بداية أود أن أعبر عن احترامي وتقديري لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" التي تتولى الدفاع عن حقوق الإنسان في السعودية. وأنا باعتباري واحدة من النساء السعوديات - وغيري كذلك - أود أن أؤكد أننا لم نفوض هذه المنظمة أو نطلب منها الدفاع عن حقوقنا، أو التدخل في خصوصيات حياتنا التي لا أعتقد أنها تستوعب نمطها وأسلوبها.

وإذا اضطرت المرأة السعودية للدفاع عن حقوقها فهناك هيئات متخصصة ومحاكم شرعية تستطيع أن تلجأ لها لترد لها حقوقها، وتنصفها من الظلم الواقع عليها، دون الحاجة للجوء لهذه المنظمات الغريبة عن مجتمعنا الإسلامي وقيمه وآدابه ومعتقداته.

 

موافقة المحرم

ورد في التقرير أن المنظمة دعت إلى إلغاء النظام القاضي بمنع النساء من العمل والسفر والزواج والانتفاع بالرعاية الصحية إلا بموافقة محرم من أقربائها، وهنا تكمن عدة الملاحظات:

1- لابد أن تتفهم هذه المنظمة وتعلم حق اليقين أن المجتمعات الإسلامية تسير وفق النظام الإسلامي الشامل لكل جوانب الحياة، وجميع لوائحها وقوانينها مستمدة منه، كما أن مجتمعاتهم تخضع للمذهب العلماني أو الرأسمالي أو الشيوعي وتستمد منه لوائحها وقوانينها ونظمها، فلماذا نطالب نحن المسلمين بإلغاء أو حذف أو إضافة أمور من صميم دستورنا ودستور دولتنا الإسلامية؟! أليس من حقوق الإنسان أن يمارس حياته بالدين والطريقة التي تناسبه، وهذا يعتبر تدخلا في حياة جميع المسلمين والمسلمات وإلغاء لنظام حياتنا الإسلامية، ثم أليس إلغاء هذا النظام هو إلغاء لديننا الإسلامي الحنيف الذي ننتسب له وجاءنا من رب العالمين الذي وضع هذه الأحكام والتشريعات والحقوق وهو أعلم بخلق الإنسان، قال الله تعالى:"أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك : 14].

2- لابد أن نوضح لهذه المنظمة أن الإسلام أكرم المسلمة ووضع لها الأحكام الشرعية والحقوق المختلفة والآداب الاجتماعية والأخلاقيات الفاضلة حماية وحصانة لها من الاستغلال أو التعدي عليها، فالمرأة بسبب تكوينها الجسمي والنفسي والعقلي والعاطفي تختلف عن الرجل قال تعالى:"وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى" [آل عمران : 36]؛ لذلك لا تستطيع الدفاع عن نفسها في الكثير من المواقف اليومية، وهذا ما أثبتته التجارب والخبرات البشرية، لذا كان للرجل دور في حمايتها والدفاع عنها والقيام بجميع أمورها - خارج المنزل - لكي تكون بمأمن من الأذى، وهذا الدور الذي ألزمه الإسلام به هو دور مسئولية وليس وصاية أو تسلط أو تفضيل على المرأة، وأعتقد أن الحالات التي ذكرت في التقرير، وهي العمل والسفر والزواج والانتفاع بالرعاية الصحية يختلف دور الرجل "المحرم" في كل واحدة منها، لكن الأصل فيها كلها ضمان حماية المرأة وصيانتها.

3- أعتقد أن هذه المنظمة إذا لم تستوعب حكمة الله عز وجل من إقرار حقوق المرأة في الإسلام جهلا بالإسلام أو لغرض في نفوسهم، فإن المرأة السعودية ليست معذورة في هذا الجهل بالحكمة من وجود المحرم ودوره في حياتها، كأب وزوج أو أخ... إلخ، ولابد أن تكون ممتنة وواعية لهذه الحقوق التي أعزها وأكرمها الله عز وجل بها.

وكون المرأة السعودية مرت ببعض التجارب والخبرات الظالمة لها من قبل أحد محارمها فهذا لا يعني أن الخلل في الحقوق التي أقرها الله عز وجل لها، وإنما الخلل في سوء تطبيق هذه الحقوق، ويمكن علاج هذا الظلم من خلال القنوات الرسمية المتخصصة في هذا الشأن ببلادنا. ويمكن إهداء هذه المنظمة بعض الكتب التي تتحدث عن حقوق المرأة في الإسلام حتى تكون على وعي بها.

