عندما أسست مجموعة من الأخوات الفاضلات من هذا المجتمع وكان لي شرف التأسيس معهن (جمعية محاربة الرذيلة في القنوات الفضائية). وأنشأنا لها موقعا على شبكة الإنترنت باختصار اسمها (فضيلة), في نهاية شهر رمضان الكريم العام الماضي كنا نضع أمامنا حماية المجتمع من معاصي ومنكرات ما تبثه بعض القنوات الفضائية التي يملكها الأثرياء مع الأسف, ولا هدف لهذه القنوات سوى تسويق الرذائل وتلميع الكبائر والتهوين منها بل اعتبارها (حرية شخصية)! وتيسير أساليبها في عيون من يتابع برامجها.
لم نكن الوحيدين الذين يدركون أن أمانة الاستخلاف هي المسؤولية العظمى التي تحمي المجتمع بجميع شرائحه من انتشار الفساد والرذائل, وتسويق الكبائر والتهوين من عقوباتها, واعتبارها (حقا شخصيا), وانتقل هذا الحق الشخصي الذي يدعون وفق شعار (الحرية) من مستوى الممارسات الفردية التي قد لا يعلم عنها أحد وتبقى بين العبد وخالقه! إلى مستوى التشجيع عليها والتدريب على ممارستها كما هي تدريبات برنامج (ستار أكاديمي)! التي بحت أصوات الأفاضل رفضا وإنكارا! ولكن استمرت هذه البرامج المسمومة تبث ويحتفل بها سنويا لأي مجاهرة بالمعاصي فضحتها تقارير وشكاوى بعض اللاتي اشتركن ثم انسحبن لأسباب أرفض أن أذكرها في مقالتي هذه! ولكن من هم خلف كواليس الدعارة يعلمون عنها.
عندما أسسنا جمعية (فضيلة) فوجئنا منذ النشر عنها بهجوم من بعض الكتاب وسخرية واستهزاء بأهداف الجمعية السامية! بل بمنع نشر أي مقال يدافع عنها أو حتى يوضح أهدافها!
واجهتنا صعوبات أدت إلى عدم الحصول على موافقة رسمية لها. هذا الموقف كان يوضح من هم المستفيدون من تسويق الرذائل عبر الإعلام القادم من الدول المجاورة .
برنامج الخط الأحمر السيئ الذي تبثه قناة الـ (إل بي سي) هو أحد النماذج المبتذلة لهذا التسويق للرذائل, ولقد استضاف سابقا أحد السعوديين كي يقرأ مقاطع مبتذلة من إحدى رواياته! ولولا رفض الضيفة وهي إحدى الكاتبات الخليجيات التي كانت في حالة قرف من هذا الشخص ومن إنتاجه الرديء الذي كان يستعرضه أمام الجميع وبتشجيع من مقدم البرنامج الذي جند هذا البرنامج لتسليط الضوء على المرضى عقليا بالهوس الجنسي كي يبرزهم كنماذج للسعوديين!تخصص هذا البرنامج في أساليب الإثارة كي يزيد من مساحات مشاهديه ويكسب إعلانات تجارية من أموال سعودية أيضا! وفي الوقت نفسه يشوه صورة هذا الوطن بصفته أرض الحرمين.
وسبق أن روج للشذوذ الجنسي واستضاف سحاقيات وشاذين من الذكور كي يتحدثوا عن كبائرهم وكأنها (حق شخصي) وأنهم أناس عاديون! وهذه من نتائج تطبيقات اتفاقيات حقوق الإنسان التي تعتبر أن هؤلاء أناس عاديون يمارسون حقهم الطبيعي! وبين فترة وأخرى نجد أن الإعلام الغربي يتابع أخبار هؤلاء الشاذين في عالمنا الإسلامي كي ينبري للدفاع عنهم!
وما بثته القناة منذ فترة لفضائح الشاب السعودي الذي يعمل في ''الخطوط السعودية'' ومجاهرته بالزنا وباصطياد الفتيات من المراكز التجارية والحديث عن قضايا الجنس بعبارات مقززة! يمكن اعتباره ترجمة لما كانت تخطط له أهداف ''ستار أكاديمي'' ويأتي (الخط الأحمر) كي يحوله إلي واقع! فلا تقع عيناه إلا على القاذورات يلتقطها من شوارع جدة أو سواها!
