أبواب - رزان المجالي
يستعد الأهل في هذه الفترة لاستقبال العام الدراسي الجديد، ويواجه بعضهم مشكلة ذهاب أطفالهم للمدرسة فمنهم من يذهب إليها للمرة الأولى، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته، حيث تتسم بمراسم خاصة، إذ يستيقظ الطفل في الصباح الباكر ليخرج من بيته مفارقاً أمه وألعابه وإخوته، ليلتقي بوجوه جديدة غير مألوفة من معلمين وزملاء ومكان جديد بأنظمته وتعليماته المقيدة للحرية أحياناً.
خوف الطفل من ترك الأهل أم من المدرسة؟
حضن دافئ اعتاده هذا التلميذ الصغير.. رعاية واحتضان وحب رافقته لاربع سنوات أو أكثر إلى أن جاء موعد الاستقلال والاعتماد على النفس بدخول المدرسة . إنها تجربة جديدة يخوضها الطفل وحده بعد أن اعتاد أن تكون أمه إلى جانبه وقريبة منه. تجربة جديدة قد تعني الخوف والقلق من المجهول الجديد، وليس ذلك بالأمر السهل على أطفال صغار، وكذلك على الأمهات والآباء الذين يعتريهم القلق خوفاً عليهم، فيزداد خوفهم إذا شعروا أن طفلهم يرفض الذهاب إلى المدرسة.
تقول سهى العلاف أم لطفل في الصف الرابع أنها تعيش لحظات قلق قبل بدء العام الدراسي، حيث تعاني مع طفلها من رفضه للمدرسة لمدة تقارب الاسبوع من كل عام، حيث تتصف هذه الفترة
بالبكاء والنكد والقلق. وعلى الرغم من انها تحرص على اصطحاب ابنها للمدرسة إلى ان الخوف يكون سيد الموقف في الايام الأولى.
وتروي» وفاء السعيد» معاناتها الطويلة مع ابنتها التي توقفت عن الدراسة بشكلٍ كامل بسبب تعرضها للسخرية من زميلاتها حيث دفعتها قلة الثقة لترك المدرسة لفترة طويلة .
وعن مشكلة الخوف تحدثنا المستشارة التربوية «سعاد مرصع» حيث تقول:» ان مشكلة الخوف من الذهاب للمدرسة تبدأ عادة مع الأطفال الصغار دون مقدمات؛ فيفاجأ الأهل في الصباح، أن الطفل يرفض الذهاب إلى المدرسة، ويشكو من آلام في البطن ويبكي وقد يحاول التقيؤ ويُلقي بنفسه على الأرض متلوياً من الألم الذي يدّعيه.
وهذه المشكلة تجعل الأهل يقعون في حيرة، فكثير من الأحيان يرضخ الأهل لمطلب الطفل ويتركونه يبقى في المنزل، وبعد أن يسمحوا له في البقاء في البيت، تذهب جميع الأعراض الجسدية التي كان يشكو منها الطفل.
وذات المشكلة تجعل الطفل يتمادى في هذا الأمر، ويُكرّر ما فعله في اليوم التالي مما يجعل الأهل يقعون في حيرةٍ في كيفية التعامل مع الطفل الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة ويشعرون بأنهم في ورطة من عدم قدرة ابنهم على الذهاب إلى المدرسة مرةً آخرى.
وتضيف إن صعوبة هذه المشكلة قد تُصبح مزمنة ويتوقف الطفل أو الطفلة عن المدرسة بشكل نهائي، أو يُصبح تغيّبه مستمراً عن المدرسة بسبب قلة حيلة الأهل في التغلّب على هذه المشكلة، وفي كثير من الأحيان، خاصةً عند الأطفال الصغار يأتي الوالد أو الوالدة مع الطفل أوالطفلة إلى المدرسة تشجيعاً له على البقاء في المدرسة، وهذا قد يستمر لفترةٍ طويلة تصل إلى شهر أو أكثر!. وهذا يؤثر على حياة الأسرة، فالأب يضطر للتغيّب عن عمله والوالدة قد يكون لديها أطفال آخرون بحاجة لرعايتها وكذلك واجباتها المنزلية.
