فاطمة نادي
يمتلئ عالم اليوم بالعوامل التي تتسابق في جذب انتباهك، تظن أنها ستأخذك لبضع دقائق، ثم تجد أنك وقعت فيما يشبه ثقبًا أسود يبتلع تركيزك، ويسرق وقتك، إنهم لصوص الانتباه، الذين سنتعرف عليهم في السطور التالية، ونحاول أن نستعرض طرقًا لمواجهتها.
ولكن أولًا دعونا نوضح ماذا يقصد بعدم القدرة على التركيز. إننا نعتمد يوميًا على التركيز في العمل أو أماكن الدراسة مثل المدارس والجامعات، وعندما لا تكون قادرًا على التركيز تصبح غير قادر على التفكير بوضوح، أو التركيز على مهمة ما، أو الحفاظ على انتباهك، وقد يتأثر أداؤك في العمل أو المدرسة، وقد تجد أيضًا أنك لا تستطيع التفكير جيدًا؛ مما قد يؤثر على قدرتك على اتخاذ القرار. الآن ننتقل إلى قائمة أبرز لصوص الانتباه، وقتلة التركيز، وكيف يمكننا تفاديهم.
1. السوشيال ميديا: لا تخف لن يفوتك شيء
اللص الأول معنا، والذي يعد من أهم أسباب ضعف التركيز وتشتت الانتباه: وسائل التواصل الاجتماعي، تلك الوسائل التي تعدك بتيسير التواصل مع الأصدقاء وغيرهم، لكنها على الجانب الآخر تقطع تواصلك عن العمل ربما لعدة مرات في الساعة. ومع كل تحديث حالة، أو إشعار جديد، ينقطع حبل أفكارك، ويذهب بك بعيدًا عن استئناف العمل أو الاستذكار.
ولمواجهة هذا اللص تنصح عالمة النفس لوسي بالادينو بتجنب تسجيل الدخول إلى مواقع التواصل الاجتماعي خلال وقت العمل، وإذا كنت تشعر برغبة شديدة في الدخول بين الحين والآخر، فافعل ذلك في أثناء فترات الراحة، بحيث لا يؤدي التدفق المستمر للمنشورات إلى مقاطعة تركيزك.
وإذا لم تتمكن من مقاومة تسجيل الدخول على نحو متكرر، انتقل مع هاتفك أو الكمبيوتر المحمول إلى مكان لا يمكنك فيه الوصول إلى الإنترنت لبضع ساعات.
2. الهواتف المحمولة: ضع هاتفك على الوضع الصامت
اللص الثاني في القائمة لا يختلف كثيرًا عن سابقه، بل هو المولّد له، إنها الهواتف الخلوية بما تحويه من تطبيقات وبرامج تبرع في سرقة انتباهك وتركيزك بالساعات الطوال دون أن تشعر. هذا فضلًا عن المكالمات غير المهمة التي قد تصلك، وتعطلك عن أداء مهامك.
وللتعامل مع هذا اللص يمكنك تفعيل إرسال المكالمات غير الطارئة إلى البريد الصوتي، وإذا كنت تعمل على مشروع مهم يمكنك وضع هاتفك على نظام الصامت. ولاحقًا يمكنك التحقق من بريدك الصوتي عندما يتوفر لديك الوقت، والاستماع إلى جميع رسائلك في وقت واحد بدلًا عن إضاعة الوقت وتشتت الانتباه في الرد على كل مكالمة وقت وصولها.
3. تعدد المهام: رتب أولوياتك ولا تنشغل بأكثر من مهمة في المرة
قد يبدو أن القيام بمهام متعددة في آن واحد يجعلك تشعر بإنجاز المزيد من المهام في وقت أقل. ولكن يقول الخبراء إنه على عكس المتوقع يزداد فقدان الوقت كلما اتجهت إلى تحويل انتباهك من مهمة إلى أخرى، وتصبح النتيجة النهائية هي أن يستغرق إنجاز ثلاثة مشاريع معًا عادةً وقتًا أطول من القيام بها واحدة تلو الأخرى.
