المئة في مقابل 35.7 في المئة عام 2002.

وترجع هذه الزيادة بصورة رئيسية إلى ازدياد عدد الباحثين في الصين من نسبة 14 إلى 20 في المئة في غضون خمس سنوات. وجاء هذا التطور على حساب أوروبا والأميركتين، حيث انخفضت النسب على التوالي من 31.9 إلى 28.4 في المئة ومن 28.1 إلى 25.8 في المئة.

وتجاوزت نسبة النساء بين الباحثين في العالم 29 في المئة، غير أن النسب اختلفت بين مناطق العالم إذ تجاوزت حصة أميركا اللاتينية هذه النسبة بكثير حيث بلغ عدد النساء بين الباحثين 46 في المئة. ولكنْ في آسيا لا تمثل النساء سوى 18 في المئة من عدد الباحثين، وتساوت نسبتهن في أوروبا مع نسبة الرجال، وبلغت النسبة في رابطة الدول المستقلة 43 في المئة بينما قدرت في أفريقيا بنحو 33 في المئة.

 

دار الحياة

JoomShaper