يزيد المرء غرابة أن هذه المنظمات الخارجية تهتم بحقوق المرأة السعودية في بيئة بعيدة وغريبة عنها، ونسيت أو تناست وضع المرأة في بلادها التي تئن بالظلم والفساد والاستغلال في جميع جوانب حياتها، والأرقام تشهد بذلك، والأولى بهذه المنظمة أن تحل مشكلات المرأة لديها، ونحن كمسلمين لنا حلولنا الخاصة بنا.

الذي يزيد من ألمنا ومرارتنا توجه المرأة السعودية للشكوى والعويل إلى أعدائنا، ولم أر المرأة الغربية تلجأ إلى الدول الإسلامية للشكوى من الظلم والاستغلال الواقع عليها.

النساء قاصرات

رأت المنظمة أن السلطات السعودية تعامل النساء كأنهن قاصرات قانونيا ولا يستطعن اتخاذ قرارات بسيطة من أجل أطفالهن بدون إذن مكتوب من  والد الطفل.. فنقول إن السلطات السعودية تقوم بواجبها الإسلامي والوطني في حماية الأم وأطفالها مما يتعرضون له من صعوبات أو أضرار في غياب مسئولية رجل تجاههم، والمرأة السعودية تعامل كأنها ملكة يخدمها الرجل في كل مكان، يحميها من كل أنواع الأذى والعنف أو الاستغلال، ويهيئ لها كل الوسائل لراحتها وأمنها وأمانها.

ليس هناك في المجتمعات الغربية منظمات لحماية الأطفال من ذويهم في جميع الحالات التي تتعرض لها الأسر من مشاكل زوجية أو طلاق أو إدمان أحد الوالدين وكليهما... إلخ، فتضع الدولة القوانين لحماية هذا الطفل.

كذلك نحن في بلادنا لدينا المحاكم التي تحمي هؤلاء الأطفال من ظلم أحد الوالدين أو كليهما، فلماذا عندما تأخذ المرأة الغربية حكما من المحكمة لا تعتبر قاصرة والمرأة المسلمة تعتبر قاصرة؟! ولماذا يعاب علينا إن حددت الدولة قوانين ولوائح لحماية الطفل من والدته التي قد تهرب به إلى خارج البلد لغرض في نفسها؟! أليس من حق والده أن يعلم أين يذهب؟ ولماذا؟ وكيف ستكون حياته بعيدا عنه؟ ومن حقه أن يؤمن له الإقامة المناسبة، لماذا نرى ذلك تسلطا ودكتاتورية.

الوصاية الذكورية

تقول المنظمة في تقريرها إن الوصاية الذكورية حول النساء الراشدات تسهم في تعرضهن لخطر مواجهة العنف العائلي، مما يصعب على الناجيات من العنف الاستفادة من الحقوق أو التعويض.

أقول: سبحان الله ألا توجد في مجتمعاتهم الغربية كل أنواع العنف الأسري، والأرقام تتحدث عن ذلك. نريد من هذه المنظمات الغربية الغريبة أن تنتقي الكلمات والألفاظ الدقيقة، فنحن كمجتمع إسلامي لا توجد لدينا وصاية ذكورية وإنما هي واجبات ومسئوليات يقوم بها الرجل المسلم في بيته وعمله وفي كل موقع كان.

وأما قولهم: "مما يصعب على الناجيات من العنف الاستفادة من الحقوق أو التعويض"، فنحن لا ندعي الكمال في مجتمعاتنا الإسلامية، ولا ندعي المثالية في تعامل الرجل مع المرأة، وإنما هناك بعض الرجال يسيء معاملة المرأة بطريقة غير لائقة بإنسانيتها وكرامتها، فهنا لابد أن يكون دور المرأة إيجابيا في استخدام الطرق والأساليب المشروعة لنفي الظلم عنها، ابتداء من إحضار حكم من أهلها وانتهاء باللجوء للهيئات الحكومية المتخصصة لعلاج مثل هذه المشاكل، والرجل ليس المسئول وحده عن ضعف المرأة والدفاع عنها، وإنما المرأة هي المسئولة عن رد هذا الظلم، وأعتقد في مثل هذه الحالات أن حكم الله لا يعمم ولا يلغى من أجل سوء تطبيق لهذه المسئولية

المصدر: موقع إسلام أون لاين

د. ليلى عطار

JoomShaper