لها أون لاين
من الظواهر الاجتماعية التي تصاب بها جميع المجتمعات بغض النظر عن الدين أو العرق أو اللون هي ما يسمى بالفجوة بين الأجيال، وهي نتيجة طبيعة لتطور الحياة والتغيرات التي تطرأ على المجتمعات، فينشأ عنها اختلاف في الفكر والثقافة بين جيل الأبناء وجيل الآباء، الأمر الذي يؤدي إلى تباين في الاهتمامات والثقافة والسلوك والتفكير. وتتزايد هذه الفجوة في وقتنا الحاضر أضعاف ما كانت عليه في العقود الماضية؛ نتيجة للتطورات المسرعة، والتقنية المذهلة التي تشهدها المجتمعات، والسرعة المتزايدة في عمليات التغيير الاجتماعي.
تحرص المجتمعات الناهضة دائما على تقليل هذه الفجوة، من خلال رصد أهم القضايا التي تشغل تفكير واهتمام جيل الشباب، وتعمل على تثقيف الآباء والنخب الثقافية وقادة الرأي بهذه القضايا، وعقد حوارات ونقاشات دائمة حولها بين الأجيال المختلفة،  حتى لا يتعرض المجتمع لهزات اجتماعية كبيرة وانفصام بين الماضي والحديث يهدد تماسكه وبنيانه. لكن للأسف الشديد فإن نخبتنا وعلمائنا وقادة الرأي في مجتمعاتنا لا تعير اهتماما كبير بقضايا الشباب، ولا تهتم بالبحث عن مشاكلهم، بل هناك حالة من التجاهل التام لقضايا الشباب.
تتضح حالة التجاهل هذه فيما يطرح في صحافتنا من قضايا أو وسائل الإعلام، أو الدراسات التي تخرجها المراكز البحثية وفي غياب الحوار والتجهيل المستمر والانتقاص الدائم لكل سلوكيات الشباب، مما أوجد الكثير من الأزمات داخل المجتمع، وتزايدت حالات التفكك الأسري، وغابت المبادئ والقيم عن الأجيال الجديدة، وزادت مظاهر الانحلال الأخلاقي والجنسي، والفراغ الروحي وضعف الإيمان.

يجب على علمائنا ومثقفينا ونخبتنا وقادة الرأي في المجتمع أن يقيموا جسورا من التواصل مع الشباب، وأن يتعرفوا على اهتماماتهم وقضاياهم، ويظهروا لهم الود والألفة، ويحترموا آرائهم، وأن يستوعبوهم ويشركوهم معهم في أعمالهم، و أن يزرعوا فيهم تحمل المسؤولية ويدربوهم على تحمل الأعباء، فهذا وحده السبيل لبناء مستقبل مشرق لأمتنا، ولكي نجنبها الكثير من الأزمات والمحن.

JoomShaper