مجد جابر

عمان – منذ اليوم الأول لبدء شهر رمضان المبارك تتواصل أعمال الخير وتتجلى بصور إنسانية عدة؛ إذ تتجدد فرحة المقتدر بالثواب والأجر بأن يكون سببا في زرع البسمة والبهجة على وجه المحتاج الذي يلمس هو الآخر اهتمام أهل العطاء واحساسهم بأوجاعه وتوقه للمساعدة وسط ظروف اقتصادية صعبة يعيشها.


الرحمة والنظر بعين الإنسانية نحو الآخر، تستدعي البحث عمن يحتاج المساعدة؛ وذلك مغزى الشهر الفضيل، بعدم ترك محتاج أو فقير إلا ومشاركته همومه وأحزانه والسعي نحو سد رمق جوعه، وعائلته، كل بحسب مقدرته.
ويأتي العام الثاني لشهر رمضان، في ظل كورونا، ليكون أكثر صعوبة من العام الماضي على عائلات منهكة ومتعبة من الآثار التي خلفتها الجائحة، ما يعني حاجة أكبر لعمل الخير وتقديم المساعدة لمن يعانون أعباء اقتصادية، أو لمن فقدوا أعمالهم أو تأثروا من عمال المياومة، وزادت الحاجة لديهم لتأمين أبسط متطلبات الحياة، من كسوة وطعام وشراب، وفق ما يقوله الاختصاصي الاجتماعي الأسري مفيد سرحان.
كل ذلك وأكثر؛ يفتح المجال أمام المقتدرين ممن يرغبون في فعل الخير بهذا الشهر الفضيل، بالبحث عن عائلات أنهكها الفقر وتفتقر لأبسط أساسيات الحياة، كل ذلك بهدف إدخال الفرح الى قلوبها ومساعدتها بهذه الظروف الصعبة في شهر الخير والتكافل والرحمة.
قدوم شهر رمضان المبارك وسط استمرار انتشار وباء كورونا، وتوقف العديد من القطاعات الاقتصادية عن العمل، وتسريح الكثير من العاملين فيها؛ واتخاذ إجراءات وقاية متعددة؛ أثر على طبيعة الحياة في شتى المجالات؛ وتراجع حال الأسر نحو الأسوأ.
ولأن شهر رمضان يتضاعف فيه الأجر والثواب، وغفران الذنوب، فإن التطلع يكون نحو العطاء والاحساس مع الآخر وتلبية حاجة الإنسان، وبث الفرح والسرور في نفسه بكل الظروف والأزمات، فعمل الخير يعود بفرحتين تغمران المقتدر والفقير، وبالتالي تحقيق التكافل بين أفراد المجتمع، وفق سرحان.
ويضيف أن الغني يفرح بما يقدمه من مال وطعام وكساء للفقير أكثر من فرحه بما يقدمه في غيره من الشهور، لأنه يعلم أن أجره مضاعف عن باقي شهور السنة، ولزيادة حاجة عائلات معوزة في هذه الظروف وتناقص أجور الكثير ممن استمروا في أعمالهم.
ويلفت سرحان إلى أن الفقير يفرح أيضا بقدوم شهر رمضان، لأنه يجد أعداد المقبلين على العطاء أكثر من باقي الأشهر، فيشعر بالطمأنينة والراحة، وبانتمائه لهذا المجتمع المتكافل المغلف بالمحبة والعطاء ولا ينسى أبناؤه.
ووفق سرحان، فإن التكافل والتعاضد والتعاون في رمضان، يزيد الألفة بين أفراد المجتمع الواحد، ويدرك الفقير أن له نصيبا من الحب والعطاء من ما يملك المقتدر.
إلى ذلك؛ تتجدد في رمضان مساحة السعادة بأصعب الظروف؛ فالفرح رضا واطمئنان النفس بالقرب من الله. نراه ايضا في عيون الأطفال الذين لا يدركون حقيقة رمضان، لكنهم يشعرون بالتغير واختلاف هذا الشهر عن غيره، بأبواب الخير المتعددة.
اختصاصي علم الشريعة الدكتور منذر زيتون، يبين بأن السنة النبوية وصفت شهر رمضان بأنه “شهر المواساه”، والشعور والتقارب بين الناس، والشعور بالفقير ومد يد العون له، خصوصا وأن الصدقة في رمضان ثوابها 700 ضعف.
وبحسب زيتون؛ فلابد أن يخرج الإنسان الزكاة ويعرف أحكامها جيدا، إلى جانب صدقة الفطر التي يجب على كل مسلم أن يخرجها، لافتا إلى أن من فطر صائما فله نفس أجره. وهذه السنة مع ظروف كورونا وتأثر الموظفين نتيجة أضرار أصابت القطاعات التي يعملون بها، تراجعت أحوالهم وتأثرت أوضاعهم المادية، وأصبحوا بأمس الحاجة للمساعدة، وتقاسم الخير والمال.
لذلك لا بد من الاحساس بالفقراء والمحتاجين، والسعي لمساعدتهم، أما الأقارب والأرحام فهم الأولى بالمعروف والصدقة، والزكاة، فلو كل شخص نظر إلى أسرته الصغيرة والكبيرة، وقام بمساعدة من يحتاج، فإن الخير سينتشر بين كل أفراد المجتمع، فكل عائلة فيها الغني والفقير، وهنالك قدرة على معرفة من هو بأمس الحاجة للمساعدة.
وينصح زيتون العائلات فيما بينها بأن تجهز صندوق تكافل بينها في شهر رمضان، لمساعدة الأقرباء أولا؛ وثانيا الجيران، والتوسع بعد ذلك بفعل الخير لمن يحتاجه.

 

JoomShaper