تشير دراسة جديدة من جمعية "بلو كروس بلو شيلد" إلى أن جيل الألفية قد يعاني من مشاكل صحية مع التقدم في السن.
وفي تقريرها الذي نشره موقع "هيلث لاين"، قالت الكاتبة كاثي كاساتا إنه على الرغم من أن جيل الألفية يتمتع بتخصيص الحكومات لاستثمارات أكبر في مجال الصحة مقارنة بالأجيال السابقة، تفيد النتائج التي توصلت إليها جمعية "بلو كروس بلو شيلد" إلى أن صحة هذا الجيل ستكون متدهورة مع التقدم في السن.
وتعرف الحالات الصحية الآتي ذكرها على أنها أكثر 10 حالات تؤثر سلبا على جيل الألفية:


الاكتئاب الحاد.
اضطراب تعاطي المخدرات.
اضطراب معاقرة الخمر.
ارتفاع ضغط الدم.
فرط النشاط.
الذُّهان.
داء كرون والتهاب القولون التقرحي.
ارتفاع كولسترول الدم.
اضطراب استهلاك التبغ.
داء السكري من النوع الثاني.
وأفادت الكاتبة بأن جيل الألفية يتأثر بالمشاكل الصحية السلوكية أكثر من الجسدية مع ارتفاع حاد في معدلات الاكتئاب الشديد وفرط النشاط.
وأضافت أن أهم ثلاث مشاكل صحية تصيب جيل الألفية تشمل الاكتئاب الحاد واضطراب تعاطي المخدرات ومعاقرة الكحول. وتقول أستاذة علم النفس بجامعة "أديلفي" ديبورا سيراني، وهي مؤلفة كتاب "العيش مع الاكتئاب"، إن ظهور هذه المشاكل بين جيل الألفية لا يعتبر أمرا مفاجئا بالنسبة لها، إذ تعتقد أن ظروف نشأة جيل الألفية التالية هي عوامل مساهمة في هذا الأمر، وهي:
1- التقدم التكنولوجي
يعد جيل الألفية الجيل الأول الذي يكبر دون إيلاء الأهمية إلى الاتصال المباشر، أو إدراك معنى أن يبرع في قراءة تعابير وجه الآخرين، أو الوعي بأهمية العواطف سواء بالنسبة لهم أو لدى الآخرين. وتقول سيراني إن "هذا النقص في الوعي العاطفي أو ما يعرف باللامفرداتية يجعل من الصعب على هذا الجيل فهم أفكاره ومشاعره".
2- طفرة وسائل الإعلام
تؤكد سيراني أن الطفرة الإعلامية على شبكة الإنترنت خلقت دورة أخبار تستمر على مدار 24 ساعة، مما يسمح لأطفال جيل الألفية بالاطلاع على بعض الأخبار المخيفة. كما أضافت "أصبحت قصص الإرهاب والكوارث الطبيعية أو المصائب التي لم تكن موجودة منذ أجيال، متاحة الآن على مدار الساعة".
يضاف إلى ذلك سيطرة مشاعر العجز واليأس والخوف التي ترافق هذه الأحداث على عالم جيل الألفية إما من خلال مشاهدة قصص مماثلة بأنفسهم، وإما من خلال ردود الفعل التي يبديها البالغون في دائرة عائلاتهم والتي تؤثر عليهم بشكل مباشر.
3- عقلية الفوز الدائم
تقول سيراني إنه بدلا من تعلم كيفية الفوز أو الهزيمة، يفضل جيل الألفية البقاء في "منطقة الأمان" أين يحصل الجميع على ما يريد، مما يعيق منحنى التعلم الطبيعي الذي يقتضي التعامل مع الفشل واكتساب المرونة. ونتيجة لذلك، يواجه العديد من جيل الألفية صعوبة في تحمل الأحداث المجهدة، كما يصاب بالإحباط بسهولة ويتجنب الإفراط في المطالب حتى يتفادى الشعور بالإرهاق".
4- العيش داخل أسرة ذات مصدريْ دخل
بينما بدأ عدد أكبر من الآباء والأمهات في العمل من أجل تلبية متطلباتهم المادية، تقول سيراني إن جيل الألفية شهد تغييرا لم تشهده الأجيال السابقة و"إن عدم تخصيص الوقت للأوقات العائلية على غرار التي كانت لدى الأجيال السابقة، بما في ذلك وقت العشاء وأوقات الفراغ في عطلة نهاية الأسبوع، خلق عالما انفراديًا بالنسبة لجيل الألفية وتسبب في حبسهم داخل فقاعة من العزلة".
