د. عادل غنيم
نجاحك في الحياة مرهون بقدرتك على الاتصال الفعال، إذ أثبتت الدراسات أن 85% من النجاح يُعزى إلى مهارات الاتصال، و15% منه فقط تعزى إلى إتقان مهارات العمل.
فهي من أهم مهارات الحياة التي نستخدمها في جميع تعاملاتنا مع الآخرين في البيت وخارجه سواء في المدرسة أم الجامعة أم العمل، وصار امتلاك مهارات الاتصال أحد المتطلبات للنمو الشخصي والمؤسسي.
وديننا يعزز هذه الأهمية للاتصال فهو يربط بين سداد القول وصلاح الأعمال، كما في قول الله تعالى: «يا أيُها الذِين آمنُوا اتقُوا الله وقُولُوا قولا سدِيدا يُصلِح لكُم أعمالكُم ويغفِر لكُم ذُنُوبكُم» (سورة الأحزاب: 70-71). ويؤكد كلام النبوة على خطورة اللسان بقوله- صلى الله عليه وسلم-: «إِذا أصبح ابنُ آدم، فإِن الأعضاء كُلها تُكفِرُ اللِسان (أي تخضع له) فتقُولُ: اتقِ الله فِينا، فإِنما نحنُ بِك، فإِنِ استقمت استقمنا، وإِنِ اعوججت اعوججنا» [أخرجه

الترمذي].
ومن خلال عملية الاتصال نتمكن من نقل الأفكار أو المعاني أو المعلومات أو الرسائل الكتابية أو الشفوية مصاحبة بتعبيرات الوجه ولغة الجسم عبر وسيلة اتصال، تنقل هذه الأفكار إلى شخص آخر وبدوره يقوم بالرد على هذه الرسالة حسب فهمه لها.
وقد دعانا القرآن أن نمارس هذه المهارة بأفضل أسلوب ممكن فقال تعالى: «وقُل لِعِبادِي يقُولُوا التِي هِي أحسنُ إِن الشيطان ينزغُ بينهُم» (53) سورة الإسراء.
وهناك نموذج اتفق عليه خبراء التواصل، سموه 7Cs للتواصل (The 7 Cs of communication)، وهو عبارة عن 7 كلمات تجمع أهم معايير الاتصال الفعال وهي:
(1) الاكتمال Completeness: احرص أن يكون الاتصال مكتملا، بحيث يغطي كافة الجوانب التي تريد إرسالها، فوجود نقص في المعلومات تجعل الاتصال غير فعال، وبالتالي لن يحقق الاتصال هدفه نتيجة نقص في الرسالة أو كتمان المعلومات.
(2) الإيجاز: Conciseness أوجز حديثك دون تطويل أو إسهاب، حتى لا يشوش المتلقي، وتجذبه بشكل أكبر، ولا تشعره بالملل أو الضجر ولا يحصل تشتت في الأفكار لديه. وحتى تتيح له فرصة للمشاركة في الحوار.
(3) الوضوح: Clarity، حدد أهدافك بوضوح من الاتصال، وتجنب الغموض حول أهدافك وغاياتك التي تسعى إليها، ولا تستخدم عبارات فضفاضة، أو كلمات أجنبية لا يدركها من تتحدث إليه
(4) التودد: Courtesy عند التواصل مع الآخرين تحل بالابتسامة وطلاقة الوجه لأنها تشعر الآخرين باهتمامك بهم وبسعادتك للتواصل معهم. وتبعث في أنفسهم الطمأنينة والراحة، واحرص ان تجعل هذه الابتسامة طبيعية وعززها دوما بلطفك، وهدوء الصوت، استخدم عبارات المجاملة وكن لبقا في اختيار الألفاظ والكلمات وابتعد عن الألفاظ والكلمات الفظة.
(5) صحة اللغة Correctness: التزم صحة العبارة، وتجنب أخطاء اللغة أو أخطاء النطق، فهذا يعيق الفهم، ويكشف عن ضعف المتصل.
(6) الواقعية المدعومة بالأدلة: Concreteness عزز كلامك بالحقائق والأرقام والإحصائيات والأدلة، ومن الضروري أن يكون اتصالك واقعيا وبعيدا عن الخيال أو الدعاوى التي لا تدعمها حجة.
(7) اعتبار حال المخاطب: Consideration يجب أن تأخذ ظروف الشخص المستقبل ومستوى ثقافته بعين الاعتبار أو كما يقال في ثقافتنا العربية (مراعاة الكلام لمقتضى الحال).
وتستطيع من خلال اطلاعك على أحاديث النبوة أن تجد شواهد قيمة على ممارسات الاتصال الفعال.
ومن هذه المواقف الاتصالية ما يرويه الصحابي سفيان بن عبدالله الثقفي، إذ قال: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا، لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال: قل: «آمنتُ بالله، فاستقم»، [أخرجه مسلم]، وفي رواية: قُلتُ: يا رسُول اللهِ ما أخوفُ ما تخافُ علي، فأخذ بِلِسانِ نفسِهِ، ثُم قال: «هذا». وهي إشارة لخطورة اللسان إذا أطلق بغير ضوابط.
والحديث من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مستمدة من كتاب الله تعالى «إِن الذِين قالُوا ربُنا اللهُ ثُم استقامُوا فلا خوف عليهِم ولا هُم يحزنُون» (سورة الأحقاف: 13) ففي هذين الأمرين جماع الدِين كله، ولذا بوب النووي عليه بـ: «باب جامع أوصاف الإسلام».
لكى تتخاطب مع الآخرين بطريقة فعالة، يجب أن تدرك أننا جميعا مختلفون في الطريقة التي نفهم بها العالم، ونستخدم هذا الفهم كدليل يرشدنا الى الاتصال بالآخرين.
وأتصور أننا في أشد الحاجة إلى اكتساب مهارات الاتصال وتنميتها سواء كنا قادة أو مربين أو دعاة أو أزواجا أو آباء وأمهات أو بائعا أو مشتريا.. وحيث كانت هناك حاجة للتواصل مع الآخرين.

JoomShaper