عبداللـــه عباس
قبل أيام انشغل ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني في عالمنا الشرقي بذكرى سميت باليوم العالمي لإتفاقية سيداو كيوم عالمي ضد استعمال(( العنف ضد المرأة )), لا بأس ولكن الملفت ان التركيز على هذهِ الظاهرة جرى بشكل يعطي انطباعا بأن المرأة تعيش في جنة من النعيم في الجهة الغربية من العالم وهي مضطهدة ومنكوبة ومظلومة وفي الجهة الشرقية من العالم والعالم الاسلامي على وجه الخصوص علماً ان المرأة وصلت الى موقع قيادة الدولة اكثر من خمس مرات في العالم الشرقي وكانت اثنين من هذهِ المرات في الدول الاسلامية وقبل ان تصل (( مارجريت تاتشر )) الحديدية البريطانية الى الحكم في الامبراطورية التي غابت عنها الشمس والحمدلله.
الظاهرة المأساوية في هذه المناسبة ان منظمات المجتمع المدني في شرقنا المسكين تتحدث عن برامج مستهلكة واعلام باهت عن العنف ضد المرأة بدون فهم لمعنى العنف وقد تشارك بالعنف على الاطفال والمحيط والبنات, وهذهِ المنظمات تكرر ما ينسجه ( اكثرها كذباً ) الجهات الغربية وتبيعها بدون ثمن الى منظماتنا المدنية كأن كل كلمة في هذا النسيج منزلة لا تقبل الخطأ, ينشرون أرقاما عن اضطهاد المرأة في العالم الإسلامي ولا نقرأ رقماً عن تجارة النساء في الغرب أبسطها التجارة بأجسادهن من خلال الإعلانات الخلاعية .
لا أدري كيف تجرأ أحد الأفلام الغربية التي حصل فيها حوار يؤكد كذب الرجال في الحديث عن الحرية والمساواة للمرأة حيث قالت (( فتاة )) بطلة الفلم ل((فتى )) بطل الفلم : عندي انطباع انكم لا تقصدون في الحديث عن الحرية والمساواة للمرأة الا في شيء واحد وهو أن تستسلم المرأة لكم بدون قيد أو شرط ولكن تحت شعار اننا أحرار!!.
اننا نختار الوسط في حديثنا عن الموضوع عليه نقول إن المرأة في مجتمعاتنا مضطهدة ..... صحيح ..... ولكن ذلك ناتج من الرجل نفسه ليس حراً في الإختيار في جميع المجالات الحياتية وعندما يريد الغرب أن يربط اضطهاد المرأة عندنا بموضوع الدين فإن الغرب بذلك يمارس الكذب والنفاق الإستعماري لأن ظاهرة اضطهاد المرأة في المجتمعات الإسلامية ليس اضطهاداً ( لاسامح الله ) فرضه الدين الاسلامي, انما نابع من الثقافة احادية الجانب ضمن التراث الاجتماعي والثقافي ليس لها بالاسلام أي صلة , الرجال والنساء في الإسلام عليهم الواجبات والمسؤوليات ذاتها أمام الله وكذلك فيما يتعلق بحقوق المرأة فلها الحق في الطلاق والميراث وقد مارست المرأة في المجتمعات الإسلامية هذه الحقوق قبل تمتع النساء في الدول الغربية بهذهِ المعايير وفي هذا الاطار كما قلنا علينا أن نعرف ان الانتهاكات التي تمارس في حق المرأة بإسم الإسلام اليوم هي ممارسات نابعة من الثقافة وليس لها بالدين أي صلة .
ففي حين أدت الحرية المفتوحة في النظام الغربي الى أن تحيل المرأة الى سلعة في أكثر مجالات الحياة نرى في المجتمعات الاسلامية الحقيقية ان الحرية هي طريقة لتنظيم الحياة الانسانية للمرأة والرجل وفي ضوء الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تتعلق بحقوق الاخر من حرية الحياة وحرية الفرد والملكية والاختيار .
اننا لا نخاف من الحديث عن وجود ظاهرة العنف ضد المرأة لأننا نرى انها ناتجة عن الأزمات الإجتماعية المعقدة في الشرق المثقل بتركات التخلف التي تركتها عهود التخلف واحتلالات الغرب حيث تركوا قشور التطور ومنعوا طريقة التطور الواعية الثقافي والاجتماعي لقتل روح التطور المطلوب نحو الآفاق الرحبة من الدراسات والاحصاءات لتحديد الطريق نحو المستقبل.
من المسائل التي يركز عليها الغرب في اتهام المجتمع الاسلامي باضطهاد المرأة وعدم الإعتراف بحقوقها هي قضية الميراث في الإسلام. بين الرجل والمرأة ولكن عندما ندرس الواقع لنظرة الإسلام في هذا المجال نرى ان هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة ميراثاً مثل الرجل أو أكثر أو ترث هي ولا يرث نظيرها الرجل عند استقراء حالات ومسائل الميراث يتضح أن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف ما يرث الرجل واضعاف هذه الحالات ترث مثل نصيب الرجل تماماً, في حين ان الاديان الاخرى لا ميراث للمرأة الا في حالة واحدة وهي ان لا تكون لها اخوة ذكور وجعل الانجيل الميراث كاملاً للإبن الذكر فإن لم يكن للمتوفي ابن في هذهِ الحالة فقط ترث المرأة .
جريدة الشبيبة