لميس نبيل طمليه
ربما لا يعلم الآباء والأمهات الذين ينتظرون المولود الأول ما الذي ينتظرهم وكيف يمكن أن تتغير حياتهم. فهذا الكائن الصغير الذي يبدو ضعيفا محتاج إليك في كل شيء، ما إن تراه ستعرف أن الواقع هو عكس ذلك تماما؛ فهو الأهم والأقوى فعلا، وأنت من يحتاج إليه أكثر بكثير من حاجته إليك. فهو الذي قلب حياتك بأكملها وغمر قلبك بمحبة لم تتخيل يوما أن قلبك يمكن أن يتسع لها، جعلك تحب أمورا قد لم تكن تحبها من قبل مثل الألعاب والأغاني الطفولية، وتكره أمورا قد كنت تحبها كالخروج والسهر مع الأصدقاء.
هناك أمور لن تفهمها إلا بعد أن يصل ابنك لحضنك، منها:
- ستقضون الأشهر الأولى بعد ولادة الطفل بإرهاق دائم: إن الطفل حديث الولادة لا ينام في ساعات الليل خلال الأشهر الأولى من ولادته، غالبا يستيقظ الطفل الصغير كل ثلاث ساعات، لذا ينصح بأن ينام الأب والأم عندما ينام الطفل لينعما بساعات نوم أكبر. وحتى عندما ينام الأهل مع نوم الطفل، فغالبا ما لا يكون هذا النوم صحيا ومريحا؛ فينامون وكأنهم ليسوا نياما لأن نومهم يكون مصحوبا بالقلق على الطفل والاستيقاظ بين حين وآخر للاطمئنان عليه وإيجاد صعوبة في العودة إلى الخلود للنوم من جديد.
وحتى بعد أن يكبر الطفل يظل الوالدان غير متمتعين بالنوم الصحي أحيانا لقلق الأهل الدائم عليهم.
- ملابسك ومقتنياتك تتغير: تحمل الأم حقيبة كبيرة أو تلك الحقيبة الخاصة بأغراض الأطفال لتضع فيها الحفاظات والغيارات ومحارم الورق المبلل وبعض الألعاب. وبدلا من أن تنسق الأم بين الحذاء والملابس والحقيبة الأنيقة كما كانت تفعل من قبل، فهي تصبح الآن مختصة بالتنسيق بين حقيبة مقتنيات الأطفال وعربة الأطفال. وغالبا تستغني الأم عن لبس الأحذية ذات الكعب العالي أو صعبة اللبس والخلع. أما الأب فيميل إلى لبس الملابس المريحة وخصوصا عند خروجه مع زوجته وطفله، كما تكون الملابس بعد ولادة الطفل أكثر رسمية لأن الرجل يشعر حينها بأنه كبر أكثر الآن وعليه أن يكون أكثر نضجا؛ فهو أب الآن. كما يميل الأبوان للبس ملابس فاتحة اللون ومقاومة للبقع حتى لا يلطخها لعاب الطفل عند حمله.
- الأطفال باهظو الثمن: عندما يولد الطفل يصبح أغلى ما يملكه الأبوان، كما أنه سيكلفهما الكثير من المال لشراء حليب الأطفال وطعامهم الخاص والألعاب والعربات والملابس التي سرعان ما تحتاج لتبديل بسبب التغير السريع في نمو الطفل وكذلك كثرة استهلاكه وتلطيخه لها، كما يحتاج الطفل لميزانية خاصة لزيارات الطبيب. وعندما يكبر الطفل قليلا يجبرك على شراء كل ما تقع عليه عيناه من السوبرماركت يأكل منه قضمة واحدة، ثم يرميه ويغير رأيه فيه. وعندما يدخل إلى المدرسة تبدأ المصاريف بالزيادة شيئا فشيئا، من قسط المدرسة إلى الملابس إلى متطلبات الأنشطة.
- تغييرات في ديكور المنزل: تتغير ديكورات المنزل لتبعد جميع التحف الزجاجية والثقيلة، وقد تغير الطاولة ذات الحواف الحادة إلى أخرى دائرية حتى لا تؤذي الطفل وهو يحبو أو يمشي ويعبث بكل ما يجده أمامه. كما أنك تصبح "موسوسا" للنظافة والتعقيم، لتعقم كل مكان في المنزل لئلا يصاب طفلك بالمرض. إلا أن الوالدين غالبا ما يهملان ترتيب المنزل والاهتمام بديكوراته، لتجد الفوضى منتشرة في كل مكان، فهنا رضاعة وهناك لعبة.