نصائح للأهل
إن من أهم الخطوات لعلاج ذلك هو أن لا يخضع الأهل لابتزاز الطفل، فإذا رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة يجب على والده أو والدته إجبار الطفل على الذهاب إلى المدرسة حتى لو كان يبكي ويرمي بنفسه على الأرض أو يشكو من آلام في بطنه أو صداع أو أي ألم عضوي، فيجب أخذه إلى المدرسة وعدم السماح له بالغياب عن المدرسة. لأن عدم ذهابه سوف يخلق المشكلة الصعبة في عودته مرةً آخرى للدراسة. أما إذا صرح الطفل عن سبب معين في رفضه الذهاب إلى المدرسة، عندئذ يجب على الوالد أن يناقش هذا الأمر مع المدرسة ويقوم بالتعاون مع إدارة المدرسة والمعلمين بحل مشكلة الطالب الذي يرفض الذهاب إلى المدرسة بسبب هذه المشكلة.
أما إذا كان الطفل يعاني من اضطراب قلق شديد أو رُهاب شديد وربما في هذه الحالة يستدعي علاج المشكلة النفسية التي تمنع الطفل من الذهاب إلى المدرسة، وقد يحتاج الطفل لرؤية أشخاص متخصصين في العلاج النفسي وربما بحاجة لمراجعة طبيب نفسي متخصص في الطب النفسي للأطفال. إن مشكلة رفض الذهاب إلى المدرسة، ليست مشكلةً سهلة، فبعض الطلبة والطالبات يتوقفون عن الدراسة بشكل كامل ولا يعودون إلى المدرسة مرةً آخرى، ويُصعب حل المشكلة بالنسبة لهؤلاء.
الرهاب من المدرسة وعلاجه
تعددت الاسباب المتعلقة بالرهاب، منها:
- تمثل اصابة الطلاب بانواع صعوبات التعلم سببا دافعا لهم لرفض المدرسة وإذا لم يتدارك الأهل هذا النوع من المشكلات، فإن الأمور تسوء ويصبح التلميذ عرضة لأن يزداد خوفه المرتبط بالمادة المدرسية ويظهر الاضطراب لديه. فالمصاب بالديسليكسيا أو ما تسمى بعسر القراءة يخشى القراءة والمصاب بديسكالكوليا أو صعوبات الرياضيات يقلق من مسابقة الرياضيات وبالتالي يواجه الخوف من الفشل المدرسي، الذي بدوره يقوده إلى الفوبيا المدرسية.
- يخطئ بعض الاهل بالضغط على ابنائهم بضرورة احراز علامات كاملة وتقديرات ممتازة وهذا يعرّض التلميذ لأن يصبح ضحية الفوبيا المدرسية بسبب الخوف الشديد من عدم تحقيق توقّعات أهله.
- هناك سبب مهم جداً على إدارة المدرسة التنبه له، ففي بعض المدارس يستقبل التلامذة في الأيام الأولى أساتذة يتكلّمون إليه لغة أجنبية مما يثير الخوف عند بعض التلامذة الذين لا يتكلمون اللغة الأجنبية في بيوتهم، وبالتالي يشعرون بأنهم لا ينتمون إلى هذا المجتمع الجديد. لذا ينصح بأن يخاطب الاساتذة والمعلمات التلاميذ بلغتهم الأم ليشعروا بالراحة والانتماء.
إن علاج الخوف المدرسي يقوم على ثلاثة أعمدة: الأهل والمدرسة والاختصاصي. فدور الأهل يقوم على الحوار معه ودعمه معنوياً والتحقق من أسلوب التعامل معه في المدرسة، أما دور المدرسة يكون بتبديد مخاوف الطلبة وخاصة الجدد منهم ، والتعاون مع أولياء الطلبة الذين يُعانون من مشكلة رفض الذهاب إلى المدرسة،، فيما الاختصاصي يكشف الأسباب ويحدّدها ويرسم الخطوات التي على الأهل والمدرسة اتباعها. وبعد إجراء تقويم لسلوك التلميذ ولمحيطه ولسنّه، ومشاكله الجسدية، أي التأكد من أنه لايعاني مرضاً عضوياً يسبّب له آلام الرأس أو المعدة، وحالته النفسية وحماسته للمدرسة وحجم غيابه، إضافة الى الاطلاع على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للطفل وعندها يحدّد العلاج الملائم لحالته.