جهاد المنسي
قالت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، إن نسبة الأمية في الدول العربية تجاوزت 19 %، أي أن عدد الأميين فيها يحادد حاجز الـ 97 مليوناً.
وقالت المنظمة بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية إن تقارير التنمية البشرية للعام 2013 والتقرير العالمي لرصد التعليم للجميع 2012، تُشير إلى أن عدد سكان الدول العربية بلغ 353 مليوناً و800 ألف نسمة، منهم 256 مليوناً و946 ألف نسمة ملمّون بالقراءة والكتابة، ما يعني أن عدد الأميين في الدول العربية يصل إلى 96 مليوناً و836 ألف أمي.
خلاصة التقرير توضح أن نسبة الأمية في الوطن العربي تصل إلى 19,73 % من إجمالي مجموع السكان، حيث تصل نسبة الأمية لدى الإناث إلى 60,6 %، بينما تصل نسبة الأمية لدى الذكور إلى 39,42 %، مع العلم ان الأرقام والنسب المعلنة لا تتضمن الأميين في ثلاث دول عربية، هي جزر القمر وجيبوتي والصومال.
يأتي تقرير (ألكسو) متزامنا مع تصريحات سابقة كانت صادمة ومرعبة أطلقها وزير التربية والتعليم محمد ذنيبات قال فيها إن 100 ألف طالب على مقاعد الدراسة لا يستطيعون قراءة الحروف العربية أو الإنجليزية.
هي أرقام وتصريحات صادمة، ومعطيات تشير لتدني نسب التعليم عربيا، ما يفتح مجالا واسعا أمام ارتفاع نسب الجهل والتخلف، وابتعاد عن الدولة المدنية، وحاضنة للأفكار الظلامية والتكفيرية والسوداوية.
اذن (خُمس) الوطن العربي يعانون أمية مطلقة، يضاف اليهم (خُمس) آخر يعاني من عدم دراية كافية بالقراءة والكتابة كما هو الحال الذي يعاني منه 100 الف طالب اردني في مدارسنا، وهذا الحال ينسحب على طلاب في مدارس عربية مختلفة، وبذا فإن النسبة ترتفع الى ما يقرب من 40 %، اي ما يقرب من 190 مليون عربي يعانون من أُمية مطلقة وأخرى بسيطة تمكّن أصحابها من تهجئة الحروف فقط.
استذكرت وأنا اقرأ تقرير (الكسو) حول الأمية، قيام مجموعة أصولية بحرق مكتبة السائح اللبنانية في طرابلس والتي تعتبر من أقدم المكتبات في المنطقة، وتضم أمهات الكتب وكتبا نادرة.
خطرت في بالي مكتبة السائح اللبنانية لأنني على يقين من أن اصحاب الفكر الأصولي المتطرف يحاربون القراءة والمعرفة والفكر بكل تياراته واتجاهاته، لأنهم يعرفون أن عدوهم الحقيقي القراءة والمعرفة، وانهم لا يستطيعون التمدد إلا في المجتمعات الجاهلة الأقل معرفة، ويجدون مكانا لهم دوما في الظلمة حيث الجهل والتخلف.
تقرير المنظمة العربية جاء في وقت تخوض فيه دول عربية صراعا ضد مجموعات ظلامية وتكفيرية واصولية تسعى لطمس المعرفة والحضارة، وكل تراث حضاري، في سعيهم لسيادة مبدأ التجهيل، وقتل بذور العلم والمعرفة عند الجيل الناشئ.
ترى لو ان الدول التي تمد الأصوليين الظلاميين بالمال والسلاح استثمرت أموالها في إعادة تأهيل الـ97 مليون عربي الذين لا يقرؤون، واستثمرت في الثقافة والتعليم والفنون والآداب بدل ان تستثمر في القتل والتدمير، لو حصل ذلك؛ ألم يكن حال الوطن العربي سيكون افضل وأحسن، وأكثر إشراقا ونورا وتطورا، وكان يمكن أن نطمح بأن يكون من بين العرب من ينافس على جوائز نوبل العلمية، ونسمع لاحقا عن صناعات عربية تغزو العالم، وسفن عربية تذهب للفضاء، وأفلام عربية مرشحة للأوسكار.
أعتقد أن من واجب المنظمة (الكسو) التي أطلقت التقرير باعتبارها من أذرع جامعة الدول العربية دعوة الاعضاء لمؤتمر طارئ لمناقشة الأمر الجلل الذي يدفع بالأمة العربية نحو أتون الجهل والتطرف، وحث تلك الدول على الاستثمار في التنوير بدلا من الاستثمار في التجهيل والتكفير.
أليس معيبا أن تكون أمة اقرأ لا تقرأ؟!!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
97 مليون عربي أُمي
- التفاصيل