لم يدر بخلد أحد حينما طرحت إحدى السيدات بمكة المكرمة فكرة العمل عن بعد, وقدمت مشروع الأسر المنتجة كبديل عن العمل الوظيفي لبعض النساء, أن يتوج هذا المقترح بتدشين منتدى"العمل عن بعد.. الفرص والتحديات" بمدينة بريدة قبل أيام والذي فتح آفاقا جديدة لاستيعاب المرأة المحتاجة إلى العمل بشكل يتناسب مع مبادئنا وقيمنا الإسلامية.
لا شك أن مشروع العمل عن بعد سوف يحل إشكالات كثيرة فيما يتعلق بعمل المرأة ويجنبها الاختلاط ومشقة الخروج من البيت ويوفر عليها تكاليف الانتقال والابتعاد عن المنزل لساعات طويلة فضلا عن مشكلات الازدحام كما يتيح لها فرصة التوفيق بين العمل ورعاية أسرتها؛ ليس هذا فحسب بل إنه كذلك يقضي على مشكلة بطالة الرجال حين يحصلون على وظائف مكتبية كانت تشغلها النساء, كما أنه يفتح المجال أمام اللواتي يعانين من إعاقات جسدية تحول دون خروجهن للعمل, الأمر الذي يحل مشكلات اقتصادية تعاني منها شرائح موجودة من النساء يتحولن من فئات مستهلكة إلى أخرى منتجة تتجسد مواهبها في إنتاج ما يفيد المجتمع والاقتصاد الوطني, كل هذا يؤدي بطريق أو بآخر إلى حل التداعيات النفسية السلبية التي يفرزها خروج المرأة من بيتها للعمل.
ومن عجب أن تتعالى الأصوات اليوم في الغرب تطالب المرأة بالعودة إلى البيت, في حين ينادي أذيالهم في الشرق بخروج المرأة منه دون مبرر! و لازال المنبهرون بالغرب يصرون على السير عكس الاتجاه ولا يشغلهم إلا إخراج المرأة من بيتها والتباكي على تهميش دورها وارتفاع نسبة البطالة بين النساء وشل نصف قدرات المجتمع ـ كما يزعمون ـ مطالبين بحقوق المرأة في الخروج إلى العمل!
إن الذين يعدون بقاء المرأة في بيتها لرعاية أسرتها وتربية أطفالها ويعتبرون هذا الدور الخطير بطالة قد تجاوزهم الزمن, فاليوم بأمريكا وحدها أكثر من 18 مليون مؤسسة تعمل من المنزل وبالطبع ليس من أجل ملاءمة طبيعة البيئة عندهم ولكن رضوخا أمام الواقع العملي الذي يفرض ضرورة تواجد المرأة في بيتها ومع أولادها لأداء رسالتها المجتمعية الخطيرة التي لا يقوم مقامها غيرها.
وهذه ( كاتلين ليند ) زوجة رائد الفضاء الأميركي د . دون ليزي ليند، القائد الثاني للمركبة الفضائية ( أبو للو ) تقول : ( أنا كربّة بيت أقضي معظم وقتي في البيت، وكامرأة فإنني أرى أن المرأة يجب أن تعطي كل وقتها لبيتها وزوجها وأولادها ..أي يجب أن تعطي منزلها الاهتمام الأول)
ثم تضيف ليند: ( ولا زلت أذكر حديثا لأحد المفكرين رداً على سؤال : إذا كان مصير المرأة بيتها فلماذا إذن تتعلم ؟ لقد قال يومها لصاحبة السؤال: إذا علمت رجلا فإنك تعلم فردا، وإذا علمت امرأة فأنت تعلم جيلا أو أمة )
إن الناظر في تاريخ الحضارات التي انهارت وسقطت ليجد أن سقوطها كان النتيجة الحتمية لانهيار كيان المرأة وهبوطه, هذا السقوط الذي سار جنبا إلى جنب مع انهيار الأسرة وتفتت كيانها, وصحبه تدهور المجتمعات وتقهقرها. ولم تنهض أمة ولم تزدهر إلا بتقدم المرأة وممارستها لدورها الفطري السليم في تربية أسرة آمنة مستقرة .
إن على المجتمع أن يساند المرأة في القيام بمهمتها الأساسية نحو بيتها وأسرتها أولا, ثم بعد ذلك تنتج وتسهم في اقتصاد بلدها وتنمية مجتمعها, فالمرأة هي العمود الفقري في المجتمع, إن استقامت نهضت الأمة وازدهرت, وإن اعوجت تراجعت وغرقت وعانت فقرا وتمزقا وذلا وهوانا.
لها أون لاين