5- جداول العمل غير المحددة
في حين أن الأفراد الأكبر سنا من جيل الألفية يتمتعون بفرصة العمل في وظائف لا تفرض جداول زمنية محددة ويُسمح لهم بالعمل عن بعد، توضّح سيراني أن الجانب السلبي في هذا الأمر يكمن في العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع وخلال أيام الإجازة. وعلى هذا النحو، لا يملك هذا الجيل وقتا للترفيه عن أنفسهم والتخلص من الضغوط، وهي عوامل تزيد من خطر الإصابة بالأمراض الجسدية والنفسية.
كيف يمكن لجيل الألفية مساعدة أنفسهم؟
يقول الدكتور فينسنت نيلسون نائب رئيس الشؤون الطبية في "بلو كروس بلو شيلد" إن أفضل خطوة يمكن لجيل الألفية اتخاذها من أجل الحفاظ على صحته هي اتخاذ تدابير وقائية حتى يتلقوا التشخيص والعلاج المناسبين قبل أن يتفاقم المشكل ويصبح خارج السيطرة. ومع ذلك، كشف استطلاع قامت به "بلو كروس بلو شيلد" أن ثلث جيل الألفية لا يتلقى رعاية أولية أو وقائية منتظمة. علاوة على ذلك، يزور معظم جيل الألفية الطبيب فقط عند المرض.
حيال هذا الشأن، قال نيلسون "الأمر لا يقتصر على التأثير على حالاتهم الصحية بشكل مباشر فحسب، إنما على صحتهم على المدى الطويل، وذلك من خلال عدم السعي للحصول على الرعاية الوقائية". وشدّد على ضرورة استشارة طبيب الرعاية الصحية الأولية، الذي من شأنه أن يعالج العديد من الحالات المرضية بشكل أكثر فاعلية وبتكلفة مناسبة.
وفي سياق متصل، أشارت سيراني إلى أن أكبر عائق يقف أمام جيل الألفية هو تحمل تكاليف العلاج النفسي، كما شجعت أيضا على ممارسة الرعاية الذاتية التي تعتبر سلوكا مكتسبا ولا تحدث بصفة مفاجئة. وقالت "يجب أن يركز جيل الألفية على دمج مهارات الرعاية الذاتية مثل العقلانية والأكل الجيد والنوم الصحي وممارسة الرياضة ليس على المدى القصير فحسب، وإنما كالتزام طويل المدى".
علاوة على ذلك، توصي سيراني بالتقليل من استخدام الأجهزة التكنولوجية وتقليل ساعات العمل وتقليص زمن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي واستبدالها بالتواصل بشكل مباشر مع الآخرين، إلى جانب أشكال أخرى من الرعاية الذاتية.
وأضاف أفيري أن جيل الألفية يمكن أن يساهم في تقليل من وصمة العار المرتبطة بالأمراض النفسية من خلال إيلاء أهمية لصحتهم النفسية واللجوء للحصول على المساعدة حين لا يشعرون بأنهم في حالة جيدة أو عندما يشعرون بتوتر وإجهاد. وأفاد أفيري بأنه لا يوجد أحد بمنأى عن الأمراض النفسية واضطراب تعاطي المخدرات، وينبغي على هذا الجيل أن يدرك علامات وأعراض هذه الاضطرابات.
وقال نيلسون "خلصت الدراسة التي أجرتها جمعية بلو كروس بلو شيلد حول الاكتئاب إلى أن الحالة يمكن أن تسلب الأشخاص ما يتجاوز التسع سنوات من حياتهم، لذلك من الضروري تخصيص البحوث والموارد المناسبة للتوصل إلى علاجات جديدة في الوقت الذي يقع فيه تشخيص المزيد من جيل الألفية بهذه الحالة وغيرها من الحالات الصحية النفسية".
من جهة أخرى، أوضحت سيراني أنه من بين جيل الألفية الذين يبحثون عن علاج نفسي، هناك من يرغب في الحصول على علاج سريع ولا يبدون أي اهتمام بالتوصل إلى جذور المشكلة التي يعانون منها على عكس الأجيال السابقة. لذلك من المهم أن يكون المعالجون في مجال الصحة النفسية على دراية بطرق تفكيرهم، وأن يحاولوا مساعدتهم على الحصول على العلاج النفسي في مدة قصيرة، والمضي قدما في حياتهم.

JoomShaper