- مغادرة المنزل لم تعد بهذه البساطة: أتذكر أنك كنت تجهز نفسك للخروج بـ10 دقائق؟ وأنك كنت تخرج فورا بدون الحاجة لإذن من أحد؟ ودع هذه الأيام الآن... لأن على الوالدين قبل أن يقررا الخروج من المنزل أن يجهزا الطفل وملابسه الإضافية وغياراته وألعابه وطعامه ورضاعاته المعقمة، كل ذلك يحتاج للكثير من الوقت طبعا. وإن أرادا أن يخرجا بدون أن يأخذاه معهما، فعليهما تحضير كل هذه الأمور قبل الخروج، بالإضافة إلى إقناعه بالابتعاد عنهما لفترة من الوقت؛ فغالبا ما يتشبث الأطفال بآبائهم، ويستمروا في البكاء رافضين الانفصال عنهم. لذا عليك أن تحيك الكثير من الحيل وتشتري الكثير من الهدايا وتحتاج لبعض المساعدة ممن حولك لإجلاس الطفل في غيابك.
- ليست هناك قواعد ثابتة وطريقة واحدة للتعامل مع الأطفال: مهما حاولت أن تقرأ كتبا خاصة بتربية الأطفال وتسأل من حولك، إلا أن كل طفل يختلف عن الآخر ولكل معاملة خاصة تتناسب مع عمره وطباعه وجسمه وميوله.
- علاقاتك الاجتماعية: يقل خروجك من النزل،
وعندما تخرج غالبا ما تتوجه إلى الحدائق وأماكن لعب الأطفال وزيارة أصدقائك وأقربائك ممن لديهم أطفال في عمر أطفالك. وحتى لو حاولت الخروج إلى أماكن أخرى فغالبا ما يكون لب حديثك عن الأطفال واهتماماتهم وماذا فعل طفلك وكم سعدت به أمس عندما لفظ كلمة "ماما" لأول مرة وهكذا. كما أنك تبدأ بإهمال هاتفك الخلوي. وعندما يأتي الناس لزيارتك قد تقدم لهم الحليب بدلا من القهوة بحجة أنه مشروب صحي وتقدم لهم الشوكولاته الخاصة بالأطفال بدلا من الشوكولاته الخاصة بالكبار.
- اعلم أن الناس سيبدأون حالا بالتنظير: سيبدأ الناس بإسداء النصائح لك، من أقارب وأصدقاء وجيران وحتى هؤلاء الذين قد تلتقي بهم لمرة واحدة في حياتك في السوبرماركت، وحتى أولئك الذين ليس لديهم أطفال. تعلم كيف تستمع إلى نصائحهم من باب المجاملة ولكن لا تأخذ أي نصيحة إلا ممن هو أهل لها، ولا تجعل من نفسك وطفلك حقل تجارب.
- تخل عن عادة القرف: عليك أن تتعامل مع حفاظة الطفل، كما أنك قد تضطر لفعل ذلك في المول، كما عليك تنظيف أنف الطفل وغسل ملابسه الممتلئة ببقايا الطعام، كما قد تأكل ما تبقى في صحنه بعد أن شبع لئلا تضطر لرميه.
- تتغير أولوياتك فيصبح هذا الطفل هو كل شيء في حياتك، تهتم به هو أولا وأخيرا، فقد تشعر بالجوع لإطعامه وبالبرد لمده بالدفء، تفكر به وتنسى نفسك دائما. حتى برامجك التي تتابعها على شاشة التلفاز قد تتغير لتتحول الشاشة إلى القنوات الخاصة بالأطفال.
- ولا ننسى التغيرات التي تطرأ على الوالدين وعلى الأم بالذات عندما تصبح أما. فتزيد لديها الحاسة السادسة، ويكبر حجم دماغها وتزيد نسبة التركيز لديها، وتتطور لغة جسدها وقدرتها على فك رموز هذه اللغة عند طفلها الرضيع الذي لا يقوى على الكلام والتعبير عن مشاعره بعد. كما تزداد حساسيتها حتى لأبسط الأمور لتدمع بسرعة لترمي عن كتفيها الهموم والآلام التي تحملتها. وفور الولادة يزداد تركيز هرمون البروجسترون الذي من شأنه أن يحسن حالتها المزاجية وهرمون الأوكسيتوسين الذي يقوي علاقتها برضيعها.
ميس نبيل طمليه
كاتبة ومترجمة
المولود الجديد يغير أبجديات حياة الوالدين
- التفاصيل