د. جاسم المطوع
في جلسة شبابية كنا نتحدث عن ايجابيات وسلبيات (إنستجرام)، فتحدث شاب عن قصة زوجين كادا أن يتطلقا ولكن الإنستجرام كان سببا في استمرار حياتهما الزوجية، وهي أن زوجا على خلاف مع زوجته بسبب تقصيرها في البيت وخاصة في الجانب الغذائي، وهو يحب الطعام والتفنن فيه كثيرا، وقد طلب من زوجته أكثر من مرة أن تطبخ له إلا أنها كانت دائما تعتذر له بسبب عدم معرفتها، وكثيرا ما كانت تردد عليه بأنها لم تتعلم الطبخ في بيت أهلها، ففكر بالانفصال وقد صارحها بذلك إلا أنها فكرت بفكرة ذكية لعلاج مشكلتها وهي أن تبحث بإنستجرام لعلها تجد حلا لمشكلتها، فتعرفت على حساب تديره امرأة كبيرة بالسن قد تجاوز عمرها السبعين عاما، تقدم فيه وجبة يومية مع بيان طريقة تحضيرها من خلال الكلام المكتوب ومقاطع الفيديو، فصارت كل يوم تتفنن في تقديم الوجبات والسلطات لزوجها حتي تغيرت نظرته لها واستقرت حياتهما بعد تجاوز هذه المشكلة.
كما أن (الإنستجرام) ساهم في استخراج مواهب الناس الخفيةلعل بعض القراء الآن يتفاعل مع شخصية هذا الزوج ويقول عنه إنه (بطيني أوأناني)، ولكن ما يهمني هو أن نركز علي طريقة حل المشكلة ونستفيد منها لا على موقف الزوج سواء كان خطأ أم صوابا، فالناس أنواع وأشكال ولا نستطيع دائما أن نغير الناس ولكن الذكي من يتصرف مع الناس بذكاء، والمهم هو كيف عالجت الزوجة المشكلة بمهارة وذكاء، والأهم توظيف خدمة الشبكات الاجتماعية في تحقيق سعادة الإنسان واستقرار أسرته، وقد اتصل هذا الزوج بالمرأة المسنة صاحبة حساب الإنستغرام يشكرها على ما تقوم به من عمل جليل، ويخبرها أن عملها هذا كان سببا في استقرار أسرته وزيادة المحبة الزوجية، وكما قيل (أقرب الطرق للوصول إلى قلب الرجل .. معدته)
(فإنستجرام) اليوم صار مؤثرا ومغيرا للكثير من الأفكار والإتجاهات، وقد لمست ذلك من خلال أكثر من شخص متابع لحسابي الشخصي، يخبرني عن التغيير الذي حصل له شخصيا أو التغيير الذي حصل لأسرته، ولعل من غرائب القصص التي مرت علي أن فتاة عمرها 15 سنة تقرأ ما أكتبه كل يوم على والديها، وقد قالت لي إن علاقة والديها تحسنت كثيرا وتغيرت للأفضل.
كما أن (إنستوجرام) صار اليوم أداة للحكم على شخصية الأفراد، فكم من خاطب تعرف على مخطوبته من خلال حسابها، وكم من مخطوبة درست شخصية الخاطب من حسابه، كما أن (إنستجرام) ساهم في استخراج مواهب الناس الخفية، وصار كل صاحب موهبة أو اهتمام يجد له صحبة بنفس اهتمام وموهبتة يأنس بالحوار معهم.
و(إنستوجرام) كذلك دعم وبشكل قوي أصحاب الأفكار والمشاريع الصغيرة، فكم من فكرة كانت مدفونة في نفس صاحبها فلما أطلقها على الإنستوجرام انطلقت وكبرت وتحولت لمشروع تجاري أو خيري أو اجتماعي، ومنذ يومين كنت أتحدث مع ابني عن شركة أعرفها جيدة في تنظيف السيارات وغسلها، فقال لي: وأنا أعرف شركة أخرى تنظف بطريقة مبدعة وتقنية عالية ولا تحتاج أن تذهب إليها بل هي تأتيك إلى منزلك وتنظف سيارتك، فاستغربت من كلامه ثم سألته: وكيف عرفتها؟ قال (بإنستجرام) ثم عرض علي صور تنظيفها للسيارات فأعجبتني واقتنعت بعملها.
فخدمات (الإنستوجرام) متنوعة وقد استثمرت خبرتي (بإنستجرام) بحل الكثير من المشاكل الاجتماعية والتربوية التي تأتيني في مكتبي، فقد جاءتني امرأة طلقت من زوجها ظلما وعدوانا بعدما أخرجها من عملها وتركها من غير دخل، وعلمت من حواري معها أنها متميزة بالطبخ فاقترحت عليها فتح حساب (بإنستجرام)، تضع في صور الأكلات التي تعملها، فلما اقتنعت بكلامي فتحت لها حسابا وهي بمكتبي، وانطلقت متفاعلة معه ثم أخبرتني بعد ثلاثة أشهر أن دخلها الشهري صار أعلى من الراتب الذي كانت تتقاضاه، وامرأة أخرى لديها أطفال وهي تعاني من قلة الدخل فاقترحت عليها أن تفتح حسابا وتبدأ تروج لمنتجاتها التي تعملها بيدها بالبيت، وانطلقت بعده انطلاقا كبيرا، قصة (لولا إنستجرام لطلقت زوجتي) حتى صار ابنها يساعدها بمشروعها التجاري وبدأت تنفق على تعليم ابنها من هذا المشروع وقالت (لولا الله وإنستجرام لأكلنا الحرام)، فابتسمت لكلامها وتذكرت.
لولا «إنستجرام» لطلقت زوجتي
- التفاصيل