إبراهيم الإدلبي-ريف إدلب

في ظل حرمان ملايين الأطفال السوريين من حقهم في التعليم نتيجة المعارك العنيفة التي تدور رحاها في البلاد، قامت مجموعات من الناشطين الشباب في ريف إدلب شمال سوريا بمبادرات لإنشاء مدارس ورياض للأطفال بالتعاون مع بعض المؤسسات المعنية.

ووفق آخر إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف)، فإن نحو 5.5 ملايين طفل سوري تأثروا بالصراع الدائر في البلاد، ويعيش أكثر من مليون منهم تحت الحصار، كما أن أكثر من ثلاثة ملايين داخل سوريا وخارجها حُرموا من التعليم والذهاب إلى المدرسة.

وتضيف الإحصائية الأممية أن عدد المدارس المدمرة والمتضررة في البلاد منذ بدء الثورة ارتفع إلى نحو 2960 مدرسة، فضلا عن مقتل العشرات من العاملين في القطاع التعليمي.

ويسعى الناشطون من تجمع "شباب سوريا" في ريف إدلب عبر الاستمرار في العملية التعليمية إلى حماية الأطفال من خطر الأمية والانحراف، وذلك بإنشاء روضات ومدارس بالتعاون مع بعض المؤسسات الداعمة في هذا المجال.

حماية من الأمية

مدرسة في بلدة كنصفرة للصفوف الإعدادية (الجزيرة نت) وفي بلدة كنصفرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 15 ألف نسمة، استثمر "التجمع" جهود متطوعين من طلاب جامعيين -تركوا الدراسة نتيجة للحرب- في تقديم دورات مجانية للطلاب في المرحلة الإعدادية والثانوية ضمن برنامج خاص، انتقلوا بعده لإنشاء رياض للأطفال.

ويرى مدير روضة "برعم الأمل" في البلدة فراس الخليل أن وظيفتهم الأساسية هي تعليم الأطفال على التأقلم على أصوات القصف دون خوف واضطراب.

ويضيف الخليل متحدثا للجزيرة نت عن مشروع الروضة "كنا في بداية الأمر نعمل بشكل تطوعي دون دخل مادي، ولكن بعد أن تبنى عملنا بعض المؤسسات التي يهمها أمر التعليم في سوريا، تطوّر عملنا كثيرا وأصبح الأستاذ يتقاضى راتبا شهريا".

وقال إن "تسجيل الأطفال لم يتغير، وهو ما يزال مجانيا في الروضة، ففي هذا العام سجلنا فيها 175 طفلا وطفلة، ولم نعد نستطيع استيعاب عدد أكبر".

بدوره يؤكد مشرف مدرسة كنصفرة مدين البكري أن تعرّض البلدة للقصف المستمر أدى إلى نزوح الأهالي إلى المزارع المحيطة بها، مما دعا إلى ضرورة وجود مدارس تلبي حاجة النازحين الذين حرموا من الدراسة ثلاث سنوات.

رواتب رمزية

ويضيف البكري للجزيرة نت "بعد تواصلي مع إحدى مؤسسات التعليم ووضعهم بالصورة، تمكنا من إنشاء مدرسة مكونة من أربعة صفوف واستطعنا استقبال 240 طالبا، علما بأن البلدة كان فيها أربع مدارس وهي غير صالحة حاليا لاستقبال الطلاب لأنها شبه مدمرة".

من جانبه يؤكد المدرس راسم حاج إبراهيم أنهم في بداية عملهم التطوعي في التدريس كانوا يدرسون داخل الكهوف، خصوصا في الفترات التي اشتد فيها القصف الجوي على المنطقة.

ويتحدث إبراهيم عن أسباب فصله عن التدريس عندما كان يعمل في مدارس الحكومة السورية قائلا "فُصلت من التدريس لأنني شاركت في الاحتجاجات السلمية، وعملت فترة طويلة كمدرس متطوع".

ويضيف "أما اليوم فأصبحنا نتقاضى راتبا رمزيا على عملنا لا يتجاوز ثمانين دولارا، ونطالب الحكومة والائتلاف بتبني هذه المدارس لأنني على يقين بأن المؤسسات الداعمة لن تستطيع الاستمرار في دعم الطلاب".

ورغم المعاناة التي يواجهها الأطفال فإنهم يظهرون إرادة قوية وقدرة على مواصلة التعلم على أمل العودة إلى مدارسهم.

المصدر : الجزيرة

JoomShaper