ولأن ماقام به هذا الشاب يعد من الكبائر في منظومتنا الإسلامية التي تضع الحدود الفاصلة بين المعاصي والكبائر, وبين المجاهرة بالمعاصي والستر عليها، أحالت الجهات الأمنية المختصة في جدة هذا الشاب الذي ستره الله ألا أنه أبى إلا أن يفضح نفسه أمام الملأ ويجاهر بارتكاب جرائم الزنا, في هذا البرنامج تحت الخط الأحمر في هذه القناة الفضائية, إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال التحقيقات معه، بعد أن تقدم قرابة 100 شخص بعدة شكاوى ضد المذكور، واتهامه بالمجاهرة بالمعصية وذكرت بعض الصحف أن الدعوى المرفوعة ضده طالبت بمثوله أمام القضاء والنظر في المخالفات والتجاوزات التي بدرت منه شرعا والحكم عليه بما يراه الشرع، كما تضمنت الدعوى سردًا للتهم الموجهة إليه من قبل المدّعين ومنها المجاهرة والاعتراف العلني والصريح بممارسة الفاحشة والتحريض عليها إلى جانب عرضه أنواعا متعددة من المواد المحرمة والممنوعة وترويجه بعض الكتب الجنسية والتحدث بشكل علني مع عدد من الشباب عن طرق وأساليب اصطياد الفتيات والإساءة المباشرة إلى المجتمع السعودي وأخلاقياته. ورغم أن هذا الشاب كان سعيدا ومبتهجا أثناء بث البرنامج وكأنه أحدث فتحا تاريخيا سيخلده! نجده بعد أن تم القبض عليه ينفي صحة نسبة التصريحات إليه متهما القناة بالقيام بعملية دبلجة ومونتاج لصوته، وهو ما نفته القناة التلفزيونية. ومن الغريب أن نجد في بعض المنتديات من يعتبر أن المطالبة بالحكم على هذا الشاب بما يراه الشرع نوعا من دفن الرأس في الرمال, فالمجتمع السعودي, كما يقولون, مليء بأمثال هذا الغاوي! وكأن وجود الأراذل يعفيهم من العقوبة! ينسون أن الدين الإسلامي هو دين حماية أمن الفرد النفسي والاجتماعي والاقتصادي من أذى المفسدين. ووجود هؤلاء الذين لم يكتفوا بفعل المعاصي والمنكرات بل عمدوا إلى المجاهرة بها والافتخار بارتكابها والتحدث بذلك بغير ضرورة، والله تعالى يقول: ''لا يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ'' (النساء:148). وقال النبي ـ صلي الله عليه وسلم: ''كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه''.
وهذا الشاب جاهر بمحاداة دين الله - عز وجل - عبر هذا البرنامج وسمح لكاميرات البرنامج السيئ أن تتجول في غرفة نومه وتسجل عباراته القذرة وتبادل النكات الإفسادية بين أصدقائه!
فهل تمت دبلجة هذه المناظر أيضا؟
إننا هنا نطالب بتطبيق العقوبة القضائية على هذا الشاب ليكون عبرة لغيره فالمجاهر بالمعصية كما ذكر أحد القضاة ينطبق عليه الحكم المختص في قضايا بث إشاعة الفاحشة بين المؤمنين عامة وإن من يبث الفتنة والفساد بشكل واضح وصريح عبر قناة فضائية على مرأى من المشاهدين بمختلف جنسياتهم ودياناتهم وعلى مسمع كل الفئات السيئة في المجتمع يطبق عليه الحكم القضائي الذي يتناسب قوة مع قوة المجاهرة وبالطريقة التي بثت بها و بالآلية التي تمت بها عبر الوسائل المنتشرة.
وكما قال أيضا أستاذ نظم الحكم والقضاء والمرافعات الشرعية في مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة الدكتور حسن بن محمد سفران: إن ما تلفظ به الشاب وتصريحه ومجاهرته بالمعصية، يعد ضربا من ضروب الإفساد في الأرض ونشرا للرذيلة والفاحشة، وينبغي التوثق من أقواله وما نطق به، وبعد التأكد من سلامة قواه العقلية ينظر القضاء في ضوء ذلك في أمره مع الاحتراز لأن الدعوى قد تمتد إلى أطراف آخرين غيره حسبما يكتنفها من ظروف وأحوال يمكن أن ينزل عليها الحكم الشرعي.
وأشار سفران إلى أن ''الإسلام لدرء المفاسد وجلب المصالح، وينبغي عند ذلك أن تشترك في نظر القضية دائرة قضائية تطلع على ملابساتها ولفت نظر القناة والقائمين عليها وجميع الأطراف التي سجلت اللقاء واشتركت في عرضه، إلى أن هذا الفعل محرم ومجرم شرعا وضرب من ضروب الإفساد في الأرض''.
وأوضح الدكتور سفر: ''إن العقوبة في هذه الحالة يجب أن تكون رادعة وزاجرة لغيره من الاجتراء على مثل ذلك السلوك الشائن والمجرم شرعا''.
**في الوقت نفسه نطالب أيضا بمعاقبة القناة وإغلاق مكاتبها في المملكة, وأن يتم تعاون التجار في مقاطعتها وعدم الإعلانات فيها, فالمتاجرة بالكبائر ومحاربة الأخلاق والفضائل لا بد أن يتم إيقافها ومحاسبة كل من استمرأ العبث بها متكئين على حرية الرأي وحرية الإعلام.
مجتمعنا ليس ملائكيا كما يردد البعض تبريرا لهذا المجاهر بالكبائر! نعم هذا صحيح ولكن معا نحن المواطنين وليست الجهات المسؤولة فقط من ترفض أن يتحول هذا المجتمع إلى وسيلة استرزاق لدى السفلة الذين لا يستطيعون الرؤية لأي موقف, إلا من خلال الرذائل والكبائر.
د.نورة خالد السعد
صحيفة الاقتصادية الالكترونية