عادت صور الطوابير للانتشار في سوريا رغم القمع الرسمي الذي يمنع المواطنين من تصوير تلك المشاهد تحت طائلة الاعتقال بتُهم مثل "وهن نفسية الأمة".
وانتشرت صور من مدينة حلب لما أطلق عليه لقب "أطول طابور في المدينة" بعد توجيه كافة سيارات حلب للتزود بالوقود من محطة واحدة فقط هي محطة حي الزبدية حسبما نقلت وسائل إعلام سورية معارضة.


وتداول ناشطون معارضون وصفحات سورية موالية مقطع فيديو يظهر اشتباكاً مسلحاً على الطابور نفسه بسبب خلاف على البنزين. وقالت وسائل إعلام أن الاشتباك جرى بين مسلحين من ميليشيا بري ومسلحين من ميليشيا الدفاع الوطني.
يأتي ذلك في وقت تجاوز فيه سعر البنزين في السوق السوداء بحلب 4 آلاف ليرة سورية لليتر الواحد نتيجة عدم كفاية مخصصات الآليات من البنزين العادي "المدعوم"، بحسب صحيفة "الوطن" شبه الرسمية.
وكان مراسل التلفزيون السوري في حلب، شادي حلوة، فتح النار قبل أيام على وزير النفط في حكومة النظام بسام طعمة، واتهمه بالتقصير في العثور على حل للشح في تأمين البنزين للمدينة، واصفاً تجاهل وزارة النفط لطلبه بـ "المسخرة".
وبث حلوة مقطع فيديو ظهر فيه طابور طويل من السيارات يمتد لآلاف الأمتار بين محطة وقود الزبدية حتى حي السكرية بحلب، مشيراً إلى أن المواطنين يقفون من الساعة الخامسة صباحاً لساعات طويلة تحت الحر الشديد، وأعرب مواطنون يقفون بانتظار الدور خلال بث شادي حلوة عن إحساسهم بـ "الإهانة والذل"، مؤكدين وقوفهم لأكثر من 24 ساعة ولم يصل دورهم لتعبئة البنزين.
ولا جديد في ذلك على الإطلاق، حيث تحولت سوريا في السنوات الماضية إلى "بلد الطوابير" حرفياً، فيما تختلف نوعية الطوابير بحسب الوقت من السنة، من طوابير الخبز إلى البنزين وغيرها، فيما تبقى الكهرباء غائبة تقريباً طوال السنة، مع زيادة التقنين في فصل الصيف، ضمن مشهد أوسع لتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد.
وكان انقطاع الكهرباء سبباً لاستياء الموالين في الأيام الأخيرة، ونشر العشرات منشورات ساخرة من انقطاع الكهرباء، بما في ذلك الممثلة شكران مرتجى، فيما كان الموالون الراديكاليون حاسمين في تصديهم للاستياء الشعبي مع تكرار القول أن مشهد الطوابير أو العتمة الدائمة هي تعبير عن الشرف والبطولة لأن "الدولة" في حالة حرب، وأن الوقوف على الطابور أشرف من انتظار المساعدات في مخيمات اللاجئين.
وتساءل معلقون في "فايسبوك" و"تويتر" عن أسباب زيادة التقنين في البلاد، وانتشرت نظرية منطقية تفيد بأن استمرار التقنين الكهربائي بهذه الطريقة مع غياب الأسباب الموجبة له يشير ربما إلى تمهيد لرفع الدعم عن قطاع الطاقة في البلاد، والاعتماد على شركات خاصة أو مبدأ الأمبيرات، مثلما هو الحال مع أصحاب المولدات في لبنان على سبيل المثال، وبما يتوازى مع تطبيق هذا الأسلوب في قطاعات أخرى، مثل الاتصالات بعد تحويل خدمات الإنترنت في البلاد إلى نظام البطاقات المدفوعة في وقت سابق.
وكتبت صفحة "أخبار اللاذقية" الموالية في "فايسبوك" منشوراً أشارت فيه إلى ارتباط موجة التقنين الأخيرة بوصول بواخر محملة بألواح طاقة شمسية وبطاريات هندية، إلى مرفأ المدينة، ولم تشر الشبكة إلى اسم الجهة المستوردة لتلك البضائع ولكنها لمحت لارتباطها بحكومة النظام السوري.

JoomShaper