علا أبو الخير
عمان- "في هذا التوقيت من كل عام يرافقني مزاج سيئ، وتبدأ لدي حالة الكسل والخمول"، هكذا وصفت العشرينية منى أحمد ما تعانيه من شعور مع بداية فصل الخريف والفترة الانتقالية بين الفصول؛ حيث يظهر لديها خلال هذه المدة أعراض التعب وكثرة النوم.
يتزامن مع هذه الحالة، وفق منى، بقاء قائمة المهام المطلوبة منها قيد الانتظار لأيام عدة، الأمر الذي يفاقم بدوره شعورها بالتوتر والتعب، رغم محاولتها التغلب على هذه المشكلة في الخروج والجلوس مع الأصدقاء.
وكذلك الحال مع أيمن (30 عاما)؛ حيث تثير رؤية الأجواء الغائمة والسماء الملبدة بالغيوم مشاعر الكآبة والحزن في داخله والتي ترتبط في ذهنه بشعور الملل والركود، ولا شيء يحسن من مزاجه إلا رؤية الشمس وتناول الطعام.
أعراض نفسية وجسدية ثقيلة يعاني منها البعض خلال الفترة الانتقالية بين الفصول، وتبدأ في معظم الحالات مع فصل الخريف وبداية الشتاء وتنتهي مع بداية الربيع والصيف.
وتسمى هذه الحالة من الملل والإحباط والكسل "الاكتئاب الموسمي"، بحسب الاختصاصي النفسي د.موسى المطارنة، وتنتج عن عدم القدرة على التكيف الذاتي مع معطيات الحياة وتغير الفصول والتقلبات الجوية والبيئية والنفسية التي تحدث في هذه الفترة، ما يؤثر على نشاط الشخص ودافعيته.
ويشتمل "الاكتئاب الموسمي" على مجموعة من الأعراض، منها صعوبة التركيز، الإفراط في النوم، اضطرابات الأكل والشعور بالتعب وقلة النشاط.
وتختلف الأعراض بشدتها من شخص لآخر، هناك من يتعامل معها سريعا ويتأقلم مع التغيرات وهناك من يبقى عالقا بها لوقت أطول، بحسب المطارنة.
وفي ذلك، ينصح المطارنة بالتعرض الضوئي والتعرض للشمس وتهوية المنزل، فضلا عن ممارسة النشاطات المحببة والهوايات، كالمشي في الخارج ورؤية الأصدقاء وغيرها من الأنشطة التي تعزز حالة النشاط والطاقة الداخلية الإيجابية، بحيث تتغلب على انعدام الطاقة الموجود عند الشخص.
ويوضح، الإنسان إذا قام بتهيئة نفسه لشيء معين يعيشه، سيشعر أن لكل فصل جماليته وظروفه وميزاته، وسيستطيع رؤية الجانب الإيجابي والتغلب على قلة الدافعية وتحدي المشاعر الحزينة والكئيبة التي قد تنتابه.
ومع حدوث التغيرات الجوية في درجة الحرارة في فصل الخريف، تكثر الفيروسات ونسب الإصابة بالبرد والزكام، لذا تشير اختصاصية التغذية، ربى العباسي، إلى أهمية رفع المناعة خلال هذه الفترة من خلال التركيز على النمط الغذائي الصحي الغني بالفيتامينات والمعادن.
وتذكر العباسي بعض المواد الغذائية التي تسهم في رفع المناعة، منها كأس اللبن والتمر واللوز الذي يعد خليطا جيدا يحتوي على فيتامينات كافية ويسهم في تنشيط جهاز المناعة والحماية من الجراثيم المرضية ويمنح الجسم الطاقة، إضافة إلى بعض المواد الغذائية الأساسية، مثل الخضراوات الغنية بمضادات الأكسدة كالفلفل الملون، القرع والجرجير.
ومن الفاكهة، تشير العباسي إلى الموز نظرا لاحتوائه على البوتاسيوم الذي يساعد على تنظيم نسبة الماء في الجسم والأكسجين وموازنة الدم، ما يخفف من حالة التعب والإرهاق ويمنح الفرد الطاقة، فضلا عن احتوائه على مادة "التربتوفان" التي تخفف من الاكتئاب، وفاكهة الخريف، الرمان، المثبطة للفيروسات.
وبما في ذلك البقوليات بأنواعها كالعدس، والحبوب مثل بذور الشيا وبذور حبة البركة المحتوية على الأحماض الأمينية الدهنية الأساسية.
وهناك إضافات عدة وخيارات غذائية متنوعة تساعد على رفع المناعة وتحسين الصحة النفسية والجسدية خلال الفترة الانتقالية بين الفصول، بحسب العباسي؛ حيث يمكن للفرد إدخالها في وجباته اليومية، مثل مهروس الثوم ومبروش الزنجبيل وغيرها من المضادات الحيوية الطبيعية.
وتنوه العباسي إلى أهمية وجود المشروبات الساخنة من الأعشاب الطبيعية خلال اليوم لتنظيم درجة حرارة الجسم وتجنب الاحتقان مثل مشروب الزعتر، في مقابل تجنب الأغذية المقلية والدهون والأغذية المالحة قدر المستطاع لأنها تثبط من جهاز المناعة وتجعله أكثر عرضة للأمراض الموسمية، مع الحرص على تجنب الإكثار من السكريات وأخذها من مصادر صحية كالفاكهة المجففة والشوكولاته الداكنة التي تحسن المزاج.
وتلفت العباسي إلى دور الحفاظ على ممارسات وطقوس صحية كالنوم الكافي والمشي يوميا أو يوما بعد يوم لمدة (20-30 دقيقة) في رفع حالة النشاط وتنشيط الدورة الدموية وتعزيز الصحة النفسية والجسدية لدى الشخص.
وفي الختام، تنصح العباسي بإجراء الفحوصات المخبرية في حال وجود مشكلة صحية أو خمول وتعب شديدين لدى الشخص، وعلى أساسها يتم تحديد الجرعة المناسبة من حبوب المكلات الغذائية والفيتامينات.
وقد أشارت دراسة إلى أن نسبة الإصابة بالاكتئاب الموسمي تقدر بنحو 10-20 % من السكان حول العالم، وهي حالة غالبا ما تكون عابرة، علاوة على ارتفاع نسب الإصابة بالبرد والزكام وغيرها من الأمراض خلال فصلي الخريف والشتاء، تحديدا مع بداية التقلبات الجوية.
تكشف بيانات منظمة الصحة العالمية، أن حوالي خمسة في المائة من البالغين في العالم يعانون من "الاكتئاب"، وقد يعاني المصابون بالاكتئاب من تفاقم أعراض المرض خلال أوقات معينة من العام، والتي قد ترتبط بتغير المواسم، وهو ما أطلق عليه "الاكتئاب الموسمي"، الذي يعد جزءا من "الاضطرابات العاطفية الموسمية"، بحسب الموقع الإلكتروني لـ"مايو كلينك".
ويشير موقع "جونز هوبكنز ميديسن" إلى أن "الشعور بالاكتئاب يختلف عن الحزن أو التعاسة، وهو ليس علامة على ضعف الشخصية"، وعادة ما تبدأ "الاضطرابات العاطفية الموسمية خلال مرحلة البلوغ، ويزداد خطر الإصابة بها مع تقدم العمر".