عمان-الدستور-خالد سامح
يرى علماء النفس الحديث الغضب على أنه أحساس أولي، وطبيعي، وناضج، مارسه كل البشر في بعض الأوقات وعلى أنه شيء له قيمة وظيفية من أجل البقاء على قيد الحياة. الغضب يمكنه تعبئة الموارد النفسية لاتخاذ أفعال تصحيحية. والغضب غير المتحكم فيه يمكنه أن يؤثر على الصلاح النفسي و الاجتماعي، في حين أن العديد من الفلاسفة والكتاب قد حذروا من نوبات الغضب التلقائية وغير المحكومة، وقد كان هناك خلاف على القيمة الجوهرية للغضب. والتعامل مع الغضب قد تم تناوله في كتابات الفلاسفة الأولى حتى العصور الحديثة. علم النفس الحديث، على النقيض من الكتاب السابقين،قد أشار أيضا إلى الآثار الضارة المحتملة لقمع الغضب. والمبالغة في الغضب يمكن أن تستخدم كاستراتيجية للتلاعب من أجل التأثير على المجتمع.
والغضب هو النمط السلوكي الذي يهدف إلى تحذير المعتدين لوقف سلوكهم التهديدي. نادرا ما تحدث المشاجرة البدنية بدون التعبير المسبق عن الغضب على الأقل من واحد من المشاركين،في حين أن معظم الذين أختبروا أحساس الغضب قد فسروا أستثارتهم على أنها « نتيجة ما حدث لهم «. علماء النفس يشيرون إلى أن الشخص الغاضب يمكن أن يكون مخطئا جدا حيث أن الغضب يتسبب في فقدان القدرة على مراقبة وضبط النفس والقدرة على الملاحظة الموضوعية.
الغضب والتطورات القاسية
استاذ علم الاجتماع الدكتور سري ناصر قال في تصريح للدستور ان حالات العنف والتعبير عن الغضب بصورة مدمرة في المجتمع الاردني باتت ظاهرة تتعاظم باستمرار، وذلك لعدة أسباب أهمها أن مجتمعنا يشهد تغيرات قاسية فالفقر يزداد والبطالة تتفشى والأسعار ترتفع بصورة كبيرة، كما أن أجواء العنف والارهاب والحروب المحيطة بنا تدفع الناس للتحرر بصورة غريزية وغير عقلانية من كل القيود واللجوء الى العنف للتعبير عن غضبهم والتنفيس عن مكنوناتهم وضغوطاتهم الداخيلة.
وحذر د. ناصر من تلك الظواهر وقال إن ابعادها خطيرة للغاية، وتابع « للأسف الشديد أصبح لدينا جيل كامل لايؤمن بالقانون ولا بالقيم الايجابية المتوارثة بل يحاول أن يحصل حقه بيده ويعادي الآخرين ويعتبرهم دوما منافسين له ولايريدون له الخير، انها أزمة نفسية اجتماعية أخلاقية خطيرة».
أزمة نفسية واجتماعية
ةتعددت آراء الأشخاض الذين التقتهم «الدستور» في تلك القضية فبعضهم رأى انها تعبر عن أزمات المجتمع من فقر وبطالة وآخرون يؤكدون على أنها مرتبطة بأزمات ومشاكل نفسية وعائلية خاصة ببعض الأشخاص،وغيرها من التفسيرات.
يقول ابراهيم المجالي « الشخص سريع الغضب ولأي سبب لابد أن مزاجه يكون غير رائق على الاطلاق يومها،ربما بسبب نقاش حاد مع صديقه أو زوجته أو ربما متأثر بتصرف سلبي لأحد معارفه،ما يدفعه لهذا الغضب المدمر»، كما يرى حمزة ملكاوي أن الشخص الذي يغضب لحد العنف وارتكاب أفعال تدميرية لابد أن لديه مشكلة نفسية ما، أما صابر الطراونة فلديه رأي مختلف حيث يرى أن المسأله تعكس تربيته وثقافته وذوقه ويشير الى أن من يقوم بذلك الفعل هو شخص مستهتر بكل القيم الانسانية.
ويعيد يزن درادشة الأمر الى الضغوط النفسية التي يواجهها أفراد المجتمع والفقر الشديد والبطالة وغيرها من العوامل النفسية-الاجتماعية المحيطة، كما تؤكد ياسمين سامح أن من يقوم بتلك الأفعال أشخاص غير ناضجين على الاطلاق.
ويشير رأفت حسن الى أن فئات اجتماعية معينة هي الأكثر غضبا من غيرها وذلك لطبيعة عملها المتعبة وكثرة الضغوط والمهمات الملقاة على عاتقها، وتضم تلك الفئة برأيه الحرفيين وسائقي الحافلات وسيارات الأجرة وموظفي الدوائر الحكومية الذين يتعاملون مع آلاف المراجعين يوميا، لكنه يشدد على ضرورة ضبط النفس وتجنب هذا الغضب السريع الذي يرى أنه بعيد كل البعد عن تعاليم الدين وقيمنا الأردنية المتوارثة.
وتنوه سائده يعقوب بضرورة ان تقود النخب المجتمعية ورجال الدين حملة توعوية لتحذير الناس من تداعيات هذا الغضب غيرالمبرر،وتشير الى أن المشكلة عائدة الى الضغوط المالية والالتزامات التي باتت تثقل كاهل المواطن من توفير متطلبات البيت والأولاد وتوفير الحياة الكريمة لهم وتدريسهم في الجامعة، كذلك شعور البعض بغياب العدالة الاجتماعية وعدم تكافؤ الفرص، مؤكدةً أن المجتمع الأردني تتنامى فيه ظاهرة العنف بصورة مطردة منذ خمس سنوات تقريبا مستعرضةً حوادث العنف في الجامعات والمدارس والشوراع ومجمعات الحافلات العامة.