آمنة الحربي
من أبشع الممارسات الحياتية التي دأب الكثيرون على تعاطيها والتماهي معها بدون  توقف، هي التجهم والعبوس المسيطر على وجوه الغالبية العظمى من الناس.
ما نعانيه من تجهم في مجتمعنا، جدير بالتساؤل عن الأسباب التي أوصلتنا إلى تلك الحالة المزرية، والتي فيما يبدو لي أن الجدية المفرطة في التربية هي من أهم أسبابها، حيث اعتادت الكثير من الأسر على أسلوب الصرامة في التعامل مع الأبناء تخرج من بيتك وأنت تحلم بصباح وردي .. ترتشف فيه فنجان قهوة في ظل وجوه باسمة، وقلوب مبتهجة .. فتفاجأ بأرواح قد أعطبها الملل .. ونفوس امتزجت بقساوة مفرطة وقسمات لا تجد الابتسامة فيها متكأ.
أناس أطالوا المكوث في كهوف مظلمة، وألفوا الجدية المصطنعة، والعيش في مساحات مكتظة بالألم والحزن، مما يشعرك بأن العالم سينتهي وبأن الحياة موحشة.
وهم بذلك، مذنبون في حق أنفسهم، وبحق الآخرين، ولو حاولت تعرية نفوسهم والكشف عما تختلجه أرواحهم من فرح خفي، ستنطلق صيحة فرح مخنوقة، تنبئ عن مخزون ضئيل من السعادة  لا تقوى نفوسهم المتهالكة على استخراجه.


إن ضغوط الحياة والجري الدؤوب خلف لقمة العيش، لا يعني أن نقابل زملاء العمل (بتكشيرة) ونودعهم (بتكشيرة) ..!
فالحياة أجمل من أن تهدر بالأحزان والشكاية، والوجوه العابسة.وقد يعتقد البعض -واهما- أن تقطيب الجبين والملامح الجادة، توحي بجدية العمل، وهو بمنأى عن الفهم الحقيقي لما يتطلبه معنى الجد والاجتهاد.
يقول «ديل كرنيجي» عالم النفس المعروف: «إن ما يقال أن سر النجاح يكمن في العمل الجاد والكفاح، فلا أؤمن به متى تجرد من الإنسانية المتمثلة في الابتسامة اللطيفة»
أن تقابل من حولك بابتسامة صادقة، لن يقلل ذلك من شأنك شيئا، وكما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-:  «تبسمك في وجه أخيك صدقة».
ولا يخفى علينا الأثر الكبير للابتسامة، من تحسين العلاقات الاجتماعية، وتقوية أواصر
الألفة والمحبة بين الأفراد، مما يؤدي إلى كفاءة العمل وزيادة الإنتاج.
وما نعانيه من تجهم في مجتمعنا، جدير بالتساؤل عن الأسباب التي أوصلتنا إلى تلك الحالة المزرية، والتي فيما يبدو لي أن الجدية المفرطة في التربية هي من أهم أسبابها، حيث اعتادت الكثير من الأسر على أسلوب الصرامة في التعامل مع الأبناء، لاعتقادهم بأن ذلك يضمن  تنشئة جيل مستقيم، وجدير بالمسؤولية، وهم بذلك غير مدركين للأثر العميق الذي يتركه هذا النوع من التعامل، فينتج لنا أشخاصا متجهمين وعابسين.
أضف إلى ذلك، الجهل الشديد بثقافة الفرح وفن الاستمتاع بالحياة، مما يورث قلوبهم الكدر
الشديد، وبالتالي تختفي الابتسامة من وجوههم.
لذلك، لا بد أن ندرك ضرورة وحتمية العمل على تعليم أفراد المجتمع نشر الفرح ومحاربة العبوس، والسعي الدؤوب لكي ترتسم الابتسامة الصادقة على وجوهنا.

 

JoomShaper