وائل عصام
أنطاكيا – «القدس العربي»: تشهد مختلف مناطق سوريا زيادة في ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة، في الوقت الذي تؤكد فيه مصادر “القدس العربي” أن الأوضاع المعيشية الصعبة هي المتسبب الأول.
وحسب المدير العام لـ”الهيئة العامة للطب الشرعي” في سوريا، زاهر حجو، فإن عدد الأطفال اللقطاء الموثق بلغ 53 طفلاً، منذ بداية عام 2022 حتى تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته.


وسجلت دمشق أكثر الحالات وهي 12 حالة، وحلب 10 حالات، وريف دمشق 9 حالات، لكن شهادات متقاطعة تؤكد أن الأرقام أكثر من ذلك بكثير.
وتُجْمِل الصحافية السورية الاستقصائية، عائشة صبري لـ “القدس العربي” أسباب زيادة الظاهرة بالخلل في المنظومة الأخلاقية المجتمعية، وغياب الوازع الديني إلى جانب انتشار الآفات المجتمعية مثل المخدرات والدعارة.
وتضيف أن من الأسباب أيضاً غياب التعليم مقابل تفاقم الجهل، حيث تعتقد بعض النساء أن رمي الأطفال أقل حرمة من الإجهاض، وتلفت كذلك إلى مساهمة التشتت الأسري في زيادة الظاهرة.
وفي المجمل فإن كل هذه الأسباب تتعلَّق بظروف الحرب، مشيرة إلى اتساع نسبة الفقر بين الأسر حيث لم تعد هناك طبقة وسطى، مقابل انتشار الطبقة الفقيرة، وبالتالي يصبح إنجاب الأطفال من الأعباء الإضافية، ما يدفع بالعائلات المعدومة لاتخاذ قرار برمي الأطفال في الأماكن العامة والتخلّي عنهم. من جانب آخر، تلفت صبري إلى عدم وجود إرشادات كافية للأسرة حول عملية الإنجاب، موضحة أنه “يحصل الحمل وفق احتمال غياب وجود رغبة لدى الزوجين، وقد يدفع مثل هذا الأمر العائلة التي تُعاني من الفقر المدقع للتخلي عن وليدها الجديد”.
وحول الحلول تشدد الصحافية على ضرورة نشر التوعية المجتمعية، وتقول: “لا بد من إيجاد وسائل بسيطة لترشيد العائلات حول ثقافة الإنجاب، بالإضافة للحاجة إلى تكوين فرق عمل وشبكات اجتماعية تقوم بجولات بين المنازل والأحياء من أجل إقناع العائلات بخطورة هذا الفعل وحرمته قانونياً ودينياً”.
كذلك يشكل توفير الدعم المالي للأسر الفقيرة والتكافل الاجتماعي واحداً من الحلول. وأردفت صبري “قد يصعب تحقيق وصول واسع لكن محاولة تعميم ونشر فكرة الدعم وغيرها قد تحد من انتشار هذه الظاهرة”.
ويؤكد الصيدلي حميد عرن لـ “القدس العربي” أن ارتفاع أسعار حبوب منع الحمل يسهم في زيادة انتشار هذه الظاهرة، ويقول “العديد من العائلات يعتمد على المساعدات والأدوية التي تقدمها الجمعيات، والأخيرة لا تقدم الأدوية بشكل منتظم”.
وحسب زاهر حجو فإن الهيئة العامة للطب الشرعي تتولى فحص الحالة الصحية للطفل، والتأكد من خلوه من الأمراض، ومعرفة ما إذا كان تعرض لأي نوع من الاعتداءات، وتحديد عمره وكيفية ولادته، وتدوين كل المعلومات المتعلقة به سواء كان حياً أو متوفياً، ثم يسلم إلى الشرطة، وهي تتخذ إجراءاتها بدورها. وقال موقع “أثر برس” لم تعرف الأسباب الحقيقية التي تدفع الأسر للتخلي عن أطفالهم، إذ عثر خلال الأشهر الأخيرة على العديد من هؤلاء الأطفال ضمن علب كرتونية أو ضمن أغطية شتوية أحياء يصارعون الجوع والأجواء الصعبة، في حين لم يحالف بعضهم الحظ وتوفي قبل أن يصل إليه أحد. وأوضح الموقع أن عقوبة ترك الطفل في الشارع من قبل ذويه بحال وجود الأم والأب ليلقى مصيراً مجهولاً، هي السجن لمدة تصل إلى 15 عاماً، وفقاً لتقديرات القضاء.ئ

JoomShaper