وبهذا الشأن تنصح نانسي بمحاولة تكريس الانتباه على أداء مشروع واحد كل على حدة، خاصة إذا كنت تعمل في مهمة مكثفة أو ذات أولوية عالية. وادخر مهاراتك في تعدد المهام لأداء الأعمال الروتينية غير العاجلة أو المتطلبة، مثل ترتيب مكتبك أثناء التحدث على الهاتف.
4. التوتر والإجهاد: الجأ لليوجا والتأمل
الإجهاد أمر وارد حدوثه لنا جميعًا، ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة على التركيز إذا أصبح مزمنًا، ويؤثر على الوظائف الإدراكية المهمة. كذلك فإن التوتر العاطفي له آثاره السلبية على التركيز والانتباه؛ فقد تجعل مخاوف العمل، وقضايا العلاقات، والمخاوف الصحية من الصعب التركيز.
وللتغلب على التوتر يمكنك ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوجا، أو تتمشى يوميًا لمدة نصف ساعة، وسوف تساعدك مثل هذه الأنشطة على تقليل التوتر. بالإضافة إلى ذلك، احرص على الحصول على قدر كافٍ من النوم ما بين سبع إلى تسع ساعات، سيساعدك هذا في إنجاز المزيد خلال ساعات استيقاظك، وجدير بالذكر أن قلة النوم قد تستنزف سعة الانتباه والذاكرة قصيرة المدى لديك.
5. بعض الأمراض التي لا تتعامل معها على أنها سمات شخصية
أيضًا قد يكون سبب عدم القدرة على التركيز الإصابة بأحد الأمراض، وترتبط صعوبة الانتباه على نطاق واسع باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهو المشتبه به الأول الذي يشكك به الأطباء والمعلمون وأولياء الأمور إذا لوحظ الأمر في الأطفال.
كذلك يأتي الاكتئاب ضمن القائمة، مع أن معظم الناس يعتقدون أن الحزن هو السمة المميزة للاكتئاب، لكن المعهد الوطني للصحة العقلية يقول إن صعوبة التركيز هي واحدة من أكثر الأعراض شيوعًا. وإذا كنت تواجه مشكلة في التركيز، وتشعر أيضًا بالفراغ، أو اليأس، أو اللامبالاة، فقد تكون مصابًا بالاكتئاب. وفي هذه الحالة ينبغي التوجه إلى طبيب مختص يحدد طرق العلاج.
6. الملل: اكسر روتين يومك
للملل سمعةً سيئة؛ لما يعتقده الكثير من الناس بشأن حالة الملل التي تؤدي إلى نقص الإنتاجية، والقدرة على التركيز على مهمة ما. كذلك يؤدي الشعور بالملل إلى تناقص سعة الانتباه؛ ما يجعلنا أكثر عرضة للإلهاءات.
وأحد المقترحات لمواجهة ذلك هو إعطاء نفسك استراحات تمارس فيها أي فعل محبب يجدد نشاطك، على سبيل المثال، بعد العمل على مهمة لفترة من الزمن، امنح نفسك استراحة لمدة 10 دقائق، يمكنك خلالها تناول فنجان مع القهوة، أو وجبة خفيفة مفضلة، أو الخروج للمشي.
7. الجوع والعطش: لا تجوّع نفسك
يعد الجوع كذلك من لصوص الانتباه الكبار، وهو مصدر إلهاء لنا جميعًا. يرتبط الجوع مباشرةً بانخفاض نسبة السكر في الدم؛ مما يؤدي بسرعة إلى الإرهاق وانخفاض مستويات الطاقة؛ وكل ذلك يفسد قدرتك على التركيز.
والحل هنا بسيط، فقط احرص على تناول نظام غذائي صحي، تتوفر فيه الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، وتناول حصة متوازنة من البروتينات، والكربوهيدرات، علاوة على شرب ما لا يقل عن لترين من الماء يوميًا؛ إذ إن فقدان التركيز هو أحد الآثار الجانبية لعدم شرب كمية كافية من الماء، ولو بنسبة 1٪ فقط أقل من القدر الأمثل من الماء، يمكن أن يسبب نقص التركيز.
وقد يؤدي الجفاف أيضًا إلى أعراض أخرى تؤدي بدورها إلى تقليل التركيز، مثل الصداع، والتعب، وتدهور الحالة المزاجية.