عدنان بن سلمان الدريويش
خلال فترة الطفولة تكون نظرة الطفل للجنس الآخر عبارة عن نظرة صداقة، نظرة لعب ولهو، ولا تحمل أي علاقة عاطفية جنسية، لكن خلال فترة المراهقة تبدأ مشاعر الانجذاب العاطفي بين الذكور والإناث، وهي ميول غير واضحة للمراهق نتيجة قلة الثقافة والمعلومات الخاطئة التي يتلقاها من المجتمع؛ لذا أمَرَ الإسلام المرأة بالستر وعدم الخضوع بالقول حتى لا يقع الرجال في الفتنة، قال تعالى: ﴿ يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32].
تقول أم سعاد: ابنتي تدرس في الثانوية، وتذكر لي أن صديقاتها بالمدرسة يضحكن عليها ويعتبرنها غير متحضرة؛ لأنها ليس لديها علاقة صداقة عاطفية مع شابٍّ تتحدث وتتبادل صورها معه، وتخرج معه للتنزُّه، أنا خائفة على ابنتي، ماذا أفعل؟
أيها الآباء وأيتها الأمهات، عندما تجد المراهق يُظهِر اهتمامًا بالحديث والقراءة عن المواضيع العاطفية معكم أو مع أصدقائه، أو لاحظت قيامه ببعض التصرفات المنحرفة، أو الإكثار من النكت والعبارات الجنسية، أو الفضول لمعرفة ومشاهدة ومراقبة الجنس الآخر، أو الاهتمام بمظهره وشكله اللافت للنظر للجنس الآخر، فإن هذا مؤشر لبداية التعلُّق العاطفي للجنس الآخر، ويحتاج منا إلى الوقوف عليه ومعالجته.
إن العلاقات العاطفية بين المراهقين لها آثارها السلبية في المراهق والمجتمع، ومنها:
- تعرُّض المراهق لضغوط نفسية وعقلية بسبب عدم استقرار مشاعره نحو الجنس الآخر قد تدفعه للتهور وارتكاب تصرُّفات تؤذي نفسه والآخرين.
- انخفاض المستوى الدراسي والأكاديمي بسبب عدم القدرة على التركيز والتفكير الدائم في العلاقة العاطفية.
- ظهور القلق والتوتُّر والحزن الشديد على المراهق وتفضيل العزلة والبقاء وحيدًا عن المجتمع بسبب تجاربه العاطفية التي قد تكون عرضته للصدمة النفسية نتيجة الانفصال العاطفي عن الجنس الآخر.
إن الأسرة تقوم بدور مهمٍّ في بناء العلاقات الإيجابية للمراهقين سواء كانت مع نفس الجنس أو غيره؛ ولذا أنصح كل مُرَبٍّ بالتالي:
- تحدَّثْ مع أولادك منذ الصغر عن العلاقات وآدابها وطرق التعامل مع الآخرين، لكي يشعر بالأمان عند الحديث معك عن علاقاته العاطفية عندما يصل لمرحلة المراهقة.
- الحوار معه عن الحكم الشرعي في مسائل الاختلاط والعلاقات بين الجنسين، مع ذكر الآثار المترتبة على العلاقات العاطفية المُحرَّمة على الشخص وعلى المجتمع.
- مساعدته في اختيار الأصدقاء الصالحين، وإبعاده عن أصحاب السوء.
- تقوية العلاقة الأسرية بين الوالدين وجميع الأولاد، وإشباع الجميع بالحب والاحترام، والابتعاد عن الضرب والتعنيف والطرد والاستهزاء حتى لا يبحث المراهق عن العاطفة من خارج البيت.
- بناء القيم والأخلاق في الأسرة، وصناعة القوانين الأسرية التي تحكم البيت، ومن ضمنها استخدام الأجهزة الإلكترونية والعلاقات مع الآخرين.
- الحذر من تطبيقات الدردشة والعلاقات المُحرَّمة على الأجهزة الإلكترونية، وبيان أثرها في الشباب والفتيات.
- استثمار طاقة المراهق في الأعمال التطوعية وخدمة المجتمع، والمشاركة في المراكز الصيفية والأندية الرياضية والثقافية والشرعية.
- إبراز القدوات الصالحة من السلف الصالح وقيادات المجتمع عن طريق القراءة والقصص واللقاءات العامة وزيارة المبدعين والمتميزين.
- الاستماع والإنصات للمشاكل التي يتعرض لها المراهق، ثم علاجها بطرق تربوية، مع الاستعانة ببعض المستشارين المتخصصين في المجال التربوي.
- كن مستعدًّا للأسئلة الصعبة التي ترد من المراهق، اقرأ وتعلَّم وثقِّف نفسك حتى تستطيع الإجابة عن تساؤلات أولادك، مع توفير البيئة الآمنة لذلك.
- تجنَّب الشِّجار والخلاف معه حتى لا تكون فجوة بين المراهق وأسرته.
- لا داعي للقلق عند الحوار مع المراهق عن الجنس والعلاقات العاطفية المُحرَّمة؛ لأن تأجيل الحوار عنها يجعله يبحث عنها في المواقع المنحرفة والشاذة التي تهدم نفسيته وشخصيته وتديُّنَه.
أسأل الله العظيم أن يصلح أولادنا، وأن يجعلهم هداة مهتدين على سيرة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.